الشماعة والتناقضات الليبية

الشماعة والتناقضات الليبية

بقلم :: ليلى المغربي 

من سمات الشخصية الليبية التنصل من المسؤولية والبحث عن شماعة يعلق عليها أخطاؤه، وخاصة حين تكون متعلقة بالسلوكيات والتربية، فمثلاً حين يشتهر الليبي في الخارج كعالم أو مخترع ويتحصل على جوائز، يبدأ الشعب الليبي بالتفاخر بأصوله الليبية، وارجاع إبداعه وتميزه لأصوله الليبية، بينما الواقع أنها مسألة مرتبطة بالبيئة التي وفرت له ظروف تعليم ممتازة ومساحة من الدعم والتحفيز على الابداع والابتكار  في المدارس الغربية والجامعات وأماكن العمل وغيره، مع ملاحظة إن كان التميز لإمرأة وصادف أنها غير محجبة سيقال خسارة ينقصها الحجاب! أما تلك الشابة المراهقة ذات “15” عاماً حين فازت قبل سنتين ببطولة السباحة في مسابقة دولية، هوجمت هي وأهلها بشراسة، وتبرأ منها المجتمع المحافظ فقط لإرتدائها ثوب السباحة، أو كما حصل في عدة جرائم كانت ضحيتها نساء ليبيات سواء بالقتل أو الاغتصاب، تم اتهامها بأخلاقها وتحميلها المسؤولية رغم كونها الضحية، في محاولة منهم إراحة ضمائرهم بأنها استحقت ما حصل لها لسوء أخلاقها وسلوكياتها.

أما حين يرتكب الليبي جريمة جنائية أو عملية ارهابية في الخارج تحديداً، وإذا كان حاملاً للجنسية الأجنبية، تم إلقاء المسؤولية على جنسيته الأجنبية كما حصل في عملية مانشستر، كشماعة للتبرأ من صفة الإرهاب والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتربية الأسرية، وخاصة أن العرب عموماً والليبيين خصوصاً، غير مندمجين في الحياة الاجتماعية بالغرب إلا قلة منهم، بل يكتفون بالاستفادة العلمية والتقوقع اجتماعياً بعيداً عن مخالطة الشعوب الغربية لانفتاحها الاجتماعي وتحررها اكثر من اللازم، وهنا لا أعمم بل أقول الغالبية كما حكى لي أكثر من صديق، بالتالي هذا أحد صور التناقضات الليبية التي تتهرب من مسؤولية عقليتها وتربيتها الحاملة للفكر المتطرف والذي يقابله تطرف أخر ليس موضوع حديثنا هنا.

بداية العلاج بالاعتراف أن هناك مشكلة أو مشاكل اجتماعية تربوية مرتبطة بالسلوك والمفاهيم الفكرية والدينية، ثم تشخيصها ومعالجتها من جذورها، بدل الهروب منها بتجاهلها، أو خلق مبررات وشماعات نعلق عليها ما نرتكبه من أخطاء، وقد يتهمني أحدهم ب “جلد الذات” بينما في الواقع هي “مواجهة للذات”، نحتاجها بشدة بعد أن تفاقمت، وفي ذات السياق أستطيع إدراج عدة أمثلة، فمن يفشل في دراسته يتهم المعلمين والمناهج بأنها السبب (علما بأنها ليست في أفضل أحوالها)، مع إغفال متعمد لتقصيره في دراسته، وانشغاله التام بأساليب الترفيه المتاحة، وحتى عائلته ستتبع نفس النهج للتهرب من مسؤلياتها نحو ابنها/ ابنتها، أو من يتعرض لحادث مروري فيجد عدة أسباب وأطراف يحيل لها التهمة، بدل تحمل مسؤولية تهوره في القيادة في أغلب الأوقات.

خلاصة القول، أننا نعاني أزمة أخلاق مجتمعية، وما نعيشه اليوم من قتل وخطف وسرقة وغيره من جرائم، المسؤول الأول فيه، هي الأسرة والتي تعد نواة المجتمع ومكونه الأساسي، من الصعب على العقلية الليبية مواجهة الذات بصراحة، لكنها باتت ضرورة ملحة وتأخيرها يزيدها تفاقماً.

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :