الاقتراب

الاقتراب

قصة قصيرة :: محمد الزنتاني 

 أسرّ لي همسا بذلك , ذات يوم ,

كنّا على إنفراد , ننتظر صديقا , وعد بالمجيء ,  لمشاركتنا في الحديث , عندما أخبرني بأنه قد قرأ بعض مجموعات عاشور الطويبي  الشعرية , قائلا :

اجتاحني خوف , نعم , و ربما رعب , لم أعرف مصدره أو سببه , وظللت أسأل نفسي باستمرار . . هل اقتربت حقا من نصوص الطويبي ؟!

ابتسمت و تركته يعبّر كيفما شاء , بانتظار قدوم الصديق , فأضاف بحماس ظاهر , مستغلا وجودنا بمفردنا معا , ومشاركا يديه في التعبير عمّا يريد إيصاله من أفكار :

شعرت و كأنني أدخل عالم آخر , أوسع من الذي نعيش فيه , حيث يمكنك أن تعابث المجرّات , و تحاكي الصخور في صمتها !

هو إحساس بأنّك تغادر هذا العالم , و تحلّق في فضاء كون آخر , زاخر بالمطر و البرتقال !

عالم يمكن لك أن ترهن نفسك فيه للوهم الجميل , الزاخر بالمسرّات , حيث تهدأ الأعماق الهادرة , و تركن باطمئنان إلى الدعة والهدوء !

اتسعت ابتسامتي , و لم أعلّق , و تركته مرة أخرى , يقول ما يريد , فأضاف , وقد أحس بتقبّلي لكلامه و تعليقاته :

أحسست و كأنني أحيانا , أعرف مسبقا , الأشخاص , و الأماكن , و الأزمنة , و الأشياء الواردة في نصوصه !

فهززت رأسي , مبتسما , تعبيرا عن موافقتي و إعجابي , فواصل حديثه قائلا :

و أحيانا أحسها تعرفني , هي الأخرى , أعني الأشخاص , و الأماكن , و الأزمنة , بل و تراقبني , و بشكل شخصي !

*     *     *

انبهرت حقيقة , بما قال , و عندما توقف عن الكلام , أخذ يراقبني , متوقعا و منتظرا أن أقول شيئا , فقلت له , هامسا أيضا , و أنا أضع يدي على كتفه , مؤازرا :

ها قد بدأت تقترب حقا , يا صديقي !

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :