أن تكوني سيدة أعمال في ليبيا

أن تكوني سيدة أعمال في ليبيا

  • غادة الشريف – مصراتة

تمكنت فوزية بو غماز بعد جهد من تأسيس مشروعها وفتح مصنع صغير لمنتجات العناية بالبشرة والعطور، وذلك بعد أن مرت بمراحل عديدة تعليمية وتدريبية وحتى تجريبية، حيث عمدت إلى تجريب المواد الطبيعية بناء على أسس علمية لتتمكن من ضبط الكمية، والفهم الكامل حول ما يلزم من مواد لتصنيع هذه المنتجات ، لكنها اضطرت لإغلاق المصنع بعد فترة حيث تقول إن “العائدات لم تكن تكفي لدفع تكاليف الإيجار ورواتب العاملات معي في المصنع؛ ووجدت نفسي أعود للتصنيع المنزلي بمساعدة مجموعة من السيدات اللاتي يعملن معي”.

فوزية كغيرها تحتاج إلى مساعٍ حقيقية تضمن لها التمكين الاقتصادي، وتقدم لها التأهيل المطلوب للنجاح، فالمرأة في ليبيا تعاني التبعات الاقتصادية للحروب والأزمات المتوالية التي مرت بالبلاد إضافةً إلى التحدي الذي تخوضه مع المجتمع غير المتقبل قيامها بنشاط اقتصادي مستقل أو يشذ عن قاعدة الأعمال المقبولة للمرأة. التدريب خطوة أساسية

تقول فاطمة القاضي مؤسسة منظمة “سيدات أعمال مصراتة” إن التدريب يساعد كثيراً كل من ترغب في فتح مشروعها الخاص، حيث يمكنها تعلم أساسيات العمل والتطبيق والتسويق، وبعد مراحل عديدة من التدريب يتم دخولها إلى سوق العمل. وبحسب اعتقادها فالعمل الخاص هو الحل الأمثل للفئات الأضعف من النساء ومنهن الأرامل والمطلقات وذوات الدخل المحدود. وتهدف القاضي من خلال منظمتها إلى “تجميع النساء ذوات الأفكار الإنتاجية وصاحبات المشاريع لإنشاء قاعدة بيانات وتوفير فرص التدريب، وقد نجحت المنظمة في تمكين 70% من الملتحقات في عام 2020” حسب قولها.

إحدى هؤلاء السيدات هناء المطردي (22 عاماً) وهي رسامة استطاعت أن تجعل من موهبتها ”باب رزق لها“ تسرد لنا هناء بدايتها فتقول بأنها كانت ترسم منذ المرحلة الثانوية لزميلاتها بمبالغ رمزية، ثم توجهت للاحتراف في هذا المجال بمقابل أفضل وعن انضمامها لمنظمة سيدات أعمال مصراتة

تقول هناء “رأيت إعلاناً على الفيسبوك عن المنظمة وأرسلت طلب عضوية، ومن ثم قررت إنشاء مركز لتعليم الرسم للأطفال فعملت دراسة جدوى للمشروع بعد أن حصلت على مجموعة من التدريبات التي أتيحت لي من خلال انضمامي للمنظمة، وتمكنت من فهم كيفية إدارة المشاريع”. في مرحلة تالية التحقت هناء بمسابقة نظمتها وزارة الشباب والرياضة مع اليونيسيف تلقت من خلالها تدريبات في ريادة الأعمال، وفازت في المسابقة لتحصل على مبلغ مالي، ساعدها على العمل لمدة أكثر من عام وادخرت المال وبذلك تمكنت من فتح مشروعها الخاص وهو مركز لتعليم الرسم للأطفال. كانت الصعوبة التي واجهت هناء هي الاستمرارية، وخاصة مع ضعف رأس المال الذي لم يمكنها من توفير الموظفين وتحمل مصاريف الإدارة، من ثم حلت المرحلة الأصعب وهي انتشار جائحة كورونا، حيث توقفت نشاطات المركز كلياً، “لكنني أصررت على الاستمرار، وفتحت المركز من جديد مؤخراً وطبقت كل معايير السلامة لأضمن سلامة الأطفال واستمرارية المركز”

تؤكد هناء. التدريب بوابة للتعارف والتشبيك.

نظراً لصغر سنها تقول هناء إنها لم تكن تعرف الكثير عن سوق العمل وما يواجهها فيه، ولكن بعد أن احتكت بسيدات أخريات لهن مشاريعهن الخاصة من خلال الدورات التدريبية والتعليمية التي تحصلت عليها، ذلك كان أكثر شيء ساعدها في فهم مشروعها وكيفية تنفيذه على أرض الواقع.

وهو أمر تؤكده السيدة فاطمة القاضي بأنها حسب خبرتها واحتكاكها بعديد النساء صاحبات المشاريع، وذوات الأفكار، بأنه كلما كان بينهن تعارف واجتماعات زاد مستوى الفهم لمشاريعهن. إلا أن الانخراط في هذا النوع من النشاطات العامة لا يكون متاحاً دائماً للسيدات الراغبات في دخول مجتمع الأعمال.

فبحسب هند صالح البشاري رئيس مجلس إدارة منظمة تفرد للتمكين ”المجتمع الليبي مجتمع معقد والقضية لها أكثر من وجه، فمن ناحية هناك مشكلة الدائرة الأولى بمعنى الأسرة فأحياناً تكون داعمة ومؤيدة وفى بعض الحالات تكون على العكس متشددة ورافضة“.

ترى هند وهي مدربة في مجال ريادة الأعمال أن أغلب السيدات الناجحات ممن أصبحن يملكن مشاريعهن الخاصة “كن ضمن أسرة داعمة، أو نلن دعماً من أحد أفراد الأسرة أب، أخ، زوج، في حين أن أخريات لم يستطعن إطلاق مشاريعهن أو التوسع فيهن خارج نطاق البيت بسبب رفض الأسرة“.

الظروف تدعم الرجال

تضيف هند “أستطيع أن أقيم من خلال تجربتي في التدريب أن الخبرة في مجال الأعمال تنقص الرجل والمرأة على حد سواء وبالأخص فى الجانبين المالي والإداري، إلا أن الرجال في ليبيا يتمكنون من الحصول على التدريب والاستشارة بشكل أسهل من النساء، إذ أن المرأة قد تواجهها مشكلة رفض الأهل التدرب في مجموعة مختلطة (رجال ونساء)، وواجهنى هذا الأمر سابقاً في مدينة البيضاء، وقد لا تتوفر أيضا للنساء سبل وحرية التنقل للوصول إلى أماكن التدريب الداخلي والخارجي“.

تحدثت هند عن بعض العوائق التي تواجه الأمهات بشكل خاص مع فرص التدريب كاضطرار بعض الأمهات الامتناع عن الالتحاق حين لا يجدن من يعتني بالأطفال، وقالت ”فى مرة سمحنا لسيدة أن تصطحب معها طفلها إلى قاعة التدريب، وقد يقابل تدريب المرأة بالرفض بحجة أن المكان غير مناسب، ورفض الزوج أو الأب للمنظمات الأجنبية التي تكون في الغالب راعياً للتدريب”.

أما فيما يتعلق بالاستشارات التي يقدمها الخبراء لرياديي الأعمال بشكل فردي ومباشر قالت هند ”تواجه المرأة مشكلة في حال كان من يقدم الاستشارة رجلا، فالعرف يرفض خلوة الرجل بالمرأة حتى في مكتب عام، وفي الغالب تأتي برفقة الأخ أو الأب أو الزوج و تكون محرجة أمامهم في طرح الأسئلة، أو أن يتدخل من يرافقها في الحديث، وهذا يحرجها ويقلل من تركيزها وحصولها على الاستشارة المفيدة“.

مشاريع للمرأة وأخرى للرجل. هذا فضلاً عن كون ثقافة المجتمع بحسب هند تحصر دور المرأة في مهن معينة ومشاريع يطلق عليها ”مشاريع المرأة“ في حين يحتكر المجتمع مشاريع أخرى للرجل فقط. وتضيف ”من خلال خبرتي أعتقد أن الوضع يتطور للأحسن ولكن بشكل بطيء“.

تم إنجاز هذه المادة ضمن مشروع “الأحداث كما ترويها الصحفيات” المدعوم من هيئة الأمم المتحدة لدعم المرأة والمنفذ من قبل أكاديمية شمال أفريقيا للإعلام.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :