الفنان حسن قرفال لفسانيا : الفن في ليبيا فتح الباب لكل من هب ودب !

الفنان حسن قرفال لفسانيا : الفن في ليبيا فتح الباب لكل من هب ودب !

  • حاوره :: سالم البرغوثي

المَسْرَحُ فِي بِلَادِي يَحْتَضِرُ وَيَلْفِظُ أنْفَاسَهُ الأخِيرَة

هو ابن البحر والمراكب وزنقة الريح وكوشة الصفّار. هو رمز من رموز المسرح العربي.هو الأستاذ،الجامعي المتمكن هو الإنسان الذي اجتمعت فيه كل صفات التواضع والعطاء والنبل والحداثة. هو ابن الزمن الجميل وصاحب الصوت الرخيم والشخصية القوية .. هو من جيل الكبار ومن عمالقة المسرح وأعمدة الدراما الليبية . ينتصب شامخا كقوس ماركس وصلبا كأشرعة مراكب الصيد على شواطئ طرابلس. لا يقبل كل الأدوار بسهولة لأنه يحترم تاريخه الفني ولأنه قدوة لجيل يتربى على يديه في الأكاديمية . رغم جرحه الغائر في فقد رفيقة العمر والدرب والمشوار مازال الفنان حسن قرفال أيقونة العطاء في زمن التردي.

سأبدأ معك من حيث انتهيت . كيف كان تأثير فقدان رفيقة العمر الراحلة حورية مظفر ؟

يوم فقداني لزوجتي شعرت بالحزن العميق أظلمت الدنيا أمام ناظري لأني لم أفقد زوجة بل فقدت حبيبة وأختا وصديقة افتقدت شمعة أنارت حياتي دخلت بعد رحيلها ، حالة من الاكتئاب وخليت بنفسي لكن كان عليّ أن أكمل ما قامت به من عمل جبار وهو تربية أولادي، رحلت حورية جسدا لكنها لم تبارحني روحا أصبحت أراها في كل جميل حورية كانت ملهمتي ورفيقة دربي علمتني أشياء كثيرة وكانت بجانبي ودفعتني إلى التألق فنا وأدبا وحياة ، إنسانة لم يجُد الزمان ولن يجود بمثلها رحمها الله وأحسن مثواها حبيبتي وأم أولادي سفيان ومعاوية، الرئتان اللتان أتنفس بهما والعينان اللذان أبصر بهما. مابين مشاركتك في مسلسل حرب السنوات الأربعة إلى زنقة الريح زمن طويل، هل كل هذه المدة كنت تنتظر دورا يليق بتاريخك الفني أليست مدة طويلة لكي تختار ؟ كنت مهتما بالدراسة والتحصيل العلمي فقد تحصلت على دكتوراة الدولة وهي أعلى شهادة علمية ثم اهتممت بالتدريس إضافة إلى أن الأعمال التي عرضت علي لم ترتقِ لمستوى طموحاتي إضافة إلى شح الأعمال التلفزيونية لكني اهتممت بالدراما الإذاعية وقدمت العديد من الأعمال منها وأخرجت مجموعة من المسرحيات وشاركت في عدة مهرجانات عربية وعالمية بعروض مسرحية من إخراجي كمهرجان دمشق الدولي ومهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة بالإضافة إلى تقديم ورقات علمية مشاركة مني في هذه المهرجانات وترأست ثلاتة مهرجانات مسرحية وطنيه 2007 ، 2008 ، 2009.

– حُورِيّة كَانَتْ مُلْهِمَتِي وَرَفِيقَة دَرْبِي عَلّمَتْنِي أشْيَاء كَثِيرَة

الدراما الليبية تمر بأسوأ فترة فهل هو نتاج لعدم الاستقرار السياسي أم هو فشل فني اختبأ خلف فترة عدم الاستقرار ؟ولكي أكون صريحا معك فالإنتاج الفني في سوريا مثلا لم يتوقف رغم سنوات الحرب؟

