الحياد في القانون الدولي

الحياد في القانون الدولي

المستشارة القانونية : فاطمة درباش

الحياد – يتم تعريف الحياد على أنه الوضع القانوني الناجم عن امتناع دولة عن المشاركة في حرب مع دول أخرى، والحفاظ على موقف الحياد تجاه المتحاربين، واعتراف المتحاربين بهذا الامتناع وعدم التحيز – وهذا أمر بالغ الأهمية تكتسب الأمم المتحدة من خلاله الثقة والتعاون من جميع الأطراف من أجل العمل بشكل مستقل وفعال.

نستنتج من الآيات التي تتحدّث عن الاعتزال أنَّ الإسلام لا يعارض الاعتزال السياسي للشعوب غير الإسلاميّة، وعدم تدخّلها في النزاعات السياسيّة، وكذلك لا يعارض حيادها العسكريّ في الاصطدامات العسكريّة. ويثمّن هذه الحالة في العلاقات الدوليّة، ويمسك يد دار الإسلام عن خرقها.

الحياد كنظام قانوني هو مجموعة القواعد القانونية الدولية التي تنظم العلاقات الدولية بين الدول المتحاربة والدولة غير المشتركة في الحرب، ويخول للدول ذات السيادة الحق في البقاء بعيدًا عن معترك الحروب، وهذا ما يطلق عليه حق الحياد.

فالدولة الحيادية هي الصفة القانونية لبلد ما يمتنع عن المشاركة في أي حرب أو نزاع بين البلدان الأخرى، ويلتزم مسافة واحدة من جميع الأطراف المتحاربة مع ضرورة اعتراف الدول الأخرى بنزاهة وحيادية ذلك البلد. وتتمثل حقوق وواجبات القوى المحايدة في أن تمنع الأطراف المتحاربة من عبور أرض دولة محايدة بقواتها أو قوافلها المحملة بالذخيرة أو الإمدادات الحربية. تمنع الأطراف المتحاربة أيضاً من إنشاء محطة لاسلكية أو أي جهاز آخر للاتصال مع قوات متحاربة برية أو بحرية.

يقسم الحياد إلى قسمين، قسم هو الحياد الإيجابي، الذي يعني عدم انحياز طرف إلى طرف ضد الآخر، والاستقلالية في القرار بما ينتج عنه قيمة مضافة، تساعد على البناء والتقدم الذاتي، والثاني هو الحياد السلبي، الناجم عن الضعف وقلة الحيلة، والذي لا يريد منه أصحابه سوى تجنيب أنفسهم المشكلات، أو حتى أصناف القلق التي تترتب على الانخراط في الحرب.

وكل هذا يتطلب توفير الحماية القانونية والدولية للمدنيين ، وينص القانون الدولي الإنساني على أن المدنيين الواقعين تحت سيطرة القوات المعادية يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية في جميع الظروف، ودون أي تمييز ضار. ويجب حمايتهم ضد كل أشكال العنف والمعاملة المهينة بما فيها القتل والتعذيب. ويحق لهم أيضا في حال محاكمتهم الخضوع لمحاكمة عادلة توفر لهم جميع الضمانات القضائية الأساسية.

وفي إطار تحديد مفهوم «الحياد» بوجه عام، ينبغي تأكيد حقيقة أنّ إعلان الدولة لهذا الموقف يعدّ – كقاعدة عامّة – عملاً من أعمال السيادة الوطنية الخاصّة بكلّ دولة، تقرره وتختاره وفقاً لمّا يحقق مصالحها وأهدافها في علاقاتها الدوليّة، وإن كان من بين آثاره – من حيث النتيجة – ما يُقيد ممارستها لهذه السيادة في نطاق المفاعيل القانونية لإعلانه والالتزام به قِبَلَ الدولة أو الدول الأخرى.

يقابل قيام الدولة المحايدة بواجباتها التزام الدول المتحاربة باحترام حيادها وما يتبعه من حقوق. ولذلك فإنّ للدولة المحايدة الحقّ بإلزام المحاربين بكلّ الوسائل الممكنة مراعاة هذه الحقوق واحترامها، بل عليها أن تَحول دون إخلالهم بها كلّما كان في هذا الإخلال تعارض مع الواجبات التي تفرضها عليها أصول الحياد، وبناء على ما جاء في اتفاقيتي لاهاي لعام 1907 الخاصتين بحقوق وواجبات الدول المحايدة، فإنّه لا يعد استعمال الدولة المحايدة لحقوقها المترتبة على صفة «الحياد» وما يتبعها من واجبات فعلاً غير ودّي إزاء لدول المتحاربة، كما لا يعد لجوؤها إلى استخدام القوة لدفع أيّ اعتداء على حيادها عملاً من الأعمال العدائية، وذلك بصريح نصّ المادّة (26) من الاتفاقية الثالثة عشرة والمادة (10) من الاتفاقية الخامسة.همّ حقوق الدول المحايدة تجاه الدول المتحاربة فتتمثل في التالي أولا:احترام السلامة الإقليمية لأراضي الدولة المحايدة وسيادتها، وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية. ويعد هذا الالتزام من الالتزامات العامّة المفروضة على عاتق جميع الدول. ولكنه في هذه الحالة يعد التزاماً خاصاً أو مضاعفاً للدول المتحاربة تجاه الدول المحايدة نظراً لحالة الحرب الموجودة في هذا الظرف.

ثانيا ً:احترام حقوق وحريات أشخاص رعايا المحايدين وأموالهم: فيمكن للدول المحايدة أن تطلب من الدول المتحاربة ضرورة الالتزام باحترام حقوق وحريات وممتلكات رعاياها المقيمين في أقاليمها أو إقليم تحتله إحدى هذه الدول المتحاربة.كما يجوز للدولة المحاربة – إذا اقتضت ذلك متطلبات الدفاع الوطني والضرورات العسكرية – أن تستولي وتصادر ما تحتاج إليه مما يكون في إقليمها من أموال الرعايا المحايدين وممتلكاتهم بشرط أن تدفع التعويض المناسب عن هذه المصادرة، فالحياد في ظل ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 جاء واضحاً فقد حظر ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة الرابعة من مادته الثانية استخدام أو حتّى مجرد التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدوليّة، وحفظت المادّة (51) منه حقّ الدفاع الشرعي عن النفس الفردي والجماعي في حالة وقوع العدوان.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :