لأجل طفولةٍ غضّةٍ

لأجل طفولةٍ غضّةٍ

  • شعر :: المهدي الحمروني

بحضني الفقير إليكِ وحده
بكامل قفره المشوق إلى غيثِكِ
أبرز إليكِ شاهراً نبضي المُهدَّد بالجفاف
في آخر رمقٍ مُشرِفٍ على السقوط من الظمأ
لم تفلح القسطنطينية في مراودة قلبي بهذه الشرفة العاليه
على رابيةٍ فاتنةٍ كالفردوس
أحنُّ لكِ جدًا ياظالمة
بتلويحةٍ مبحوحةٍ من البوح
إلى نبع سرابِكِ
بسؤال نظرتي التي لاتُقضى لها حاجة في مرورك العاجل
كلا مبالاة عوَّدٍ لسقيمٍ غريب
ساقتهم الصدفة وحدها إليه في الزيارة
في وحشة الشعور بالعدِّ التنازلي
من نفور الوداع المهزوم
ما أجمل أن تكوني بقربي
لأرى الكون على بساطته
لتمتد البراري على مدى النظر
لتنسرح القطعان في يناعة العشب
كصوت الطبيعة البكر
كوضوحٍ لاشائبة تشوبه
وأفقٍ لاغبار عليه
كالبهرة من شرانق العتمة
كغفوة الطفل في مهده
أُريد أن أعبر بمدائحي إلى أعمدة حضاراتك
لتبارك عصور عروشك
في قناديل المعابد المنثورة على
ليل السهول
إلى وعدٍ للحطايا المكفهرِّة
بالملوحة الباكرة
تُسَحّ لأجلها الأدعيه
وتُنقَر لها أقداح اللوعة والبكاء
هذا العطش المتربص
هو حزنك الوحيد الغريب
كرياح الصحاري الجوفاء
كالأماسي القاحلة من الشعر
وجَعُكِ مثل حقولٍ دخلتها فلولٍ
لمرتزقةٍ زنوج
وبساتين تموقع بها جُندٌ متطوعون
وحدائق اتُّخِذت مقارًّا لصبِيةٍ مغررٍّ بهم
وقلاعٍ وقعت بين فكّي رحى نزاع
كمستودعِ ذخيرةٍ تناوب على نهبه المنتمون لجيوبهم
كوطنٍ غنيمةٍ تصارعت عليه الأيدولوجيا والهمجِ معًا

ومن ناحيةٍ أخرى
سأستجدي الله الطيب والقريب والمجيب
أن أموت قبلك
لأُدفن فيك كما أحب
إلى ظلِّ نخلي في هدوء
سأهب التراب والدود أكل حواسي
وذوب عظامي
امتنانًا لِما ربّتنيَ صغيراً
بعيداً عن “العاقول” الشائك
والحائل دون المزار
في مقبرة “ودّان” العتيقة
إنها الحرب كعادتها
منذ أسلافها الأُوَل
وقودها الفقراء والمساكين
بشعاراتٍ جديدةٍ ومتعددة
لمآل واحد
لتبقى هذه البقعة من الكنوز
شاغرةً من الحلم
إلا من أوباشها العابرين بالمغانم

يااااااااربّي

ورب العمال الأفارقة
الذين يرِدُونَها حُفاةً عُراةً وضُمّرًا من الجوع
ويصدِرون عنها معافين سِمانًا بما عملوا
لأجل زغب الطفولة الغضة
أعد إليها الأمان قبل فطامها على تدجين الكراهية والجحود
أعِدها إلى رشدها من الطيش
لتمنح المسافرة طمأنينة الإسراء
على ضوء القمر المشتاق
للغناء في مراعيه
المهجّرة

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :