المستشارة القانونية : فاطمة درباش
تُعْرَف الصياغة القانونية بأنها علم وفن يستخدم في إنشاء القواعد القانونية والتشريعية أو بواسطتها يصوغ المشرع القواعد القانونية انطلاقا من المعطيات الطبيعية والتاريخية والعقلية والمثالية للمجتمع، فذلك في شكل قواعد قانونية ميسورة الفهم سهلة التطبيق على أرض الواقع.
الصياغة القانونية تعتبر الثوب الذي يظهر به التشريع وهذه الصياغة من حيث أسلوبها يمكن أن تكون صياغة جامدة أو صياغة مرنة وذلك يعتمد على مدى السلطة التقديرية التي منحها المشرع للقاضي في النصوص القانونية .
ويمكننا تصنيف الصياغة القانونية من حيث نوعي الصياغة المسببة والصياغة العامة القانونية، حيث إن الصياغة المسببة هي الصياغة القانونية التي يتم تحديد القاعدة القانونية وتحديد من تسري عليهم قواعد القاعدة القانونية المصاغة، والنوع الأخر للصياغة وهي الصياغة القانونية العامة والتي تستخدم في صياغة قواعد القانون العامة أو صياغة القاعدة القانونية ،
أو باختلاف الحالات التابعة أو التي تندرج تبعاً للنص القانوني المصاغ أو المستهدف للصياغة.
ينتشر اعتقاد خاطئ بأن الكتابة والصياغة القانونية هما ذات الأمر؛ إلا أن هناك اختلاف جوهري بينهما؛ فبينما تتعامل الكتابة القانونية عادةً مع المستندات الإقناعية مثل مذكرات المحكمة والخطابات القانونية، فإن الصياغة القانونية تتضمن إنشاء مستندات مثل العقود، وكلاهما بذات القدر من الأهمية في الممارسات القانونية.حيث تعد الكتابة القانونية من أكثر أنواع الكتابة أهمية كون أن القانوني بشكل عام يتعين عليه تناول مواضيع قانونية ذات علاقة بمسائل ومشاكل مجتمعية بواسطة ربطها بالواقع المعاش.
إن الصياغة القانونية باعتبارها وسيلة لتحويل قيم قانونية إلى قواعد سهلة الفهم وقابلة للتطبيق من الناحية العملية لا تخلو من بعض العيوب التي يمكن أن تؤثر في صلب القاعدة القانونية وتفرغها من محتواها كما تبعدها أيضا عن الغاية أو الهدف الذي جاءت من أجله،فمن متطلبات الصياغة القانونية السليمة هو وضوح القاعدة القانونية و عدم تناقضها، ومن أجل ذلك وجب على السلطة المختصة مراعاة جودة اعداد النص القانوني بالقدر الذي يجعله واضحا و سهل الفهم للمخاطبين به، لأن غموض القاعدة القانونية يجعلها عرضة للتأويلات المتناقضة و هو الأمر الذي من شأنه أن يهدد الحقوق و يخل بالمراكز القانونية ، و لذلك فإن الصياغة القانونية السليمة و الواضحة لها دور فعال في تحقيق الأمن القانوني الذي يهدف إلى وجود نوع من الثبات النسبي للعلاقات القانونية وحد أدنى من الاستقرار للمراكز الناشئة عنها بغرض إشاعة الأمن والطمأنينة بين الأفراد،ويقوم بالصياغة القانونية خبير بها له ممارسة طويلة في لغة القانون، بحيث تظهر صياغة القانون معبرة أصدق تعبير عن مكانة الدولة وهيبتها، الأمر الذي يجعل القواعد القانونية مصاغة بأسلوب سلس وجلي لكي يفهمها المخاطب بها مباشرة ودون أن يحتاج إلى استخدام معجم لغوي. إن صياغة القاعدة القانونية يجب أن تكون بالشكل الذي يتناسب والغرض التي فرضت من أجلها، فجوهر القاعدة القانونية ومادتها الأولية يجب أن تخرج بطرق أو وسائل معينة حتى يتحقق الهدف والغاية منها، وبما أن مفهوم الصياغة القانونية يتجلى من خلال انتقاء ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻘﺎنونية ، مما يحقق ﺍﻵثار ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩﺓ منها. ﺇﻱ إنها ﻋﻤﻠﻴﺔ نقل ﺍﻟﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﺎجاﺕ ﻭﺍﻟﻀﻭﺍبط ﺍلاجتماﻋﻴﺔ بشكل منظم ﺇﻟﻰ نصوص ﻗﺎنونية محكمة .
فاباعتبار عيوب الصياغة لها مشاكل تؤثر على جودة المنتوج التشريعي وتمس أيضا بالغاية والهدف من وراء النصوص القانونية،
بالتالي فإن الصياغةالقانونية الجيدة تساعد على الفهم السليم لمحتوى النصوص مما يساعد على التحكم في مخاطر التفسيرات والتأويلات المتضاربة وبالتالي الحفاظ على الحقوق وحمايتها وضمان تحقيق العدالة .
إن أهمية التشريع في بناء النظام القانوني في الدولة تظهر جلية بالوظائف التي تنهض بها القواعد القانونية في تنظيم العلاقات في المجتمع وقدرته على التطور والتكيف مع كافة المتغيرات التي تحيط به، وتملي هذه الأهمية على صانعي التشريعات ضرورة إيلاء عملية الصياغة التشريعية جل الاهتمام بتوفير كافة الاحتياجات والمتطلبات الضرورية لصياغة تشريعات تحمل أهداف المجتمع وقيمه.