إشراقات رمضانية

إشراقات رمضانية

  • خالد خميس السحاتي

(1)

شَهْـرُ رَمَضَانَ المُبارك نِعْمَةٌ ربَّانِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَفُرْصَةٌ سَنَوِيَّةٌ ثَمِينَةٌ لِتَهْذِيبِ النُّفُوسِ، وتكفير السَّيِّئَاتِ، واستثمار اللحَظَاتِ بِطَـاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَالسَّيْرِقُـدُماً فِي طَرِيقِ الاسْتِقَـامَةِ، فَالصِّيَامُ لهُ أثرٌ بالغٌ في إصـــلاح النُّفُــوس وتحقيق التَّـقـوى والاسـتقـامة،والسَّـعـادة في الحيـاة الدُّنيا والآخـرة بـإذن الله، ولنـا في رسُـول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسـوةٌ حسـنةٌ، فقد كان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُيجتهدُ في شهر رمضان في طـاعة ربِّ الأنـام،فيُقبلُ على بذل المَعْـرُوفِ، ومُـدَارَسَةِ القُرآن الكريم، وكان يستقبلُ رمضان بالفَرْحَةِ والبِشْرِ والدُّعَـاءِ، ويَخْطُبُ في آخر شهر شعــبان ليُبيِّنَ للنَّاس فضل الله فيه ليغتنمُوا الخيرات، ويُبادروا إلى استغـلال رمضان بالطاعات، والأعـمـال الصَّالِحَاتِ.

(2)

إنَّ الله سُبحانهُ وتعالى فَـرَضَ الصيام تكفيراً للذُّنُوبِ والمعاصي، وتنقيةً للنُّفُوسِ والأبدانِ مِنْ أدرانها، وكسراً للشهوة المُستولية عليها، فَيَخْرُجُ الإنسانُ من رمضان وقد امتلأ قلبُهُ بنُورِ الطاعة والذكر والتعبُّدِ، وَتَنَسَّمَتْ رُوحُهُ عَبَقَ أَرِيجِ الرِّضَا وَالتفاؤُل بسبب تلك الجُرعة الإيمانية التي يسكُبُها الصيامُ في النُّفُوسِ، فهُو يُعينُ الإنسان على الاستقامة، لأنَّهُ يَضَعُهُ في برنامجٍ مُنَظَّمٍ في العبادة والذِّكْرِ والطَّعَامِ والشَّرَابِ، لتكُونَ الاستقامةُ في حياة كُلٍّ مِنَّا طيلة شُهُور السَّنَةِ، بل في كُلِّ أيامها ولحظاتها، وهذه نعمةٌ عظيمةٌ من نِعَمِ الله علينا في هذا الشهر الكريم، فَلْنَنْظُرْ إِلَى لُطْفِ الخَالِقِ بِنَا فيمَا أوجبـهُ علينا مـن الصِّيَـامِ، كيف أيقظ العُقُـول لهُ وقد كـانت عنه غافلة أو مُتغافلة، ونَفَعَ النفوس بِهِ، ولم تكُن لولاهُ مُنتفعةً ولا نافعةً، فلهُ الحمـدُ والشُّكـرُ عَلَى كُلِّ نِعَمِهِ. 

(3)

إنَّ الصِّيَامَ عبادةٌ سَامِيَةٌ، تُنَقّي الأَرْوَاحَ وَالأَبْدَانَ مِنْ أَدْرَانِهَا، وتجلُو الصَّدَى عَنِ القُلُوبِ، فتـــنالها تلك الومضة الإِيمَانيِّة التِي تتنزلُ على نفس المُؤمن لتملأ قلبهُ خُشُـوعاً،ورُوحَهُ خُضُوعاً، وعينَهُ خَـشْيَةً  ودُمُوعاً، فإذا هُو أمام رحلةٍ جديدةٍ، يشعُرُ فيها أنَّهُ وُلِدَ مِنْ جَدِيدٍ، وأنَّ عـلاقته بخالقه سُبْحَانَهُ قَد ازدادت، واقترب أكـثر فأكـثر من جنابه،وطرق بابه، فإذا باللسان يلــهجُ بذكر الله، وإذا بالجـوارح تخافُ أنْ تَعْصِيَ الله، وإذا بالرُّوح نقيةً صافيةً، قد زال عنها كَـــدَرُهَا، وشُــفِيَتْ مِنْ أمْرَاضِهَا، فتذُوق طعم السَّعادة الحقيقيَّة، الناتجة عن هذا القُرب من الله، فتمتلأ النَّفْسُ رضا وبهجةً وسُــــرُوراً، وتمتلأ الرُّوحُ سـعادةً وحُبُوراً،فتُشرقَ أنوارُهَا، وتنقشع عنها ظُلُمَاتُ الحيرة والظلال، فتسعد وتأنس بصيامها، وتخرُج منه بمزيدٍ من الدُّرُوسِ والعِـبَرِ التِي يَبْقَى أَثَرُهَا عَلَى مَرِّ السِّنِينِ وَالأَيَّامِ.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :