تجمع ليبيا الأمل

تجمع ليبيا الأمل

البيان التأسيسي

كلنا نعرف أن الآباء المؤسسون للدولة الليبية الحديثة انخرطوا منذ منتصف ثلاثين القرن المنصرم في عمل دؤوب للتأطير المعرفي والمأسسي لشكل الدولة الحديثة في ليبيا، بالتوازي مع نضالهم السلمي ضد الإحتلال الايطالي الجاثم على الأرض، واتسم عملهم في تلك الفترة بقدر عالي من العمق والتبصر والحنكة والفطنة السياسية والترفع عن معوقات الواقع وتَجَنُبِ المُختَلِفِ بين الليبيين، وشهدت السنوات التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية نشاطاً محموماً وتنسيق متواصل بين مختلف أطياف النخبة السياسية والثقافية والإجتماعية الليبية في داخل ليبيا أو خارجها للمطالبة باستقلال ليبيا، وشكلت الحرب العالمية الثانية نقطة تحول في مسار القضية الليبية، حيث ارتأى طيف عريض من النخبة الثقافية والسياسية الليبية الوقوف إلى جانب دول الحلفاء، والمشاركة في الحرب نظير وعد من بريطانيا باستقلال ليبيا، وبعد إنتهاء الحرب بهزيمة دول المحور وخروج ايطاليا من ليبيا وُضعت البلاد تحت الوصاية المزدوجة البريطانية-الفرنسية، وبدأت مرحلة تدويل القضية الليبية، التي قدم فيها الآباء المؤسسين أداء دبلوماسي فائق المستوى، استطاعوا فيه انتزاع قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 نوفمبر 1949 ينص على وضع الترتيبات من قبل الأمم المتحدة لاستقلال ليبيا قبل الأول من يناير 1952، وانسحاب القوات الأجنبية، على أن تشرف لجنة رباعية مكونة من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية  والإتحادالسوفيتي على الأمر وتم تعيين المبعوث الأممي أدريان بلت لتنفيذ القرار.

وفي 24 ديسمبر 1951 نالت ليبيا استقلالَها تحت إسمالمملكة الليبية المتحدة، وتدافع أفراد الشعب الليبي في عملية بناء شاقة في ظِل قِلة الإمكانيات وشح الموارد، ومرت ليبيا منذ استقلالَها حتى الآن بثلاثةِ مراحل هي :

  • المملكة الليبية (1951 – 1969): في هذه المرحلة حاول الليبيون تأسيس دولة مدنية ديمقراطية، تنقل ليبيا من مرحلةِ الفقرِ والجهلِ والتخلفِ إلى رحابِ الدولة المدنية الحديثة، ونجحوا إلى درجةٍ كبيرةٍ في الوصول إلى دولة حد الكفاية، حتى بداية حقبة النفط مطلع العام 1962، التي استشرىبعدها الفساد والتفاوت الطبقي وارتهان القرار الوطني.وفي هذه الحقبة عرفت الممارسة السياسية قدر لا يستهان به من الديمقراطية.
  • حقبة الجماهيرية (1969 – 2011) : جاء تغيير الأول من سبتمبر 1969 كمحاولة أولى لتصحيح المسار ومعالجة مشاكل وإخفاقات المرحلة الملكية، وخلال هذه الحقبة عرفت ليبيا تطور لافت على صعيد البنية التحتية، ونالت في أواخر سبعينات القرن المنصرماشادتينمن اليونسكو ومن منظمة الصحة العالمية تفيدانِبامتلاك ليبيا لأحسننظامين تعليمي وصحي في النصف الشمالي من القارة السمراء، إلا أن العقود الثلاثة الأخيرة من الحقبة الجماهيرية، إتسمت بقدر عالي من الارتجال والتخبط في سياسات لا تخدم ليبيا في محاولة تصدير الثورة وزرع العداوات مع دول الجوار وغيرها، وتبديد الثروة الوطنية في مغامرات لا طائل من ورائها، وتم اختزال الدولةفي شخص الراحل معمر القذافي.
  • المرحلة الفبرايرية(2011/ ……….): مرحلة فبراير جاءت كمحاولة ثانية لتصحيح المسار السياسي في تاريخ ليبيا الحديثة، بسبب تراكم الاخطاء في الحقبة الجماهيرية جراء الإستبداد السياسي وتكميم الافواه والقبضة الأمنية، وسياسة تصدير الثورة، إلا أن تغيير فبراير لم يقدم البديل وأدخل ليبيا عنوة في لعبة الأمم، وفرط في كل المنجز الحضاري والمكتسبات التي تراكمت طيلة حقبتي الملكية والجماهيرية، والأخطر أن حكام ليبيا الجدد ومتصدري المشهد العام طيلة العقد الأخير عاثوا فسادا وإفسادا في حروب طاحنة بسبب انتشار السلاح والصراع على السلطة والنفوذ، وعرفت البلاد موجة فساد غير مسبوقة جرفت في طريقها مدخرات الاجيال في ليبيا، وجعلت البلاد مرتع للجريمة المنظمة، وقاعدة لوجيستيةللإرهاب والتطرف العابر للقارات، ومعبر دولي للهجرة غير النظامية.

