التحدي الحقيقي بعد تعديل سعر صرف الدينار

التحدي الحقيقي بعد تعديل سعر صرف الدينار

  • أ :: محمد عمر بعيو :: رئيس المؤسسة الليبية للإعلام‏

أيها الليبيون الطيبون الصابرون جمعتكم مباركة.لا تُصدّقوا الشائعات، ولا تلتفتوا إلى المماحكات والمزايدات، ولا تتوقفوا عند التبريرات والتفسيرات والتأويلات.تعديل سعر صرف الدينار الليبي تجاه العملات الأجنبية، وتوحيد السعر لجميع المعاملات والاستخدامات، سيتم ويُنجز، ولن يتأثر إقراره وتنفيذه خلال الأيام القادمة بما حدث أمس، من منعٍ لسفر السيد الصديق الكبير، الذي ليس صحيحاً أنه كان سيهرب من لــيـبـيــا، وليس صحيحاً أنه يريد أو يستطيع إيقاف مسار التئام وانعقاد مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، بعد أكثر من ستة سنوات من الانقطاع والتعطيل والانقسام والفشل،أو أن محافظ الأمر الواقع العنيد، ومجلس الإدارة منتهي الولاية العتيد، يستطيعون منع اتخاذ خطوة تاريخية تأخرت سنوات طويلة، تتمثل في تحديد سعر الصرف الواقعي والثابت والمستقر وطويل الأجل للعملة الوطنية، وتوحيد أسعار الصرف ومنع تعددها، وإنهاء التشوهات النقدية المَعيبة والكارثية، وضرب المضاربة العشوائية والسوق السوداء الهمجية.اطمئنوا أيها الليبيون من هذه الناحية، فالقرار جاهز، والتنفيذ سيلحق القرار على الفور دون أي تأخير، ليس لأن الصديق الكبير، ومجلس إدارة مصرفنا المركزي صاروا فجأة من الطيبين الأخيار، الذين يخشون الله القهار الجبار في شعبهم البائس المحتار، وليس لأن الشعب الحزين المسكين المستكين، فرض على طغمة التكنوقراطيين المصرفيين المتجبرين إرادته والقرار بالعزيمة والإصرار، ولكن لأن ذلك ما أراده وما فرضه اللاعبون الكبار، وأقول الكبار وليس المتوسطون والصغار.

استخراج وتصدير النفط يتزايد بوتيرة متسارعة، لم يتوقعها حتى أكبر الخبراء وأكثر المتفائلين، وذلك إنجاز يُحسب دون مراء ولا مراوغة ولا مجاملة للمؤسسة الوطنية للنفط، من رأسها الصلب إلى قاعدة هرمها القديرة الخبيرة، حتى تجاوز المليون برميل يومياً في أسابيع قليلة، وسوق النفط العالمي وأسعاره استعدت لهذه العودة الليبية، وتأثر بها المعروض من النفط والأسعار، والشركاء الأجانب بدأوا يستعدون للعودة حفاظاً على مصالحهم، واستدراكاً لخسائر التوقف والإقفال، والإيرادات المالية المتدفقة إلى حساب المؤسسة لن تدخل مثلما كان الحال إلى خزائن المصرف المركزي، تحت نفس الظروف الشاذة السابقة، حيث المحافظ ينفرد وحده بسلطة التصرف فيها دون حسيب ولا رقيب، فيُفقر مليون ليبي كلما أغنى دون وجه حق مائة تاجر فاجر وديناصور وميليشياوي، ويتنقل باحتياطياتنا الصعبة من مصارف خارجية متعسرة، إلى أخرى تنخفض فيها مؤشرات وتصنيفات الأمان، وترتفع فيها معدلات المخاطرة، ولابد من عودة الأمور في مصرفنا المركزي إلى وضعها القانوني، حيث المسؤولية لمجلس الإدارة كله لا لرئيسه المحافظ وحده، وحيث السلطة التشريعية الموحدة وإن تكن ضعيفة هي المسؤولة بالقانون وأمام الشعب عن المؤسسة الإقتصادية النقدية، الأُولى والأكبر والأخطر، في بلاد الاقتصاد الريعي حيث وياللكارثة يتم توليد النقود من النقود، وليس خلق النقود من خلال تخليق وتوليد أدوات النشاط الإقتصادي بالإنتاج والخدمات، لا بالسمسرة والمضاربات.

موضوع تعديل وتثبيت وتوحيد أسعار الصرف، الذي هو اقتصاد جزئي، أي جزء من السياسة الإقتصادية وليس كلها، سيكون وراءنا بعد أيام، لكن ما سيكون أمامنا ويتحدانا أيها الليبيون هو الأصعب والأخطر والأكثر تأثيراً على معيشتنا، ألا وهو السياسة الإقتصادية العامة التي لابد أن تضعها وتنفذها حكومة وطنية موحدة قوية وعاملة وفاعلة، وحالة الاقتصاد الكلّي، الذي من ضمنه العمل والنشاط الاقتصادي الفردي والجماعي العام والخاص، والأسعار، ومعدلات التضخم أي القوة الشرائية للدينار، وسياسات الأجور التي تحقق قدراً من العدالة والتعادل، وتحد من هذا التفاوت الظالم بل الإجرامي بين دخول المواطنين، خاصة الذين يتقاضون أموالهم من الخزانة العامة، وسياسات الضرائب، والإئتمان المصرفي والإقراض وأسعار الفائدة أو بدائلها، وهي الأدوات التي بدونها لا يمكن ضخ النقود في شرايين الإقتصاد، وخلق الوظائف ومواطن الشغل، وتوجيه الشباب نحو التعلم والعمل والتطور، لا نحو الجهل والتخلف والموت والحروب، والإنهاء التدريجي والحاسم للإقتصاد القديم المتخلف، حيث الدولة هي المالك شبه الوحيد للثروة، وهي الفاعل الأكبر والمؤثر في السوق بجميع وجوهه امتلاكاً واحتكاراً وتشغيلاً وتوظيفاً، ومحاربة الفساد بالقانون والسياسات والإجراءات والمعالجات، لا بالبيانات والتصريحات والمقالات.

الموضوع كبير ومعقد، ويحتاج المزيد المزيد من الكتابات والتحليلات والندوات والفعاليات، ليستنير الرأي العام عبر الإعلام، إعلام الحقيقة والخير والتنمية والسلام، لا إعلام الزور والتدليس وتشويه المفاهيم، وتخريب الأذهان، وتعطيل الأفهام.ولتبق ليبيا حتى زوال الزمن ورغم المِحن

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :