التاريخ خبر و رؤية

التاريخ خبر و رؤية

صلاح الدين إبراهيم

حب الكيان كلمة دائما ما تتردد في التغزل بالأوطان ولكن أن يختزل كل هذا العشق و الانتماء في نادي فهذا هو ملخص لما تعنيه الرياضة ، ما تفعله يضاهي ما يمكن أن يتلقاه الطلاب في مناهج مادة التربية الوطنية .

لك أن تتخيل أن كياناً تأسس ليعبر عن وحدة البلاد و انبثق منه رجال خاضوا حياتهم في دروب النضال لينال وطنهم الاستقلال ، بدأت مسيرتهم بقهر أندية الاستعمار في الوقت الذي كانت فيه كرة القدم حكراً عليهم، ويُمنع المواطنون من ممارستها وتستخدم ضدهم كل سبل القهر و الإذلال إلى أن تأسس هذا الكيان مجسداً اهدافه التي نقشت على الشعار.

ثلاث حلقات دائرية متساوية الشكل تحوي حروف وصل امتدادها إلى الحدود الأفقية ، حلقات متصلة تشكلت لتعبر عن اللحمة الأبدية و ترسل رسالة للقوات الاستعمارية بأن ليبيا واحدة مهما كانت مسميات اتجاهاتها الجغرافية.

ما قرأته ليست عبارات غزلية أو تهليلات جماهيرية بل هي حقائق مثبتة ويمكنك أن تجدها لو تصفحت الحقب التاريخية لعلاقة لعبة كرة القدم باللعبة السياسية ، ما أكتبه لك الآن ليس من منهج المحاباة في شيء ولا فيه أي تعدٍ على القواعد المهنية بل هو تجسيد فعلي للمدرسة الواقعية المحكمة أساسا بقاعدة الحيادية ، لن أعود بك إلى تلك الحقبة الأربعينية و قهر الفرق الاستعمارية و تنظيم المظاهرات السياسية أو الأمسيات الأدبية والمطبوعات بمختلف التوجهات الثقافية بل سأسرد عليك ماحصل في الحقبة الحالية في السنة الرابعة والعشرين بعد الألفين حيث أظهرت إحدى الشاشات التلفزيونية طفلاً يرتدي شعار المؤسسة وهو قابع في أقصى الحدود الجنوبية الغربية تبعد عنه العاصمة مسافة لا يمكن القول عنها سوى أنها أشبه بالفواصل القارية فهو ليصل إلى حدود العاصمة يحتاج لقطع مايقارب 1500 كيلو متراً ولو شاهدت الطريق البرية لعلمت حينها بأنها أكثر بكثير من مسافة يمكن حسابها بالمسائل الرياضية ، فهي أرض قاحلة تصحرت بسبب العوامل الجوية و ازدادت سوءاً بإهمالها من قبل الحكومات المركزية، طريق معبدة بحسرة الأبناء و دموع الأمهات بعد أن حصدت منهم آلاف الأرواح ، ذلك الطفل الصغير لم يعرف عن ليبيا الغربية سوى ناديها الذي يرتدي شعاره ولو أنه لم يجد في منطقته فصلا دراسيا من الصفيح يحتويه و سُئل عن اسم البلد الذي ولد ونشأ فيه لقال لك بأنه الاتحاد رايته حمراء وبيضاء احمرت بدماء الشهداء و البياض مستمد من قلوب الوطنيين الأوفياء ، قصة غير قابلة للنقاش لكونها لفته إنسانية لا تخضع للمناكفات الرياضية و لا أقبل بأن تصنف على كونها معركة بين الأندية لتحديد من هو الأكثر شعبية و لا بأس بأن تصنف على أنها منافسة رياضية فكم من طفل يحلم بأن يتواجد و يداعب الكرة في مقر ناديه؟.

هكذا قصص هي خطوات فعليّة تؤكد لنا بأن الأندية مؤسسات اجتماعية ثقافية قبل أن تكون رياضية و أن الرياضة وسيلة فعالة لتحقيق اللحمة الوطنية.

الطفل حمزة المقيم بمنطقة تهالا في غات ظهر في إحدى القنوات التلفزيونية وهو يرتدي شعار نادي الاتحاد لتعلن الرابطة الاتحادية مبادلته الحب و الوفاء وتتكفل بجلبه إلى داخل أسوار القلعة التاريخية لنشاهد حمزة اليوم وهو يلتقط الصور برفقة رجال زعيم الأندية الليبية ، ألقاب الريادة والزعامة لا تمنح بنيل البطولات الرياضية فقط بل إنها تتأكد و ترسخ بفضل هذه المبادرات الإنسانية ، دعوة عامة لكافة الأندية الليبية بادروا بالأعمال الإنسانية وستجدون أقلامنا تهلل لكم غدواً و عشيا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :