من ركام الحرب إلى معاناة المخيم :
فسانيا : زهرة موسى / منى توكا
وسط برودة صباحات الشتاء القاسية التي تخترق العظام، دخلنا مخيم الطيوري في ضواحي سبها.
مشهد مأساوي امتد أمام أعيننا: خيام بدائية مصنوعة من الكرتون وعجلات السيارات القديمة، غطيت ببطاطين مهترئة لا تكاد تصمد أمام الرياح.
داخل هذه الخيام المتناثرة بشكل دائري، يعيش أكثر من 100 شاب، بينما تتوسط هذه الخيام كومة من عجلات السيارات المحترقة، وهي مصدر التدفئة الوحيد لهم في ليالي الشتاء القارسة، ويحيط بهذه الخيام مكب قمامة من جهة وفي الجهة الأخرى برك الصرف الصحي.

على الطرف الآخر من المخيم، وجدنا مهجعًا مكتظًا بأكثر من 40 عائلة، تضم حوالي200 فرد.
الرطوبة تخنق الأنفاس، والمياه الملوثة تغمر الأرضية، أما الرائحة الكريهة فتأتي من دورة المياه الوحيدة في المخيم، التي فاضت مياهها واختلطت بمياه الأمطار المتجمعة.
كل خطوة بين ممرات المخيم كانت تحمل قصصًا مأساوية، فهنا امرأة تطبخ على الحطب أو الفحم، وأخرى تغسل الملابس في ظل ظروف قاسية، وهناك غرفة مظلمة تضم رجلاً مسنًا عاجزًا عن الحركة. كل زاوية في هذا المخيم تحكي قصة معاناة.

فقدت طفلي بسبب الجوع”: مأساة مها مع التسمم الغذائي.
م.ر، لاجئة سودانية، جلست في زاوية مظلمة من المخيم تحكي مأساتها بصوت خافت مليء بالوجع.
تقول: “كنت أعلم أن الطعام في المخيم لا يكفي، لكن الجوع كان أقوى من التحمل. ذات يوم وصلت إلينا مساعدات من أهل الخير، تضمنت وجبة عدس جاهزة. اضطررنا لتناولها جميعًا، كنا جائعين ولا نملك خيارًا. بعدها بساعات قليلة، بدأ طفلي البالغ من العمر ثلاث سنوات يعاني من ألم شديد في معدته، ثم فقد الوعي. لم يكن هناك أطباء ولا أي وسيلة لإنقاذه. مات طفلي تلك الليلة، ومعه مات جزء من روحي.”
تضيف م .ر.: “الجوع ليس مشكلتنا الوحيدة. المرحاض الوحيد في المخيم غير كافٍ، وبعضنا يضطر للذهاب إلى الخلاء. حياتنا هنا هي كفاح يومي من أجل البقاء، وكل يوم يمضي أشعر أننا أقرب إلى الموت.”

“دفنت طفلتي بعد شهرين من وفاتها”: لاجئة تروي مأساة أخرى.
ج.س. ، لاجئة سودانية أخرى، خسرت طفلتها ذات الثلاثة أشهر بسبب الظروف الصحية الكارثية.
تقول: “هطلت الأمطار بغزارة عندما وصلنا إلى المخيم، ولم نجد مكانًا نحتمي به. مرضت طفلتي الصغيرة بسبب المياه الملوثة والإسهال الحاد.
لم يكن لدي المال لعلاجها، وماتت بين يدي. حتى دفنها لم يكن سهلاً؛ بقيت جثتها في ثلاجة الموتى لمدة شهرين بسبب تأخر الإجراءات.”
بصوت مكسور، تضيف ج.س: “زوجي مسجون بسبب ديونه، وأنا هنا وحدي مع أطفالي. أحلم بالانتقال إلى طرابلس، حيث أملك أقارب قد يساعدونني، لكن حتى الحلم بات رفاهية في هذا المكان.”

طفلتي تشرب الشاي الأحمر”: معاناة الأطفال بلا حليب.
لاجئة أخرى تحدثت بحسرة عن حرمان طفلتها ذات التسعة أشهر من الحليب. تقول: “لا يوجد حليب في المخيم. طفلتي لا تجد سوى الشاي الأحمر لتسكت جوعها. عندما تصل مساعدات من الحليب، تُوزع فقط على القادمين الجدد، أما نحن فنُحرم منها. المسؤولون عن توزيع المساعدات يحتكرونها، وكثير منها يفسد بسبب التخزين السيئ.”
غرفة مظلمة بلا أمل”: قصص المرضى في المخيم

في زاوية أخرى من المخيم، يعيش رجل مسن عاجز عن الحركة، بينما يحكي شاب يبلغ من العمر 18 عامًا عن فقدان عائلته. يقول الشاب: “المخيم تعرض لهجوم مسلح من جهة مجهولة، وتمت سرقة هواتفنا المحمولة. كان هاتفي وسيلتي الوحيدة للتواصل مع أخي في الخرطوم. الآن فقدت كل شيء، حتى آخر فرد من عائلتي.”
أما أحد اللاجئين الذين خضعوا لعملية زرع كلية، فقال: “أنا بحاجة إلى أدوية مثبتة للمناعة، لكنني لا أستطيع البقاء هنا لأن المكان غير صحي. استأجرت غرفة خارج المخيم، لكنها تكلفني الكثير، ولا أملك عملاً لأدفع الإيجار.”

أحتاج إلى نقل دم لأعيش”: مأساة مع الأنيميا المنجلية.
تتحدث “م. ي”، اللاجئة القادمة من زالنجي بالسودان، عن معاناتها مع مرض الأنيميا المنجلية، وهي حالة صحية تجعل حياتها في المخيم أكثر صعوبة. تركت ابنتها الصغيرة مع عائلتها في السودان، وأصبحت وحيدة تواجه المرض والجوع:”مرضت واضطررت للبقاء في المستشفى لفترة، وعندما عدت إلى المخيم، كان وضعي الصحي متدهوراً. أنا بحاجة إلى نقل دم بشكل دوري بسبب حالتي، لكن الحصول على المساعدة الطبية هنا أمر صعب للغاية. أتمنى من أي جهة أن تساعدني في العودة إلى السودان لألتقي بابنتي وعائلتي. لقد مرت سبعة أشهر وأنا بعيدة عنهم، وهذا الفراق يزيد من ألمي.”

وتضيف بأسًى: “جئت إلى المخيم مع عائلة أخي، ولكن عند توزيع الطعام لا يتم احتسابي معهم، مما يضاعف معاناتي. وضعي الصحي لا يحتمل هذا الجوع، لكنني أعلم أن الأوضاع هنا صعبة وقد تكون سبباً في هذا التقصير. رغم ذلك، نحن نحتاج إلى دعم عاجل.”
الحياة هنا لا تُشبه الحياة”: وصف قاسٍ للواقع في المخيم.
يصف “س. ن”، أحد سكان المخيم، الوضع قائلاً: ” الحياة في المخيم لا تشبه الحياة بأي شكل من الأشكال. نحن نفتقر إلى أبسط مقومات العيش؛ فلا توجد بيئة صحية ولا مرافق نظيفة. المشكلات هنا لا تنتهي، وأبرزها فقدان الأوراق الثبوتية. لقد فقدت جواز سفري أثناء الحرب، مثل الكثير من اللاجئين هنا، ولا أستطيع استصدار وثائق جديدة لأن الإجراءات معقدة للغاية. هذا الأمر يعيقنا عن التنقل والعمل، ويزيد من شعورنا بالعجز.”
ويضيف: “الشتاء هنا قاسٍ للغاية. البرد يخترق أجسادنا، ولا يوجد ما يحمينا منه. النساء والأطفال في المخيم يعانون بشكل كبير، ويعيشون في خطر دائم بسبب نقص الموارد. نأمل أن تصل رسالتنا إلى الجهات الخيرية والحكومية لتقديم المساعدة اللازمة وتخفيف هذه المعاناة التي تفوق قدرتنا على التحمل.

نحتاج إلى ضغط إعلامي لتحريك القلوب وتغيير الواقع
يرى “أ. خ”، أحد اللاجئين أن الدعم الحالي من المنظمات الإنسانية لا يرقى إلى مستوى الحاجة: “المساعدات المقدمة لا تفي باحتياجاتنا الأساسية.
المسؤولون والمنظمات لا يستجيبون بالقدر المطلوب. نحتاج إلى ضغط إعلامي كبير لإبراز معاناتنا، ربما يمكن للإعلام أن يحرك القلوب ويدفع باتجاه تغيير ولو بسيط في واقعنا المرير.”

حلمنا بالعمل يتلاشى بسبب الأوراق المفقودة
يتحدث “ع. ب” عن المعاناة اليومية التي يعيشها اللاجئون في المخيم بسبب فقدان الوثائق الرسمية: “
مر أكثر من ستة أشهر منذ وصولي إلى هنا، وأواجه نفس المشكلة كل يوم. هناك الكثيرون في المخيم من المتعلمين وأصحاب الشهادات، لكنهم عاجزون عن العمل بسبب فقدان الأوراق الرسمية.
هذا الأمر يعرضنا لمشاكل كبيرة، حيث لا نستطيع التنقل أو التقدم لأي عمل.”
ويضيف: “أنا شخصياً كنت أملك صالون حلاقة في السودان، لكنني الآن لا أستطيع تحسين وضع عائلتي بسبب غياب الأوراق الرسمية.
ورغم محاولات بعض الجهات دعمنا، إلا أننا بحاجة ماسة إلى تدخل حقيقي لحل هذه المعضلة. نتمنى أن تأخذ الجهات المعنية هذه المسألة بجدية وتساعدنا في إصدار الوثائق التي ستغير حياتنا.”

رحلة الألم والأمل: الهروب من الحرب إلى معاناة جديدة.
تروي “م. ن”، القادمة من نيالا بالسودان، تفاصيل رحلتها المؤلمة إلى ليبيا، حيث خرجت أسرتها هرباً من الحرب:”عندما قررنا الهروب، كان الأمل الوحيد هو الوصول إلى مكان آمن بعيداً عن أصوات الصواريخ وأهوال الحرب. الطريق كان مليئاً بالمخاطر. عبرنا الحدود التشادية، لكننا كنا بلا مال يكفي لمواصلة الرحلة. اضطر أبناؤنا وأزواجنا للعمل في منجم للذهب على الحدود التشادية، حيث عملوا بجد لجمع المال اللازم لاستكمال الطريق.”
وتضيف: “ستة أشهر من الكفاح مرت قبل أن نصل إلى القطرون، ومن هناك، بمساعدة بعض الخيرين، وصلنا إلى سبها. خلال هذه الرحلة فقدنا أحد أبنائنا، الذي استشهد إثر إصابته بقذيفة خلال الحرب. أما ابني الآخر، المصاب بجروح خطيرة، فقد احتاج إلى عناية طبية مكثفة. أرسلته إلى طرابلس للعلاج برفقة عمته وشقيقه الأصغر، بينما بقيت أنا مع بقية الأسرة هنا ننتظر.”
وتتابع: “الألم لم ينتهِ، بل ازداد عندما سُرق الهاتف الوحيد الذي كنا نملكه للتواصل مع أهلنا في منجم الذهب. انقطعت أخبارهم عنا، ولم نعد نعلم شيئاً عن مصيرهم. الأيام الأخيرة جلبت معها مأساة جديدة، حيث داهمت عناصر مسلحة المخيم وسرقت كل ما نملكه من هواتف وأموال. الشباب الذين حاولوا الدفاع عن عائلاتهم تعرضوا للضرب المبرح.”
وتختم حديثها بالقول: “هربنا من الموت والحرب، لكننا وجدنا أنفسنا في معاناة جديدة. لا نملك سوى الأمل، ونحتسب الله في كل ما فقدناه. الحمد لله على كل حال، ونسأل الله أن يفرج كربنا.”

الأمن المفقود في المخيم: حياة مهددة بالخطر.
يتحدث “م. ع” عن الوضع الأمني المتردي في المخيم، قائلاً: “العيش في أطراف المدينة يجعلنا عرضة للهجمات والسرقات بشكل مستمر. قبل أيام قليلة، اقتحمت عصابات مسلحة المخيم، مدججين بالأسلحة النارية. سرقوا كل ما وقع في أيديهم، وضربوا الشباب الذين حاولوا الدفاع عن ممتلكاتهم. كنت من بين الذين حاولوا المقاومة، لكنني تعرضت للضرب المبرح حتى تورم وجهي.”
ويضيف: “نحتاج إلى تدخل الجهات المسؤولة وزيارات ميدانية لتقييم أوضاعنا وتقديم الدعم. للأسف، لا أحد يهتم بنا هنا. وحتى من يزورنا مرة، لا يعود مرة أخرى.”
المساعدات لا تكفي والجميع يعاني”: شهادة المشرف على المخيم.
عبدالله محمد مشرف المخيم، يصف الأوضاع قائلاً:”المخيم غير مؤهل للسكن، والمساعدات بالكاد تكفي. تصلنا مساعدات لمئتي شخص، بينما عدد اللاجئين يتجاوز الأربعمائة. نحاول التركيز على النساء والأطفال، لكن المعاناة تشمل الجميع. حتى التنقل داخل البلاد أصبح مكلفًا، إذ يدفع اللاجئ 1200 دينار للتنقل بين المدن، وغالبًا يُعامل كأنه مهاجر غير شرعي.”

يضيف عبدالله:”المكان يعاني من تجمع مياه الأمطار، ولا توجد مرافق صحية. الأدوية شحيحة، والعديد من اللاجئين يعانون من أمراض مزمنة دون أي رعاية طبية.”
دعم محدود وتحديات الجالية السودانية.
صرح محجوب الفضلابي، رئيس الجالية السودانية في سبها، بأن الجالية تواجه تحديات كبيرة في توفير الإيواء والخدمات الأساسية للاجئين السودانيين.
وأوضح أن المقر الحالي للاجئين الذي كان سابقًا موقعًا لشركة شحن، أصبح مهددًا بالإغلاق نظرًا للصعوبات المالية التي تواجهها الجالية في دفع إيجار المقر، والذي يبلغ 1500 دينار شهريًا.
وأشار الفضلابي إلى أن الجالية تعتمد على التبرعات والإيرادات المحدودة، التي أصبحت شبه معدومة بسبب الظروف الحالية، مما دفع صاحب المقر إلى منحهم مهلة محدودة لمغادرة المكان.
وأكد أن هناك عدة منظمات إنسانية وجمعيات خيرية ليبية، مثل الهلال الأحمر والكشافة وجمعية “بصيص أمل”، قدمت مساعدات للاجئين .
كما أشار إلى وجود بعض التحديات الصحية، منها حالة تسمم غذائي تم التعامل معها بسرعة، مؤكدًا أن اللاجئين يتلقون الرعاية الصحية المناسبة عند الحاجة.
ونفى الفضلابي وجود حالات تسمم نتيجة لتناول وجبة العدس، التي أكد عليها اللاجئون سابقًا خلال التقرير،
وأشار إلى أن حالات الوفيات بين الأطفال كانت بسبب سوء التغذية.
وأضاف أن بعض النساء السودانيات المقيمات في ليبيا تبرعن بتحضير وجبات أسبوعية للنازحين، ولكنهن توقفن بعد تلقيهن شكاوى من بعض اللاجئين بشأن تلك الوجبات.
وحول قضية توزيع مواد غذائية منتهية الصلاحية، أوضح الفضلابي أن تلك المواد لم تصل عن قصد إلى المخيم، مبررًا وجودها بأن المتبرعين ربما أرادوا مساعدة اللاجئين لكنهم لم يدققوا في مدة انتهاء الصلاحية.
فيما يتعلق بالوثائق الثبوتية، أوضح الفضلابي أن العديد من اللاجئين فقدوا مستنداتهم أثناء النزوح، مما يعقد إجراءات توثيقهم.
وطالب السلطات الليبية بتسهيل إصدار بطاقات تعريفية لهم بناءً على التحقق المحلي من هويتهم، بدلاً من الاعتماد فقط على جوازات السفر.
وأكد الفضلابي أن الجالية السودانية تعمل على تحديث قاعدة بيانات اللاجئين، مشيرًا إلى وجود نحو 133 عائلة و181 فردًا يعيشون في المقر الحالي.

واختتم حديثه بتأكيد أهمية تقديم الدعم المستمر للاجئين وتسهيل إجراءات تنقلهم داخل ليبيا.
حقوقي : ‘القوانين الليبية لحماية اللاجئين تعاني من محدودية التطبيق بسبب عدم استقرار الوضع الأمني وغياب آليات الرقابة الفعالة'”.
صرح شعبان الطاهر، ناشط حقوقي، إلى أن الأوضاع الإنسانية للاجئين السودانيين في ليبيا تتسم بالكثير من التحديات.
وقال إن اللاجئين يعانون من صعوبة كبيرة في الوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية، بالإضافة إلى ضعف الموارد والخدمات في المناطق المضيفة. وأكد أن نقص الدعم الحكومي والدولي يزيد من تفاقم هذه المعاناة.
وأضاف أن المخيمات المؤقتة التي يلجأ إليها اللاجئون تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية والبنية التحتية، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض وزيادة المعاناة الإنسانية.
وأوضح أن “القوانين الليبية التي تهدف إلى حماية اللاجئين والمهاجرين تستند إلى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية جنيف لعام 1951 والبروتوكول الملحق بها، إلى جانب القوانين الوطنية المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر وتوفير الإغاثة الإنسانية”.
لكنه أشار إلى أن تطبيق هذه القوانين محدود بسبب عدم استقرار الوضع الأمني، وضعف مؤسسات الدولة، وغياب آليات رقابة فعالة تضمن الالتزام بالقوانين.
وتحدث عن دور المجتمع المحلي، مؤكدًا أنه يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تقديم الدعم الإنساني من خلال التبرعات، وتوفير المأوى، والخدمات الأساسية.

وأضاف أن المجتمع الدولي مسؤول عن تقديم التمويل والدعم الفني للحكومة الليبية، والضغط لتطبيق القوانين المتعلقة بحقوق اللاجئين.
كما أشاد بدور المنظمات غير الحكومية في تقديم المساعدات الإنسانية مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية، وأكد أنها تعمل أيضًا على توثيق الانتهاكات وتعزيز الوعي بقضايا اللاجئين.
واقترح الطاهر ضرورة تعزيز الإطار القانوني الوطني لضمان حماية اللاجئين بما يتماشى مع المعايير الدولية، مع إنشاء آليات فعالة لتسجيلهم وتحديد احتياجاتهم.
وأكد على أهمية تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والقضائية لحماية اللاجئين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وأضاف أنه يمكن توقيع اتفاقيات تعاون مع المنظمات الدولية لتقديم الدعم القانوني والإنساني، وضمان إشراك اللاجئين في القرارات المتعلقة بمستقبلهم.
وأشار إلى أن اللاجئين يمكنهم التواصل مع مكاتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي توفر الدعم القانوني وتسجلهم كلاجئين.
كما يمكنهم طلب المساعدة من المنظمات المحلية والدولية المهتمة بحقوق الإنسان، ومن النقابات والجمعيات القانونية التي تقدم استشارات قانونية مجانية بالتعاون مع المجتمع المدني.
وأوضح الطاهر أن منظمات دولية، مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وهيومن رايتس ووتش، تعمل على توثيق الانتهاكات من خلال جمع الأدلة والشهادات. وأضاف أن هذه الوثائق يمكن استخدامها في تقديم تقارير للأمم المتحدة والمحاكم الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
كما يساعد التوثيق في زيادة الوعي الدولي حول معاناة اللاجئين وجلب المزيد من الدعم لتحسين أوضاعهم.

بالحاج: “بلدية سبها مستعدة دائماً لتقديم الدعم لأي جهة إنسانية ترغب في المساعدة“.
أكد عميد بلدية سبها، بلحاج علي، أن البلدية تبذل جهوداً متواصلة لدعم اللاجئين في المنطقة، مشيراً إلى أن اللجنة الاجتماعية في بلدية سبها بدأت منذ شهر سبتمبر الماضي بزيارتهم في منطقة القاهرة “الطيوري” ، حيث تم تحديد احتياجاتهم والتعرف على مشاكلهم عن قرب. وأوضح أنه بعد هطول الأمطار وزيادة تدفق اللاجئين إلى المنطقة، قامت البلدية بالتواصل مع السلطات المحلية والجهات الأمنية لتقديم المساعدة العاجلة. كما طلبت البلدية من مكتب التنمية المجتمعية التعاون لإجراء عملية حصر دقيقة للاجئين وتقدير احتياجاتهم الأساسية.
وأضاف بلحاج أن البلدية نسقت مع عدد من الوكالات الدولية، من بينها منظمة الهجرة الدولية، التي أبدت استعدادها لتقديم المساعدة الإنسانية. وشملت هذه المساعدات توفير مواد إغاثية مثل البطانيات والأغطية، بالإضافة إلى الغذاء.
كما قامت المباحث الجنائية بحصر الأسر اللاجئة ، والتي بلغ عددها حوالي 130 أسرة، وتم توفير أماكن مؤقتة لإقامتهم، بما في ذلك بعض الأسر التي لجأت لاستئجار منازل.
وأوضح أن العمل مستمر بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية بقيادة مبروك سحبان، ومديرية أمن سبها لضمان تقديم الدعم اللازم. وأشار إلى أنه تم استقبال مساعدات غذائية من منظمة الهجرة الدولية من المنطقة الشرقية، وأن البلدية تعمل على تزويد النازحين بمزيد من الاحتياجات، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
وأكد بلحاج في ختام تصريحه أن بلدية سبها ترحب دائماً بالتعاون مع أي جهة إنسانية محلية أو دولية تسعى إلى تقديم الدعم للاجئين، مشدداً على أهمية توحيد الجهود لتلبية احتياجات هذه الفئة التي تعاني من ظروف إنسانية صعبة.
ختاما : “في خضم رحلة اللاجئين السودانيين في ليبيا، تتجلى ملامح المعاناة في كل زاوية من المخيمات التي لجؤوا إليها من ركام الحرب التي خلفت وراءها الدمار في أوطانهم، إلى معاناة المخيمات التي تحمل في طياتها قصص الجوع، والفقد، والمأساة. تبقى حياتهم محاطة بتحديات يومية تدفعهم للبحث عن بصيص أمل في مستقبل يبدو بعيد المنال. تجربة اللاجئين السودانيين في ليبيا ليست مجرد قصص فردية، بل هي انعكاس لواقع مرير يتطلب تسليط الضوء عليه، وتكثيف الجهود الإنسانية لتخفيف معاناتهم، ودعم حقهم في حياة كريمة وآمنة”.