حقبة فبراير التي نكتوي بنارها منذ تسع سنوات، هي ببساطة نتاج وحصاد أخطاء حقبتي الملكية والجماهيرية، وبدون معالجة حقيقية لأسباب الصراع والخلاف بين الليبيين، ستظل الحروب الأهلية تتجدد كل عقود في ليبيا وبوتيرة أكثر حدة.

حصاد مرحلة فبراير كان مهولا وينذر بخطر داهم، إن استمر سيعمل على تمزيق ليبيا وإدخالها في أتون المجهول.

الصراع الراهن في ليبيا الذي يتمظهر في حرب مستعرة لا يكاد أوارها يخمد في جهة ما من البلاد حتى يتجدد في جهة أخرى وبحدة أكبر، عمل مؤخرا على خروج الأمر من يد الليبيين، حيث بات أمر ليبيا رهن بصراع الإرادات الدولية على الأرض الليبية، وأضحت الأطراف الليبية مجرد وكلاء يحاربون نيابة عن الدول الداعمة لهذا الطرف أو ذاك، ولم يعد الأمر في يد الليبيين.

العديد من شعوب العالم مرت بحروب أهلية كالتي تشهدها ليبيا منذ تسع سنوات، وعرفت كيف تخرج منها عندما قرر عموم الشعب الوقوف في وجه كافة متصدري المشهد العام، وليبيا ليست استثناء، فطالما أن الأغلبية الصامتة من الليبيين لا تحرك ساكنا، وفضلت الحياد السلبي وتركت الأمر برمته لمتصدري المشهد من العسكر والمغامرين والباحثين عن فرصة وأمراء الحرب وأثرياء الحروب، فإنالأمر سيزداد سوءً.

حقبة الملكية على ما فيها من أخطاء وحقبة الجماهيرية باستبدادها إلا أنهما استطاعتا المحافظة على وحدة ليبيا في أحلك الظروف، في حين أن أفضل المألات وأحسن سيناريو لحصاد فبراير هو تقسيم ليبيا إلى ثلاث أقاليم، وهذا ما يلوح في الأفق بكل أسف.

جميع متصدري المشهد العام في ليبيا منذ العام 2011 وحتى الآن أضحوا هم المشكلة ولا يمكن أن يكونوا بأي حال من الاحوال جزء من الحل. ومكانهم ساحات المحاكم وليس سدة الحكم.

الحل بيد الشعب الليبي ونخبته التي لم تتلوث أياديها بالدم الليبي أو تشارك في جوقة الفساد.

