( الطّـفْـلُ اللّيبِيّ المِسْكِينُ )

( الطّـفْـلُ اللّيبِيّ المِسْكِينُ )

كتب :: سالم أبوظهير

مع اقتراب العشر الأوائل من عمر فبراير المجيدة (والمجد لله)، التي استلمت السلطة بقوة السلاح من سبتمبر العظيمة (والعظمة لله)، يكبر الطفل الليبي وهو لا يعرف عن أيام سبتمبر، إلا ما يسمعه من الكبار، ومن بعض الدروس في كتب القراءة، وكتب التربية الوطنية التي حرصت وزارة التعليم (بلا نزاهة ) ولا (مصداقية) على أن ترسم في ذهنه صورة تتجسد فيها الكراهية المطلقة ، وتصف ماضي سبتمبر القريب شراً كله ولاخير فيه. يكبر الطفل الليبي المسكين وفي حقيبته المدرسية، حقد وضغينه وكراهية، لماض قريب لا يعرفه، يكبر وفي جيبه رمانة ومسدس، يكبر وفي حجرته (كلاشنكوف) (وبي كي تي) ،يكبر وأمام بيته دبابة وراجمة ، يكبر المسكين ويشب على الطوق بشكل سريع، وفي رأسه علامة استفهام أكبر من رأسه ، لسؤال إجابته سهلة، لكن يعجز الساسة الكبارعن توضيحها له، سؤال في منتهى البساطة: أنا طفل لماذا يجب أن أدفع ثمن حماقات الكبار؟؟!!. يكبر الطفل الليبي المسكين، في ليبيا وهي جنة الدنيا بما فيها ، لكن جشع وطمع (وقلة أصل) بعض الكبار تحولت إلى بيئة لعينة، يفكر كيف يتركها ،ويهاجر منها حتى قبل أن يكبر، بيئة طاردة للعيش فيها لأن الغذاء غير صحي ، والدواء مغشوش منتهية صلاحيته ،والهواء ملوث بالقمامة ومشبع بالغازات السامة. يكبر الطفل الليبي المسكين، وهو نازح داخل وطنه الكبير، بعيداً عن بيته وشارعه وروضته ، يكبر وهو واقفً في الطابور ليحصل على قنينة ماء ،وبطانية تقدمها له الجمعيات الخيرية، يكبر دون أن يلتحق بالروضة والمدرسة ،ويكبر وبيده علبة المناديل في مفترق الطرقات ،وملمع الزجاج في محطات الوقود، (وبرويطه) في سوق الخضار. يكبر الطفل الليبي المسكين، وهو عاجز عن تقدير المواقف الصحيحة ، المواقف التي صنعها الكبار وعجزوا عن فهمها ،وعن التعاطي مع نتائجها ، فيكبر وفي داخله خوف من فجر ليبيا ومن الكرامة، وخوف من الدواعش ، ومن الجيش ، وخوف من المليشيات ، ومن الكانيات ، وخوف من أغنيوة ،وكاره ،و(السوبورطو)و(الحنكورة) والقائمة تطول …. يكبر الطفل الليبي المسكين، وهو يحلم بأن تختفي قنوات النبأ والحدث والكرامة وكل القنوات التي تقدم له نشرة أخبار نصفها قتل وخطف ،ونصفها الآخر تطبيل وتزمير ، يكبر وهو يحلم بقناة أطفال جميلة تناسبه ،فيها كل الألوان ، تختفي فيها النشرات وتكثر فيها الرسوم والأغنيات ، لعلها تساعده ليهرب من واقعه المؤلم وهو يشاهد ويتعلم ويستمع ل (افتح ياسمسم) ، ولسنان وهو يغني (ما أحلى أن نعيش في بيت واحد).

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :