- المحامي :: أحمد خميس
تعرّف المسؤولية بأنها حالة الشخص الذي ارتكب أمرا يستوجب المؤاخذة وتنقسم المسؤولية بشكل عام إلى قسمين رئيسيين هما المسؤولية الأدبية والمسؤولية القانونية. المسؤولية الأدبية: وهي المسؤولية التي لا تدخل في دائرة القانون ولا يترتب عليها جزاء قانوني، بل إن أمرها موكول إلى الضمير والوجدان والوازع الداخلي، وبالتالي هي حالة الشخص الذي يخالف قاعدة من قواعد الأخلاق، والمتعارف عليها بأنها مكملة للقواعد القانونية. يتضح أن المسؤولية الأدبية تقوم على أساس ذاتي محض فهي مسؤولية أمام الله وأمام الضمير وكما أن هذه المسؤولية تتحقق حتى لو لم يوجد ضرر. المسؤولية القانونية: وهي المسؤولية التي تدخل في دائرة القانون ويترتب عليها جزاء قانوني، وبالتالي هي حالة الشخص الذي يخالف قاعدة من قواعد القانون، ولا تتحقق هذه المسؤولية إلا إذا وجد ضرر ولحق هذا الضرر شخصا آخر غير المسؤول. ونستخلص مما سبق أن المسؤولية الأدبية أوسع نطاقا من المسؤولية القانونية، لأنها تتصل بعلاقة الإنسان بربه وبعلاقته بنفسه وبعلاقتة مع الناس،بخلاف المسؤولية القانونية التي لا تتصل إلا بعلاقة الإنسان بغيره من الناس. وتنقسم المسؤولية القانونية بدورها إلى قسمين، جنائية ومدنية: 1. المسؤولية الجنائية: وهي التي تتحقق عندما يرتكب الشخص فعلا يشكل جرما يعاقب عليه القانون، فتقوم هذه المسؤولية على اعتبار أن هناك ضررا أصاب المجتمع من جراء ارتكاب هذا الشخص فعلا يخالف القواعد القانونية العامة التي تنظم شؤون الحياة في المجتمع وتترتب على مخالفته لهذه القواعد جزاء جنائي محدد بنصوص القانون. 2. المسؤولية المدنية: وهي التي تتحقق عند إخلال المدين بالتزام يجب عليه، وترتب على هذا الإخلال ضرر أصاب الغير، ويعرفها البعض بأنها التزام شخص بتعويض الضرر الذي أصاب شخصا آخر، وبالتالي يلزم بتعويض الضرر الذي لحق الغير. وتنقسم المسؤولية المدنية بدورها إلى قسمين: المسؤولية العقدية، والمسؤولية التقصيرية (الفعل الضار). أولاً: المسؤولية العقدية. تقوم هذه المسؤولية على الإخلال بالتزام عقدي يختلف باختلاف ما اشتمل عليه العقد من التزامات، فالدائن والمدين في المسؤولية العقدية يرتبطان بعقد، وفي حالة إخلال أحدهما بشروط العقد تتحقق المسؤولية، ومثال ذلك العقد المبرم ما بين البائع والمشتري ثم يتعرض البائع للمشتري بالعين المبيعة فيخل البائع بالتزامه العقدي من عدم التعرض، نستطيع القول إن المسؤولية العقدية هي حالة الشخص الذي يخالف التزاما عقديا ويخل بشروط العقد المتفق عليها. ثانياً: المسؤولية التقصيرية تقوم هذه المسؤولية عند الإخلال بالتزام قانوني واحد لا يتغير وهو الالتزام بعدم الإضرار بالغير، فالدائن والمدين لا يرتبطان بعقد قبل أن تتحقق المسؤولية بل إن المدين أجنبي عن الدائن، ومثال ذلك أن تكون العين في يدي مالكها ويتعرض له فيها أجنبي ويكون المدين بالتالي قد أخل بالتزام قانوني عام يفرض عليه عدم الإضرار بالغير ويدخل في الغير مالك العين. ونستطيع القول إن المسؤولية التقصيرية هي حالة الشخص الذي يخالف التزاما فرضه علية القانون. ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن هناك أهمية للتفرقة ما بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية ترجع هذه التفرقة إلى طبيعة كل من المسؤوليتين وتكمن أهمية هذه التفرقة فيما يلي : 1. من حيث الأهلية: يشترط لقيام المسؤولية العقدية كمال الأهلية للشخص المتعاقد بينما لا يشترط ذلك في المسؤولية التقصيرية. 2. من حيث الأعذار: إن المطالبة بالتعويض وفق المسؤولية العقدية يتطلب توجيه أعذار للمدين يبين فيه ضرورة قيام المدين بتعويض الضرر الناجم عن إخلاله بشروط تنفيذ العقد، باستثناء الحالات المنصوص عليها في القانون والاتفاق، أما المسؤولية التقصيرية فلا يشترط فيها مثل هذه الأعذار. 3. من حيث مدى التعويض عن الضرر (الضمان): ففي المسؤولية العقدية لا يسأل المدين إلا عن الضرر المباشر والمتوقع وقت إبرام العقد، باستثناء حالتي الغش والخطأ الجسيم، أما في المسؤولية التقصيرية فيسأل المدين عن الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع. 4. من حيث الاختصاص: ينعقد الاختصاص في المسؤولية العقدية للمحكمة التي في دائرتها موطن المدعى عليه أو المدعي وأحيانا للمحكمة التي يقع في دائرتها مكان انعقاد العقد، هذا كله إذا لم يتم الاتفاق على غير ذلك، أما في المسؤولية التقصيرية فينعقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مكان وقوع الفعل الضار. 5. من حيث التضامن: إن التضامن في المسؤولية العقدية لا يكون إلا بنص القانون أو الاتفاق عليه، بخلاف الأمر في المسؤولية التقصيرية الذي يفترض فيها التضامن. 6. من حيث نطاق المسؤولية عن فعل الغير: يسأل المدين وفقاً للأحكام المسؤولية العقدية عن فعل كل شخص استعان به في تنفيذ الالتزام، أما في المسؤولية التقصيرية فلا يسأل الشخص إلا عن أفعاله الشخصية باستثناء ما نص عليه القانون، أي أن الأصل في المسؤولية التقصيرية أنها شخصية إلا إذا نص القانون على غير ذلك. 7. من حيث الإعفاء من المسؤولية: يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية العقدية في حين أن الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية يكون باطلاً من القانون المدني الأردني على ذلك صراحة. وفي حالة إذا توافر في الفعل مسؤولية عقدية وتقصيرية فإن المسؤولية العقدية تجب المسؤولية التقصيرية. 8. من حيث الإثبات: يقع على الدائن في المسؤولية العقدية إثبات العقد، وعلى المدين إثبات أنه قام بتنفيذ التزامه أو إثبات السبب الأجنبي الذي حال بينه وبين تنفيذه للالتزام المترتب عليه، أما في المسؤولية التقصيرية فيقع عبء الإثبات على الدائن (المضرور) فهو الذي يلزم بإثبات أضرار المدين والضرر والعلاقة السببية. 9. من حيث رقابة محكمة التمييز: يذهب جانب من الفقه إلى أنه ليس لمحكمة التمييز بسط رقابتها على المسؤولية العقدية، الناجمة عن إخلال بالتزام عقدي وحجتهم بذلك أن الأمر يتعلق بتفسير العقد.