عِبر التاريخ وشواهده تفصح عن حقيقة لا تجدي حيالها المكابرة مفادها أن الشعب الذي هو مصدر السلطات هو صاحب زمام المبادرة في أي تغيير يراد له أن يكون منعطف تاريخي حاد يؤسس لما بعدَه.

عليه قررنا إنشاء تجمع ليبيا الأمل ليكون بديل موضوعي عن كافة متصدري المشهد السياسي، وصوت ثالث يعبر عن الأغلبية الصامتة الرافضة لأي إقتتال بين الليبيين مهما كانت الأسباب أو الحجج أو المسوغات، فلا يوجد سبب يبرر قتل الليبي لأخيه الليبي صنو الوطن والقدر والمصير.

برنامجنا وضعه خبراء ومثقفين ليبيين لا مكان فيه للإرتجال أو الكلام المرسل على عواهنه دون دراية أو تبصر  كما عودتنا ديباجات  المشاريع السياسية التي عجت بها ليبيا خلال السنوات الفائتة دون أن يكون لها حظ من التوفيق، برنامج هو نتاج دراسات عميقة طيلة سنوات المحنة، يتكون من مرحلتين هما :

أولا : المرحلة الإنتقالية

نُعِد لحراك شعبي سلمي عارم ننسق له منذ أشهر، سيخرج بشكل متزامن في 97 مدينة وقرية وبلدة ليبية،  بالنفس الطويل وتزايد حدته ووتيرته سيعمل على إسماع صوت الليبيين والغالبية الصامتة الرافضة لكل ما هو موجود.

مستهدفات الحراك السلمي الشامل:

  • حل كافة التشكيلات المسلحة الحالية في ليبيا بما فيها قوات الكرامة وقوات حكومة الوفاق الوطني. وعدم دمج أفرادها بأي شكل من الأشكال في أي من المؤسسة الأمنية أو العسكرية في ليبيا.
  • مصالحة وطنية شاملة بين كافة مكونات الشعب الليبي دون إقصاء أو تهميش أو جهوية.
  • عدالة إنتقالية تنصف المظلوم وتجبر الضرر وتقدم أمراء الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان في ليبيا إلى المحاكم. فلا إفلات من العقاب ولا تقادم للإنتهاكات أو الجرائم أوالتجاوزات.
  • تشكيل حكومة مؤقتة من التكنوقراط والخبراء مدتُها سنة واحدة ينحصر عملها في التالي :
  • حل المختنقات المعيشية (توفير مخزون استراتيجي لمدة سنة من المواد الغذائية  والدواء والوقود – الصحة – الكهرباء – السيولة).
  • ترتيبات العودة الآمنة للمهجرين والنازحين.
  • غلق السجون السرية والعلنية.
  • إجراء إنتخابات بلدية وبرلمانية ورئاسية تكون ايذانًا بنهاية المرحلة الإنتقالية والشروع في المرحلة الدائمة.
  • إعلان دستوري ينظم الحياة العامة في ليبيا خلال السنة الإنتقالية، وتنتهي صلاحيته بإعداد الدستور في مرحلة الإستقرار من قبل فُقهاء القانون الدستوري بليبيا.

ثانيا: المرحلة الدائمة

لدينا مشروع مجتمع متكامل الأركان وضعه خبراء “تجمع ليبيا الأمل” يصحح أخطاء حقبتي الملكية والجماهيرية ويؤسس للدولة المدنية التي يتعايش فيها الجميع مواطنين سواسية في ظل القانون، والتبادل السلمي للسلطة مع فصل السلطات، نضعه أمام الشعب الليبي ليختاره كله أو يعدله أو يرفضه (التفاصيل ستجدونها منشورة إن شاء الله على الموقع الإلكتروني للتجمع والذي يجري إعداده).

عاشت ليبيا حرة أبية، مصانة ومهابة الجانب.

حفظ الله بلادنا من كل مكروه.

اللجنة التأسيسية لــــــــ”تجمع ليبيا الأمل”

28 يونيو 2020

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :