الحوار الوطني و آفاق التعاون

الحوار الوطني و آفاق التعاون

بقلم ::  سالم محمد جوان :: salzletni@gmail.com

لا شك أن انطلاق مشروع الحوار الوطني في ليبيا ((الأم الحنون))، يعد خطوة متعثرة كان من المفترض أن تكون متقدمة ، وتستهدف توفير مساحة لقاء وتفاهم حول موضوعات حيوية وتشغل الرأي العام المحلي بين أطراف وشخصيات ، دينية وعلمية وثقافية واجتماعية ووطنية ، تعد جزءاً أساسياً من النخبة الوطنية وأساس هذا الحوار والمبادئ الذي يقوم عليه الدين والسنة النبوية الشريفة وهو مبني على الحب في الله فكيف نبني وطنا للعيش علىٰ مبدأ الأخوة في الله ونحن لا نخاف الله ولا نحترم بعضنا؟! و ما المعنى من تماسك المجتمع المسلم من دون المحبة والود فيه؟ يهدف الإسلام أن يعيش الناس جميعاً متوادين ومتحابين، يسعى كل فرد منهم في مصلحة الجميع وسعادة المجتمع، حتى تسود العدالة، والمساواة والطمأنينة في النفوس، ويقوم التعاون والتضامن فيما بينهم، ولا يتحقق ذلك كله إلا إذا أراد كل فرد في المجتمع لغيره مايريده لنفسه من السعادة والخير والرخاء، ولذا نجده صلى الله عليه وسلم يربط ذلك بالإيمان، ويجعله خَصْلَة من خِصَاله الإيمان الكامل إن أصل الإيمان يتحقق بتصديق القلب الجازم، وإذعانه لربوبية الله عز وجل، والاعتقاد ببقية الأركان، من الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر، ولا يتوقف أصل الإيمان على شيء سوى ذلك. وفي هذا الحديث يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإيمان لا ترسخ جذوره في النفس، ولا يتمكن من القلب، ولا يكمل في صدر المسلم، إلا إذا أصبح إنسانا خييرا، بعيداً عن الأنانية والحقد، والكراهية والحسد، ومما يحقق هذا الكمال في نفس المسلم أن يحب لغيره من الخير المباح وفعل الطاعات ما يحبه لنفسه، وأن يبغض لهم من الشر والمعصية ما يبغضه لنفسه أيضاً وأن يجتهد في إصلاح أخيه المسلم، إذا رأى منه تقصيراً في واجبه، أو نقصاً في دينه فكيف يحقق الحوار الوطني مبدأ الملك والحكم لله والسيادة للأمة من خلال التدافع السياسي، والأحزاب السياسية و هما اللذان يوقظان الخصوصيات على نحو سلبي، فينتج من جراء ذلك التباغض والكراهية بين المواطنين.. لأن جميع المواطنين بدؤوا يتلمسون حقيقة أن انتماءهم الديني أو القومي أو إلى القبيلة له مداخلة أساسية في نيل حقوقه الكاملة أو منعها عنهم .. فلذلك تنمو الحساسيات بين المواطنين، والتي تنتهي بحالة من الجفاء المستحكم.. لأن الطرف الممارس للكراهية، حصل على الخيرات لاعتبارات غير كسبية لا دخل له فيها، لذلك سيستميت هذا الإنسان إلا ما ندر لإبقاء هذه الامتيازات القائمة في جوهرها لأسباب سياسية ودنيوية لادخل للمقالات الدينية الجوهرية فيها. وفي المقابل فإن الطرف أو المكون المطرود من نيل حقوقه لاعتبارات لا دخل له فيها في الغالب سيندفع من الناحية السكيولوجية للتشبث بخصوصياته وسيرفع مظلوميته وسيطالب بإنصافه وجماعته الدينية أو المذهبية أو القومية من هنا فإن تفكيك هذه الآفة الخطيرة، وإنهاء موجباتها وأسبابها المباشرة وغير المباشرة، يقتضي العمل على تنقية الراهن وبناء العلاقة بين أهل الوطن الواحد ومنظومة الحقوق والواجبات على قاعدة المواطنة الجامعة بحيث لا يكون كرهي لأحد (لا سمح الله) سببا لحرمانه من حقوقه الطبيعية والأساسية، كما لا يكون حبي لأحد هو الدافع لمنحه امتيازات تتجاوز حقوقه الطبيعية. وهذا يتطلب من جميع أفراد الشعب الليبي العمل من أجل التالي: 1- سيادة القانون ورفض اختراقه أو تجاوزه، بحيث يكون التعامل مع جميع المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم ومنابتهم وأصولهم على حد سواء فالجميع لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات. 2- إعادة بناء رؤية وموقف ليبيا لكل الليبيين لأن كثير الموضوعات التي تثير الكراهية بين الليبيين تعود إلى الحقبة السوداء ونحن جميعا لا نتحمل مسؤولية ما جرى في تلك الحقبة السوداء ولا ما جرى في راهنهم. لذلك آن الأوان بالنسبة لنا جميعا ومن مختلف مواقعنا أن نتحرر من عبء ال42 سنة، ونبني علاقاتنا وفق معطيات راهننا ومستلزمات استقرارنا الاجتماعي والسياسي. 3- تطوير نظام الشراكة العامة على قاعدة المصلحة الجامعة واحترام الخصوصيات الثقافية والمجتمعية، دون تحويلها إلى مبرر للانكفاء والانعزال والقتل والترويع. 4-الأحزاب السياسية وتطوير الذات وتنمية وتوعية الموارد البشرية للقيام بالدور المنوط بها للحوار الوطني.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :