البكوش السيرة العطرة ومرارة الفقد

البكوش السيرة العطرة ومرارة الفقد

  • خليفة الشيباني

برغم قساوة الحدث ومرارته بفقدان المرحوم علي البكوش والذي ذكرتني صورته وهو يقف على منصة التتويج بحصوله على الترتيب الأول بإحدى مسابقات العدو للمسافات الطويلة ويقف بجانبه العدّاء الرائع إبراهيم علي عبدالله الخبيري وهما الخصمان التقليديان بمضمار السباق ، وهما من ضمن جيل كبير من رياضيّي ألعاب القوى الذي أنجبه ملعب ألعاب القوى بسبها بستينات وسبعينات القرن الماضي والذي أنجب عديد الأبطال والذي لن تسعفني الذاكرة لحصرهم ولكن أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر عدّاء المائة متر والقفز العالي المرحوم عثمان الصبي والمغيب محمد شعبان والمرحوم محمد عبدالله ولاعب الوثب الطويل والثلاثي رمضان نسامو ورامي الرمح المرحوم عمر أبوزيد ورياضيي المشي الراحل خلف الله منصور غميض والحاج اقرين صالح اقرين والراحل فرج احبيل ولحق بهم جيل العدّاء الحافي جمال يوسف حطية ولاعب القفز العالي مهدي الفلاح وصاحب الرقم الليبي لفترة عبدالكريم محمد مسعود ، وغيرهم الكثير ، هذا الميدان الذي كان منجما لأبطال ألعاب القوى واللذين خرجوا للمسابقات الدولية العربية منها والعالمية ليحققوا الأرقام القياسية والتي لازالت خالدة إلى أمد قريب ، وكان هذا برعاية كوكبة من المدربين أمثال المرحوم عبدالرحمن الأنصاري ، تلك هي سبها بتلك الفترة محبة ووئام اجتماعي ومنافسات شريفة وبطولات ، كل هذا ذكرني به وفاة ذلك العدّاء الأنيق والخلوق علي محمد البكوش ، والذي تحول من قامة رياضية بعد اعتزاله إلى قامة مهنية مهمة وعصامية ونظيفة ، فقد تسلسل بعدد مراتب الوظائف ، فقد كان رئيسا لمكتب العمل ببلدية سبها ، ثم انتقل إلى العمل بمنظمة العمل الدولية بممثلية ليبيا ثم بممثلية ليبيا بالجامعة العربية ثم سفيرا لليبيا بعدد من الدول إلى أن اعتزل العمل بتقاعده ، وعاد لقريته الوديعة الطيبة غدوة ليقضي بقية عمره وهو لا يعرف أنه سيكون ضحية الغدر من هؤلاء ليقتلوه هو وعدد من جيرانه ، وهم لا يعرفون أنهم قتلوا جزءا مهما من تاريخنا الحافل المجيد واغتالوا صفحة خالدة من هويتنا الفزانية تلك الفسيسفاء الجميلة بمكوناتها وقبائلها وأهلها الطيبين واللذين عاشوا عقودا و أجيالا طويلة متحابين ، إلى أن جاءها من لا يعرف معنى لكل هذه القيم المجتمعية والإنسانية والأخلاقية ، وبرغم كل مايحدث ستبقى فزان خالدة وستنجب العشرات من علي البكوش وغيره وستبقى هي وسيرحلون هم ، رحم الله كل من قضى واقفا شريفا ساهم ولو بالجزء اليسير من تاريخ فزان الناصع البياض ، وأنا على يقين بأن ليبيا ستعود قريبا موحدة وفزان جزءا أصيلا منها وستتجاوز محنتها لترى سلاما واستقرارا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :