الشلافطية وزواج الأربعة

الشلافطية وزواج الأربعة

المهدي يوسف كاجيجي

.يقولون إن خطابات الرؤساء يجب ألا تكون مجرد ألفاظً رنانة، وكلاماً للاستهلاك المحلى. بل يجب التحضير لها مسبقًا لتتحول إلى برامج عمل ورؤيا مستقبلية تعبر عن افكار الرئيس، ولذا يجب أن يتم اختيار كل كلمة وجملة فيها بعناية ودراسة مسبقة، ومعرفة ردود الفعل المحتملة لدى الرأي العام.

كما يجب ان ندرك أن شعبية المسئول ومصداقيته، أيا كانت درجته، تشكلها وتصنعها ردود الفعل المترتبة عن خطاباته وتصريحاته. لذلك، وفي الدول المتقدمة، هناك فريق عمل مكون من خبراء محترفين، مهمتهم الإعداد المسبق لخطاب الرئيس، أيا كانت درجته، ملكا كان او رئيسا او حتى عميدًا بلدية.

ونظرا لأهمية الإعداد النصي للخطاب، يجب أن يتم مراجعته لغويا أيضا. في العالم العربي مثلا، عرف أن خطابات الرئيس المصري جمال عبدالناصر كان يعدها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وعلى المستوى العالمي، كتب الكاتب الفرنسي الشهير ” أندريه مالرو” خطابات الرئيس ديجول. ويقال ان الملك عبد الله، ملك الأردن، عندما تولى كانت مشكلته تأثير اللغة الانجليزية على طريقة نطقه الحروف العربية، فخضع لدورات مكثفة تحت ايدي خبراء كان من نتائجها الارتفاع الملحوظ في شعبيته.الزواج من اربعة!!من المعروف ان الإعداد المسبق للخطاب الرئاسي، يتم ضمن دراسات لمعرفة ردود الفعل لدى الجمهور، وهناك كثير من الملوك والرؤساء فقدوا شعبيتهم وانتهوا سياسيا نتيجة خطاب لم يتم دراسة ردود فعله مسبقا.

وليس بعيدا عنّا ما حدث في الاحتفال بالذكرى الاولى لثورة فبراير، عندما كان الناس ينتظرون الخطوط العامة لخارطة الطريق، التي من المفروض ان يعلنها السيد المستشار رئيس المجلس الانتقالي، فوجئ الجميع بإعلانه الغريب، دعوة الرجال إلى الزواج من اربع نساء. يومها كانت ردود الفعل مزيجا من خيبة الأمل والاستغراب، واعتقد الكثيرون وقتها انها نكتة سخيفة ومداعبة من السيد المستشار، وللأسف تأكد بعد ذلك انها حقيقة، وكان من نتائجها الانهيار الكامل لشعبية المستشار. والتيار السياسي الذي يمثله.

هذه المقدمة المملة، الغرض منها ايضاح أن السادة العاملين في الشأن العام، ليس هناك إنقاص من قدرهم، لو اعتمدوا على فريق عمل مهمته التحضير المسبق المدروس للخطابات والتصريحات لوسائل الاعلام. وهذا ما يقودنا إلى الدخول مباشرة في ردود الفعل التي صاحبت تصريحات السيد رئيس حكومة الوحدة الوطنية مؤخرا، عن مشاريعه المستقبلية الخاصة بالشباب وقضاياه، وعن الزواج، وعن زيادة في مرتبات المتقاعدين، ومداعباته عن الشلافطية وغيرها، مما اوقعه في معارك كلامية وتعليقات علي صفحات التواصل . ونحن هنا لا نطالب السيد الرئيس ان يتوقف عن الخطابات والتصريحات بل مطلوب ظهوره على وسائل الاعلام بشكل دوري ليبلغنا بإنجازاته والتعرف على رؤيته المستقبلية،ولا مانع من الخروج عن النص في شكل مداعبات، او قفشات، على الاقل تخرجنا من حالة الاكتئاب الدائم الذي نعيشه، شريطة ان يتم اختيارها مسبقا ، ودراسة كل احتمالات ردود الفعل المتوقعة. علما أن التحضير المسبق سيمنح خطابات السيد الرئيس وتصريحاته الشفافية والمصداقية المطلوبة.* الصورة:بريشة الفنان الراحل محمد الزواوي ،رحمه الله

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :