صلاح إبراهيم
عشرات السنين و سبها والجنوب قاطباً يتمرغ في وحل العبث و المعاناة و في كل محاولة نجاة تنغمس قدماه أكثر و كلما رمي له بحبل ظن بأنه حبل النجاة يتحول الحبل إلى حية تلتفّ عليه و تخنقه حتى كاد أن يلفظ آخر أنفاسه ويفارق الأمل الذي بداخله الحياة ، قيل قديماً إن عماد الوطن الشباب ولكن ماضينا جعلنا نوقن أن شباب الوطن هم البلاء كيف لا وهم من كانوا يتقاتلون و يريقون الدماء و ينهبون أهلهم و يعتدون على الغرباء بل إنهم ساهموا في جعل المدينة تعتلي قمة ترتيب المدن الأكثر إجراما و انعدام الأمن و الأمان.
كل هذا جعل من عقولنا البسيطة تتأرجح بين خانة الشك واليقين في كل ما تحمله ذاكرة الأولين وقولهم بأن الشباب هم أساس الازدهار ، سنوات خلت لها ما لها وعليها ما عليها ، اليوم نقف في وسط مدينة أخرى تتشابه مع تلك المدينة في ملامح الوجوه وتختلف في الأفعال ، مدينة يسيطر عليها التفاؤل بعد أن هيمن عليها الخوف والقلق.
كثيرة هي السرديات والخوض فيها سيدفعني إلى كتابة مجلدات عسى أن تتمكن من وصف ذلك الماضي الأشبه بقطعة من الجحيم.
ولابأس من التذكير بالماضي بين الحين والآخر فالذين لا يتذكرون الماضي محكومٌ عليهم بإعادته.
سبها اليوم هي شيء آخر لايمت بصلة لتلك التي كنا نعيش فيها ونتحدث عنها ، هي اليوم واحة الأمن والأمان والسلم و الوئام ذلك بفضل الله ومن ثم فضل القوات الأمنية التي رمت بحبلها المتين و انتشلتها من برك الوحل و نظفت مِن عليها الطين.
الملفت في الأمر أن القيادات الأمنية انتبهت لما غفل عنه الغافلون بأن استمرار الأمن والأمان وتنامي حالة الاستقرار لن يكتمل إلا بدعم ومساندة فئة الشباب الذين كانوا في يوم من الأيام سببا من أسباب تدهور الحال ولذلك عدة عوامل وأسباب من ضمنها ضعف البنية التحتية الرياضية و تجاهل دعم الأندية لتساهم في احتواء الشباب و إرساء مبادئ التسامح و العيش بسلام.
يتوقف مصير كل أمة على شبابها ، بهذا المنطلق تحركت رئاسة أركان القوات الأمنية بالقيادة العامة للقوات المسلحة ، فليس الأمن مجرد تحركات عسكرية أو دوريات أمنية ومعلومات استخباراتية بل هي سلسلة تكاملية والشباب جزء أساسي من هذه العملية وهم القوة الكبرى الاجتماعية ولن نجد أفضل من الرياضة لتصحح سلوكهم و أدبياتهم وتساهم في صقلهم و تطورهم وتجنبهم الانجرار خلف المهلكات بشتى أشكالها و أنواعها ابتداء بآفة المخدرات ومنها إلى ماهو مخالف للقانون أو التعدي على المعتقدات.
صيانة الملاعب والصالات الرياضية و دعم الأندية و تطوير البنية التحتية الرياضية هي خطوة تضاهي خطوات العمليات العسكرية التي تستهدف أوكار الإجرام و القضاء على العصابات الإجراميه بل إنها تعتبر ضربة استباقية لكل من يسعى لزعزعة استقرار المنطقة و جر شبابها إلى الاقتتال و المشاركة في أي أفعال تخريبية.
القيادة الأمنية و العسكرية في الجنوب اليوم تثبت بأنها تعمل بحرفية فهي الجهة الوحيدة آمنت بالفعل بأنه يمكن للشّباب المُساهمة في التّغيير الحقيقيّ و أن الرياضة هي وسيلة من وسائل البناء و الإعمار في المجتمعات الحديثة.
عودة صالات الأندية للحياة يبشر بعودة قريبة لأندية المنطقة في شتى المجالات ، بهذا ستنتعش كرة الطائرة الجنوبية والسلة و الخماسية و تزداد آمال الجماهير برؤية فرق القدم أكثر تنافسية و الأهم بأن كل هذه المرافق ستجمع شباب المنطقة بدون أي أحقاد أو ضغينة.