انهيار المنظومة الأخلاقية في ليبيا

انهيار المنظومة الأخلاقية في ليبيا

  • قصي البسطامي بن مسكين

الشرف – العزة – الكرامة – المبدأ – العهد – الرأي والرأي الخائن – المرتد والعميل وبايع الأرض وطاعة القايد، تلك منظومة ثقافية بلورت النظام السابق وصنعت منه حكما يمثل العدل الإلهي، وشكلت ثقافة صلبة إلى أقصى درجات الصلابة، فأغلقت على نفسها أبواب الانفتاح والمعاملة مع الآخر، ورفعت من مستوى النقاء الثقافي والأفضلية الثقافية إلى أعلى مستوى، لكن ما إن فتح الباب في آخر المطاف حتى أصيبت الثقافة الصلبة بالتشقق والتكسر والانهيار الكامل لها، فباتت شيئا من الماضي يصعب استرجاع نفس المنظومة التي كانوا عليها، وأما ثورة الانفتاح على العالم فقد صدم الوعي الجمعي بكمية الغبار الذي كان عليه لمدة، وازداد الشعب عجبا من الديمقراطية الغربية، فما كان مزروعا في مخيلة الليبيين فيما سبق هو نموذج للتداول السلمي على السلطة فقط ، لكن حينما انكشف الغطاء وأزيل الستار أدركوا أن الديمقراطية تحوي مواد بتروكيماوية يصعب عليهم تقبلها بهكذا مستوى من الوعي المتدني، فتحولت على إثرها جماعات متطرفة وكونت بسبب سوء فهمها تشوهات لتيارات ترفض الديباجة المستوردة بأكملها، فخلقت صداما داخل الحدود وانقسم الرأي العام بين عدة آراء جهوية متخلفة لقرون، كل رأي يرى نفسه بأنه الأحق في الحكم، دون احترام لأي مبادئ مسبقة لثورة التحرر من الاستبداد، تقبل ثقافتنا الآن على التحول الكامل للمنظومة وتغير كبير جدا في قواعد وأسس الأخلاق العامة والمعاملات، باتت الأجيال الجديدة ينعكس عليها أضواء الثقافة الغربية ، وبتنا نعتلي أول درجة نحو التخلي عن القيم التي كانت سائدة فيما مضى، فهل أدرك الليبيون أين موقعهم بعد كل ما جرى لنا الآن؟ وهل يمكن لنا أن نعيد ترتيب أولوياتنا وصنع منظومة أخلاقية تعيننا على بناء الدولة المثالية الجديد؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :