الدبلوماسي : غيث سالم
ذكرني مسلسل السرايا الذى تبثه إحدى الفضائيات الليبية والذي يسجل الصراع على الحكم في إيالة طرابلس خلال الحكم القرمنلي بين الأب وأبنائه وبين الإخوة ، بما جرى في ستينيات القرن الماضي وتحديدا في شهر أغسطس 1966 عندما استولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبمساعدة الإنجليز على الحكم في مشيخة أبوظبي من حاكمها شقيقه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان التي تعد أكبر المشيخات المتصالحة مساحة وتحد كل من عُمان والسعودية وقطر ، وكان الشيخ زايد وقتها ممثلا لأخيه الحاكم في المنطقة الشرقية حيث واحة العين وقصر الحكم ، كانت مشيخة أبوظبي التي سمعت باسمها لأول مرة على كرسي الدراسة بالجامعة خلال محاضرة عن الموارد الاقتصادية في العالم العربي حيث قال الدكتور صبحي عبد الحكيم -رحمه الله- إن هناك مشيخة في الخليج العربي تعوم على بحيرة من النفط ، اسمها أبوظبي ، ونطقها باللهجة المصرية حرف (ز) بدلا من (ظ) ضج المدرج بالضحك ، كانت في قمة التخلف لا تعليم ولا صحة شبابها يفرون إلى محمية الشارقة يتلقون التعليم الأولي ثم يتوجهون إلى قطر للحصول على شهادة الثانوية العامة وتتولى إيفادهم ضمن أبنائها يحملون جوازات سفر قطرية للتعليم الجامعي في الخارج ، يعيش سكان المشيخة على الرعي وفي موسم الغوص الذي يمتد إلى ثلاثة شهور يتوجهون إلى شبه جزيرة أبوظبي المهجورة على الخليج ، يقومون بالغوص إلى قاع المياه لاستخراج الأصداف التي يحصلون منها على اللؤلؤ والمرجان ، وكان الغواص يمكث تحت الماء لمدة دقائق كاتما أنفاسه بدون أي مصدر للأكسجين ، عملية شاقة كان الشيخ زايد بارعا فيها كما يُروى عنه ، وسط هذه الأجواء من قسوة الحياة وشظفها كانت تدار المشيخة بعقلية متحجرة عقلية الشيخ شخبوط التي تعود إلى القرون الوسطى ، وفجأة بدأ النفط يتفجر على أرضها وتولت استخراجه وبيعه شركات إنجليزية وبدأت العوائد تترى مما ساعد على زيادة عمليات الاستكشاف والإنتاج والتصدير ارتفعت العائدات وزاد معها دخل الشيخ شخبوط الذي كان يحتفظ بآلاف الروبيات (عملة الهند التي يثق فيها ) في أشْوِلة شجعت الفئران على قرضها ، فشل الإنجليز في إقناعه بالاحتفاظ بها فس أحد بنوكهم ، أو إقامة بعض ابمنشآت الخدمات كالمدارس والمصحات لفتح المجال لشركاتهم للعمل ، وعندها اتفقوا مع الشيخ زايد على تنحيته ويتولى هو المشيخة وافقهم وأعطوه كميات من سبائك الذهب وزعها على مشائخ القبائل ليكسب مبايعتهم وفي اليوم الموعود من شهر أغسطس 1966 هبطت طائرة عسكرية بريطانية على مهبط ترابي في مدينة العين زار قائدها الشيخ شخبوط ودعاه لتفقد الطائرة وما إن دخل إلى الطائرة حتى أقفلت أبوابها وانطلقت به إلى بيروت حيث ألحقت به نساؤه وما ملكت أيمانه وأبناؤه الاثنين ومنها إلى لندن ، وآلت الأمور إلى الشيخ زايد الذي أسموه فيما بعد زايد الخير وعرفت المشيخة التي تحولت إلى إمارة نهضة عمرانية وتعليمية واجتماعية انتقلت إلى بقية المشيخات المتصالحة التي كونت فيما بعد وبتاريخ 2 ديسمبر 1971 دولة الإمارات العربية المتحدة برئاسة أبدية للشيخ زايد الممول ونسله وعاصمتها أبو ظبي . كلام زين ويسجل لصالح الشيخ زايد الذي نقل المنطقة من العصور الوسطى إلى القرن العشرين ومشارف القرن الواحد والعشرين ، إن كانت هذه هي نتائج صراع السلطة فمرحبا به من صراع . مهلا أيها المتابع الكريم، الرُّب في أعقابه ! الشيخ زايد وبعد أن استدانت له الدنيا واستقرت له الأمور عاد بأخيه الشيخ شخبوط وربعه بما فيهم أبناؤه من لندن وشيد له قصرا خياليا في واحة العين ، وأخذ يعطيه بصورة متواترة بآلاف سبائك الذهب التي أعدت خزائن في القصر لحفظها إلى أن توفاه الله ، مكرمة تحسب للشيخ زايد إلا أن المؤسف أن ابني الشيخ شخبوط لحقا به في حادث سير أودى بحياتهما ، حادث لا يخلو من فعل فاعل حتى تستقر الأمور فيما بعد لأبناء الشيخ زايد الذين كان أكبرهم الشيخ خليفه وليا للعهد رئيسا للمجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي والذي يليه العقيد الشيخ سلطان بن زايد قائدا لقوة دفاع المنطقة الغربية ( أبوظبي) وبعد وفاته في نهاية عام 2004 ، وقع انقلاب صامت في القصر حيث تولى أبناؤه من زوجته ابنة عمه الشيخة فاطمة بنت امبارك السلطة وإن احتفظوا لأخيهم الأكبر الشيخ خليفة بلقب رئيس الدولة الذي آل إليه عقب وفاة والده ، إلا أنه بقي أسير قصره والمرض في حالة إقامة جبرية لايمارس ا٦ية صلاحيات ، بينما أعلن عن استقاله شقيقه الشيخ العقيد سلطان ، وآلت الأمور إلى الشيخ الفريق محمد بن زايد الحاكم الفعلي للأمارة والدولة وأشقائه. ولازال الصراع على السلطة يدور ويتجدد بين الأب وأبنائه وبين الإخوة والأشقاء.