- حسين الدويبي
يرى الكثيرون ان التطورات التكنولوجية ستغير حياتهم نحو الاسوء، وان استخدام هذه الابتكارات تسيئ الى حياة الفرد الشخصية ، وقد ارتبط مفهوم التكنولوجيا بالافراد بانه مجرد انتهاك للخصوصية والتجسس والاختراق والتتبع وسرقة المعلومات والبيانات الشخصية والتحركات لاغراض امنية واستخباراتية وغيرها. وفي زمن الكورونا وبعد ان اثبتت التكنولوجيا نفسها بانها هي خط دفاع اول عن الانسان في مواجهه الفايروس و أُسقطت جميع هذه المفاهيم وانتقلت من الاسائة ومن الانتهاك للخصوصية الفردية الى جانب الاجهزة والادوات الطبية واصبح دورها لا يقل اهمية عن دور الاجهزة والكوادر الطبية في ادارة ازمة الكورونا، واصبح لزاماً علينا التفكير في صياغة واعادة تعريف العلاقة مع التكنولوجيا، وتوضيح هذا التعريف بحيث يتم تحديد متى وكيف يمكن تطبيق واستخدام بعض منها على الافراد، خصوصاً وانه كما ذكرت بان مفهوم التكنولوجيا ارتبط في مخيلة الافراد بانه مجرد انتهاك للخصوصية والتجسس والتتبع والقرصنة وغيرها من الامور الاخرى . فبإلقاء نظرة سريعة على التجربية الصينية التكنولوجية في الحد من انتشار فايروس كورونا من تطبيقات وانظمة مراقبة تحتوي على مستشعرات تتعرف على الوجوه وقياس درجات الحرارة، والتي تم نشرها في جميع الاماكن العامة والمطارات، والتي تقوم بكشف درجات الحرارة وقياس نبضات القلب بالاشعة التحت الحمراء ، ومعرفة الوضع الصحي للفرد، وتعطي مؤشرات هل هو مصاب ام لا وهل هو بحاجة الى رعاية صحية ام لا، وكان ذلك عن طريق برمجيات الذكاء الاصطناعي. كما انه تم استخدام الروبوت في تقديم الوجبات الى المرضى، ومتابعة المرضى وفحص حالتهم الصحية وتشخيصهم والتصوير الحراري ونقل العينات الطبية والتعقيم، وطائرات بدون طيار تقوم بالتعرف على الوجه بدقة حتى وان كان الشخص مقنع ، كل هذه التكنولوجيا التي تم استخدامها في الصين لادارة الازمة، و كانت سر في تفوق الصين في الحد من انتشار فايروس كورونا بحيث قننت من استخدام الكوادر الطبية البشرية، وكانت بديل لها واثبتت بانها شريكة للكوادر والادوات الطبية، كما اسهمت بشكل كبير في الحد من احتكاك الكوادر الطبية بالمصابين وعدم تعرضهم للمرضى، الامر الذي ادى الى تقليل انتقال الفايرس الى الكوادر الطبية نتيجة لاستخدام الروبوت الالكتروني كبديل للبشر. ان المعركة التكنولوجية بدأت بصورة بسيطة جدا من خلال تطبيقات تقوم بارسال رسائل تحذيرية ، وبدأ تصنيف المواطنين في الصين بحسب المناطق التي اصيبت بالفايروس ، صنفت هذه التطبيقات المواطنين الى ثلاثة اصناف ، اللون الاخضر المسموح له الحركة المطلقة، والاصفر حركة محدودة، والاحمر يمنع التحرك، ومن خلال التطبيقات تمت مراقبة المواطنين وفق هذه التصنيفات الكترونيا، وبذلك تم الحد من انتقال المواطنين الى الاماكن الموبوئة وبذلك قللت من نسبة انتشار الفايروس كل هذا كان عن طريق تطبيق الكتروني. الى ان تطور الامر الى استخدام الطائرات بدون طيار بعملية المسح الحراري لمناطق كبيرة جدا ونقل المساعدات بدون تدخل بشر، وبالتالي يتم انقاذ حياه البشر وتقليل فرصة تعرضهم لاماكن مصابة مما ادى الى عدم نقل الفايروس الى اماكن اخرى ، الى ان بدأ استخدام تطبيقات الذكاء الصناعي في تحليل المرض في ثواني معدودة بدون استخدام ادوات طبية، ومن المعلوم بان الاختبار يحتاج الى وقت وادوات ومواد طبية ومخبرية ، الا ان تطبيق هذه الخوارزميات وصلت الى نسبة من الدقة وصلت الى 96% من خلال مؤشرات حيوية يتم تحليلها باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي ،وادى ذلك الى اكتشاف مبكر للمصاب، وتم البدء في تحليل البيانات العملاقة بخلق فرص ايجاد بدائل وعلاجات او نوع من اللقاحات السريعة من الادوية الموجودة كما اسهمت اجهزة الكمبيوتر العملاقة في استشراق انواع جديدة من اللقاحات للتعامل مع الفايروس . ان من التداعيات السلبية لانتشار فايروس كورونا توقعات بفقدان الملايين حول العالم لوظائفهم، ولكن التكنولوجيا اثبتت للجميع بانها تشكل بديل للكادر البشري الى حد ما. الامر الذي يتطلب توظيف التكنولوجيا في جميع المجالات، وقد لوحظ بان العديد من الدول حول العالم سخرت التكنولوجيا من خلال منصات تعليم الكترونية عن بعد ، وان الشركات تقوم باجتماعاتها وادارة اعمالها عن بعد كما ان شركات الاتصالات حول العالم وفرت البيئة المناسبة لكل ذلك من خلال تقديم سرعات انترنت فائقة. وبدأ العالم يتأقلم مع هذا الواقع لينتقل من التجريب الى الواقع مع الاندماج والانصهار بالتكنولوجيا وادواتها. ان دخول ثقافة استخدام البطاقات الذكية والدفع اللاتلامسي و اتمام المعاملات الحكومية والمصرفية و استخدام التكنولوجيا وادواتها بكافة اشكالها في مجتمعنا ستجعل الفرد يدرك بانه كان يقضي وقتاً طويلا للذهاب الى الجامعة لحضور محاضرة او الذهاب الى البنك لسحب النقود او الذهاب لحضور اجتماع او حتى الذهاب لانهاء معاملة حكومية او مصرفية او عمليات التسوق وغيرها. ان الدول والحضارات تبنى بالتكنولوجيا وان القوى العظمى هي من تمتلك ادوات التكنولوجيا وتستطيع توظيفها فمن يمتلك التكنولوجيا يمتلك المستقبل، وان ما حدث في الصين من توظيف للتكنولوجيا لم يكن وليد اللحظة. لذلك اعتقد ان من مصلحة الحكومات استغلال هذه الفرصة الذهبية اذا كانت تريد توفير اموال وترشيد النفقات ان تتبنى فكرة توظيف التكنولوجيا وان يتم البدء بشكل حقيقي في اختبارها، وان تكون هنالك خطط لامتلاك التكنولوجيا، لا ان يتم شراؤها بصورة مباشرة حيث ان الشراء يعتبر حل سريع ولكن لا يُمَكن الحكومات من امتلاكها على العكس تماما تكون جميع هذه المنظومات التكنولوجية ومحتوياتها مرهونة لمنشئها او صاحبها وليس لمستخدمها.