نحن سوف نتحدث عن المسرح أولا المسرح في بلادي يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة وذلك لعدة أسباب نوردها فيما يلي: أولا، عدم وجود مسرح صالح للعرض ، مسرح الكشاف المسرح الوحيد المهيأ للعروض بعد أن طردت منه فرقة المسرح الوطني. ثانيا، ليس لدينا تقليد مسرحي وأعني عدم الاستمرار في العروض تباعا. ثالثا، عدم اهتمام الجهات المسؤولة بالفرق الخاصة وعدم دعمها ماليا وفنيا حتى أصبحت أغلب هذه الفرق دكاكين لبيع الملابس أو السجائر أو مقاهٍ، عدم مشاركة المحطات التلفزيونية وأعني عدم الإعلان عن نشاطاتها فيما يخص العروض إعلانا وترويجا وإشهارا، أما فيما يتعلق بالدراما التلفزيونية فقد بدأت بداية جيدة منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي ولكنها تأخرت وكادت أن تتلاشى منذ منتصف الثمانينات وأرجع الأسباب لتخلي الدولة عن تمويل الدراما ولم تعتبرها عنصرا من عناصر الثقافة واستثمارا بشريا واعتبرتها ترفا وانعكس ذلك على مايسمي بالمنوعات والتي كانت تبث في شهر، وهي خالية من الشكل الجمالي والمضمون الجمالي وخلوها من الرسائل التثقيفية، عدم وجود شركات متخصصة في الإنتاج الدرامي خلال السنوات الماضية، عدم الاهتمام بالفنان الليبي وعدم إرساله في بعثات من قبل وزارات الإعلام المتتالية ليستفيد من التطور التقني والفني في مجالات السيناريو والتمثيل والإضاءة والصوت والمونتاج والإخراج وغيره أما سوريا فقد شجعت الشركات الخاصة مما أوجد تنافسا بينها لتقديم الأفضل وتقدمت فنيا خطوات جعلتها الأكثر انتشارا في البلاد العربية وأصبحت تنافس مصر والخليج ، الفن في ليبيا فتح لكل من هب ودب وذلك لعدم وجود نقابة للفنانين تضع خططا للارتقاء به ، وعدم وجود لجان متخصصة في الفن كلجان العروض والنصوص مما أوجد فراغا تسلل من خلاله بعض المدّعين الذين ليس لهم علاقة بالفن حتى وصل الحال إلى كتابة المشاهد تحت الكاميرا وقت التصوير مما ساهم في تردي هذا الفن، اللهم إلا إذا استثنينا بعض التجارب الجادة وهي قليلة، لكن كلي أمل وطموح خلال الفترة المقبلة في التقدم والإنجاز من بعض الشركات خاصة لتقديم أعمال تحترم عقلية المشاهد وتبتعد عن التسطيح والإسفاف وتقدم فنا نبيلا .

. – بَعْضُ المُمَثّلِينَ لَا يُفَرّقُ بَيْنَ تَكْنِيكِ التّمْثِيلِ السّينِمَائِيّ

في ظل التطورات الحديثة التي طرأت على الخطاب البصري في العالم أين تجد مستقبل الدراما المحلية؟ دراما المسلسل المرئي على وجه الدقة وهل أنت متفائل لشكل دراما ليبية جديدة ؟

نحن نعلم جميعا التطور الذي طرأ على الدراما العربية مؤخرا تقنيا وفنيا بعد أن كانت سابقا أقرب إلى الدراما المسموعة وهي تغلب الحوارات عن المشهدية كأثر لثقافتنا السمعية وهي نتاج للغة سوق عكاظ والحكايات المتوارثة من أساطير أبوزيد الهلالي ووضاح اليمن فكانت أغلب اللقطات مبنية على الحوار وفي نفس المشهد إن أسميناه مشهدا مجازا وكان الممثل جامدا وبتطور الرؤى الفنية أخذت الكاميرات تلعب الدور الأكبر في تعزيز الحدث بصريا فبدل الحوار الطويل بدأ الاستغناء عنه بالصورة ونقلها من مكان لآخر حسب التسلسل الزماني ومن خلال متابعتي للعديد من الأعمال الدرامية التلفزيونية لاحظت أن هناك تطورا في العملية الإخراجية حاليا بفضل بعض المخرجين الشباب منهم على سبيل المثال لا الحصر أسامة رزق ومرد ذلك لدراستهم الأكاديمية الفنية ومتابعة الأعمال العالمية ومحاولة الاستفادة منها إلا أنه ومن منظور آخر لازال هناك قصور فيما يتعلق بمسألة التشخيص أو التمثيل وذلك لأن بعض الفنانين لا يبحثون في خفايا الأدوار التي يجسدونها نفسيا واجتماعيا وليس لهم علاقة بعلم نفس الإبداع والرسائل الإبداعية وعدم دراستهم للعمل كاملا ويقتصرون على الاطلاع على أدوارهم مما لا يمكنهم من تفكيك الشخوص التي يؤدونها وعلاقتها بالشخوص الأخرى ذات العلاقة إيجابا أو سلبا وبعضهم لا يفرق بين تكنيك التمثيل السينمائي التلفزيوني والمسرحي لكن بالرغم مما قلت هناك بعض الشباب المجتهدين المطلعين على أهم مدارس التشخيص كمدرسة الأستوديو ومدرسة المنهجية وغيرها وربما لقلة خبرتهم في التعامل مع الكاميرا والحالات المتعددة والمتباينة، لكن كلي أمل أن الدراما في بلادي ستتطور لو وفر لها من ضروريات الإنتاج والتشجيع والتوزيع وكذلك مواضيع جديدة غير مستهلكة وضرورة الاهتمام باللغة العربية القُحّة والتدرب على الإلقاء السليم وذلك بالرجوع إلى الإكثار من قراءة القرآن والاستماع إلى المرتلين، أيضا كلي أمل أننا سنلحق بمن سبقونا في حرفيتهم وتقنيتهم لو توفرت النية والاجتهاد والمثابرة والاطلاع والدراسة والبحث الجاد وتوفرت الإمكانيات المادية وسوق التوزيع الخارجي .

التلفزيوني والمسرحي – بَدَأتُ الدّرَامَا التّلِفِزيُونِيّة اللّيبِيّة وَظهَرَتْ لِلوُجُودِ فِي 1968

في رأي الفنان حسن قرفال هل صرنا أفضل الآن فيما يخص الرؤى الإخراجية أم كان لنا في السابق رؤى إخراجية مع مجموعة مخرجين وطنيين؟وإذا كان ثمة اختلاف فما هو ؟

بدأت الدراما التلفزيونية الليبية وظهرت للوجود في 1968 صباحا على أيدي بعض المخرجين وكان أول عمل بعنوان بداية الطريق إخراج الأمين ناصف وتأليف محمود الهتكي، ثم توالت الأعمال وبرز مخرجون منهم على سبيل المثال لا الحصر حسن التركي عبدالسلام رزق، محمد الساحلي عثمان الشويخ، محمود الزردومي ووفق ذلك الزمن البعض منهم كان ذو رؤية فنية جمالية وفق ما كان متاحا آنذاك وبعضهم كان ناقلا بدون جماليات لكنهم أثروا الحركة الفنية وتطور بعضهم وقدموا وأخرجوا أعمالا عربية مشتركة منهم عبد السلام رزق ومحمود دريزة، والزردومي، وحسن التركي لكن لابد أن نعطيهم حقهم فقد أرسوا قواعد الدراما التلفزيونية أما بالنسبة للمسرح فلم يكن هناك شيء اسمه إخراج مسرحي قبل سبعينات القرن الماضي ولكن بعد الدورات التي وفرتها الهيئة العامة للمسرح بإرسال بعض الفنانين لبعض الدول وبعد عودتهم ظهرت ملامح حركة إبداعية في مجال الإخراج المسرحي ومنهم الطاهر القبايلي، منصور سرقيوه، فتحي كحلول، داوود الحوتي، محمد أبوشعالة،وغيرهم وبدأ فن الإخراج يأخذ منحًى جديدا مستدلا بمدارس الإخراج العالمية من ستانسلافسكي، وألكسندر هيج وأنطوان أرتوا، ومايرخولد، وصولا لبيتر لروك، وجون جلجوت، وألن شنايدر، وبدأت الأعمال تبشر بالخير في مجال المسرح وظهرت مدارس متعددة كالمسرح الملحمي ومسرح القسوة، والكلاسيكي واللامعقول لفترة منتصف السبعينات وأوائل الثمانينات بيتر بروك ليس بيترلروك وجروتفسكي رائد المسرح الفقير وفق الاستبيانات تبين أن المشاهد رغم أنه أحب مذاق زنقة الريح لكنه في ذات الوقت بات يشكك من حين إلى آخر فيما يخفي وراء ما طرحه المسلسل حول العلاقة بين العرب واليهود وهي لا تخفى على أحد في القديم كونهما جيران في بلد واحد ولكن النظرة تغيرت بالضرورة بعد اغتصاب فلسطين. كيف تناول المسلسل هذه العلاقة مع إصراره في النهاية على أن العرب واليهود “خوت” أريد أن أسألك أستاذ حسن وأنت ابن المدينة القديمة ميلادا ونشأة .

لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ اسْمُهُ إخْرَاجٌ مَسْرَحِيٌ قَبْلَ سَبْعِينَاتِ القَرْنِ المَاضِي

هل حصل في الواقع أثناء الحملة ضد اليهود في المدينة القديمة أن سكان المدينة القديمة أن العرب واليهود خوت . كيف تفسر ذلك ؟

زنقة الريح عمل رائع وقفزة نوعية في مجال الدراما الليبية سيناريو وإخراج وتمثيل وتصوير وإنتاج عمل فني متكامل دراما بصرية ممتازة ليس لأني مشارك فيه ولكن هذه هي الحقيقة أما في علاقة اليهود بالعرب كما عاصرتها أنا ابن المدينة القديمة فكانت علاقة اجتماعية يسودها السلام هم لهم تقاليدهم وعاداتهم ونحن كذلك أما ما حصل من توتر في العامين 1948 صباحا و 1976 كان نتيجة لتدخل أجنبي متمثلا في دور الوكالة اليهودية المشبوه ولمعرفة تفاصيل ذلك عليك الرجوع لكتاب اليهود في طرابلس وهو من منشورات مركز جهاد الليبيين وسيغنيك عن السؤال. الدراما والتاريخ، أين تكمن الخطورة؟ وهل يحق لمخرج العمل فرض رؤيته وإن كانت على حساب الثابت من أجل أطروحات فكرية وجمالية؟ مصطلح الدراما التاريخية أصبح مصطلحا فضفاضا يحمل تحت عباءته الكثير من المفاهيم وحسب وجهة نظري فهناك فرق بين الدراما التاريخية والأعمال التسجيلية فشكسبير عندما كتب عطيل وهاملت، والملك لير، كتب أعمالا من وحي إبداعاته لكنه لم يتطرق إلى أحداث تاريخية إنما استعان باللباس والديكور ليبين زمن معالجته للأحداث من وجهة نظر تاريخية ولم يتطرق لصيرورة التاريخ وقد رأينا ذلك في أعمال سينمائية كثيرة كدكتور زيفاجو وبن هور، والوصايا العشر وفي أعمال عربية كباب الحارة، وزنقة الريح، والحب والشتاء، التزم فيها الكُتاب بالجانب الاجتماعي وهناك أعمال تتطرق لأحدات تاريخية وشخصيات تاريخية كعمر المختار والرسالة وأعمال تاريخية وهذه الأعمال لابد لكاتبها أن يغوص في الوثائق والمصادر والمراجع حتى يتسنى له أن يمسك بناصية الأحداث المتلاحقة شريطة أن تكون هناك مصداقية في التناول ولكن من حقه أن يضيف بعض المشاهد الفنية والجمالية التي تتطلبها عين المشاهد دون التورط في المبالغة وتزييف التاريخ أما المخرج فله دور مهم وحيوي من خلال كوادره وتوضيح العلاقات الطبيعية بين الشخوص وفق منهجية جمالية وتسخير الصورة لإيصال المضمون والرسالة البصرية للمتلقي، عموما الدراما فن الصراع لا السرد كما يرى ذلك أرسطو في كتابه فن الشعر، ترجمة دكتور عبد الرحمن بدوي رحمه الله

مُصْطَلَحُ الدّرَامَا التّارِيخِيّة أصْبَحَ مُصْطَلَحًا فَضْفَاضًا

بعيدا عن الذين رحلوا من رواد المسرح. هل ثمة وجوه أثرت الحركة المسرحية بعد رحيلها من الجيل الوسطي ومن من الفنانين الحاليين يرى الدكتور حسن أنه سيكون لهم تأثير في إنعاش الحركة المسرحية ؟

نعم هناك فنانون من جيل الوسط أثْروا ويُثْرون الحركة المسرحية فكما نعلم المسرح في ليبيا كان مهتما بالأعمال المسرحية الاجتماعية ذات الخصوصية ولكن ظهر مسرحيون جدد طوروا النص المسرحي والتزموا بأساسيات الدراما المتعارف عليها نصا كالعقدة والصراع، والحل والشخوص، ومن أبرزهم على مستوى الكتابة المسرحية منصور بوشناف، وعلي الفلاح، والبوصيري عبدالله، وعبدالباسط عبد الصمد وغيرهم، وفيما يتعلق بالعملية الإخراجية برز داوود الحوتي وفتحي كحلول، وعبد الله الزروق ومحمد الصادق، والقديري، وأحمد إبراهيم، وغيرهم، وهؤلاء جميعا ساهموا بكل حب وإخلاص بالتطور في إثراء الحركة المسرحية متى أتيح لهم ذلك وأعني سياسيا وماديا ومن الممثلين والممثلات كَمٌ لا يستهان به.

لو عرضت على الفنان حسن قرفال وضع استراتيجية لعودة المسرح الليبي إلى سابق عهده . ماهي أولوياتك في ذلك؟ هل هي بناء مسارح أم إعداد كوادرفنية؟ هل سيبدأ في تكوين فرق مدرسية وجامعية؟ ماذا ستفعل بالتحديد ؟ أولا، تشييد قاعات للعروض في كل المدن الليبية، إقامة مسابقات بين الشباب في الكتابة المسرحية والإخراج، إرسال بعثات من المتفوقين للاستزادة من علوم الدراما نظريا وعمليا، إقامة دورات داخلية واستدعاء متخصصين. وأكادميين لإعطاء محاضرات إقامة مهرجانات سنوية في كل مدينة، والفائزون يلتقون في مهرجان كبير للتنافس ، تشجيع طباعة المسرحيات الليبية وصرف مبالغ مالية تجشعهم على التنافس الشريف والاستمرار، ربط علاقة إيجابية بين المسرحيين وأجهزة الإعلام المتنوعة لإبراز إبداعاتهم دعايةً وإشهارا وترويجا، أنا ابن المسرح منذ طفولتي عشقته ممثلا ومخرجا وباحثا ومعلما عشقي للمسرح عشق عذري وساهمت في إثرائه فنانا ومسؤولا ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. وأين المسرح المدرسي من استراتيجيتك ؟ المسرح المدرسي مهم جدا تربويا وفنيا فهو بالإضافة إلى أنه منجم لاكتشاف المواهب هو في حد ذاته رافد لما يسمى بتنمية التذوق الفني وله جهة خاصة ترعاه وهي قسم النشاط بوزارة التربية والتعليم وهي المناط بها لنشر المسرح مدرسيا.

الفارس عندما يمتطي جواده ليس من السهل السقوط من على ظهره لقد سقط بعض من نعتبرهم نجوما في الإسفاف ونجح بعض الهواة في تقديم أعمال مقبولة . كيف يُقيّم حسن قرفال الأعمال الرمضانية هذا العام؟وهل من المقبول أن يقع الفنان تحت سطوة المال دون النظر لتاريخيه الفني ؟

أولا، أشكرك على ديباجة سؤالك الجميل هذا، كنت قد تعرضت في أحد إدراجاتي لمَ تفضلت به، أنا ضد التسطيح والتهريج أنا مع الفن الهادف الجميل أنا مع الإبداع الراقي أما من يقدم الإسفاف فهذا مرفوض في عرفي وأتحسر وأتأسف على ما قدمه بعض الزملاء ذوي الخبرة من أعمال أبسط ما يقال عنها تهريج لا تشبع ولا تغني من جوع فنيا وثقافيا وربي يهديهم. المسلسل التاريخي الزعيمان الذي يعرض حاليا على قناة سلام أثار موجة من الجدل حوله..كيف يُقيّم حسن قرفال هذا العمل تاريخيا وتقنيا؟ لن أستطيع الإجابة عن سؤالك هذا الآن حتى يكتمل عرضه فالمسلسل من خلال الحلقات المذاعة سيكون مادة دسمة للنقد الموضوعي البناء.

هل يرسم تاريخ النص خريطة الإبداع الإنساني ؟

لكل مرحلة تاريخية مبدعوها ولكل زمن نصوصه ولكن بعض النصوص لم تتعامل مع القيود الزمنية وتجاوزتها في التعرض لقضايا الإنسان أينما كان باعتباره كائنا حيا على هذه الأرض فشكسبير ناقش قضية الفرقة العنصرية ومسألة الغيرة وتعرض لقضية الإنسان في صراعه بالفكر والعمل وموليير ناقش تسلط رجال الدين المسيحي في مسرحية طرطوف وتعرض ابسن لقضية المرأة في كل العالم واستطاع صاحب مسرحية في انتظار جودوان نقد العالم المعاصر اجتماعيا وسياسيا وحاول كليفورد أوديتس تشريح الصراع الطبقي في مسرحيته في انتظار اليسار والأمثلة كثيرة ولكل قاعدة استثناء. بعض الرموز الثقافية والعلمية ممكن أن تكون مادة ثرية لخلق نصوص درامية كبيرة. في مصر عرض مسلسل عن طه حسين ورأفت الهجان وغيرهم. أليست ألفت قويدر العبيدي أول طبيبة ليبيه تخرجت من القصر العيني وخديجة الجهمي وقدرية بن صويد يمكن كتابة نص درامي يتناول مثل هذه الشخصيات .نحن نفتقد لمثل هذه النصوص ؟ إذا كان لهذه الشخصيات أثر وتأثير في وسطها الاجتماعي والسياسي يتوجب تقديمها وليس كل الشخصيات تستحق ذلك إلا إذا كانت فاعلة في زمانها نستقي منها ما يشجعنا على رؤيتها والتمتع بما قامت به من إنجازات علمية أو ثقافية أو سياسية وتحفزنا لمجاراتها وتكون لنا نبراسا نهتدي بها في حياتنا، بالتأكيد الأمر يحتاج إلى بحث لكن هذا المسار أو الخط لم يتناوله المختصون في الدراما المحلية نعم لم يتناولوه سابقا إلا إذا استثنينا مسلسل الزعيمان وبرغم ما قيل فيه من آراء مختلفة إلا أنه يبقى سبقا في هذا المجال.

سؤال أخير: هل يشتاق حسن قرفال للمدينة القديمة أم أن الحنين إليها بدأ يتراجع بعد أن هجرها معظم سكانها القدامى ؟

أنا ابن المدينة القديمة ولدت على شاطئها ولعبت تحت قوس ماركوس واستنشقت عبير حب سكانها ، المدينة القديمة بالنسبة لي المدرسة الأولى التي نهلت من إبداعاتها فن وثقافة المدينة القديمة فن المالوف وألحان كاظم نديم ومحمد مرشان وشدو سلام قدري ومحمد رشيد وخالد سعيد المدينة القديمة شعر أحمد الحريري المدينة القديمة لوحات البارودي وعبيه المدينة القديمة كتابات خليفة التليسي وقصص التكبالي المدينة القديمة مسرح مصطفى الأمير المدينة القديمة إبداعات بلون قوس قزح كيف لي أن أنساها أو أتناساها وهي التي شكلت وجداني المدينة القديمة منهل المالوف والمدائح والأذكار

ختاماَ: حسن قرفال تحدث بشغف ورؤية فنية ومهنية .تحدث بألم وبرغبة في التغيير وكان صريحا إلى أبعد حد .كان مثالا للفنان الحقيقي . شكرا دكتور حسن قرفال وقد تشرفت بلقائك على صفحات فسانيا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :