- سارة محمد
جاءت أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم عن الظلم بهدف ترقية المجتمع وتعليمه الأخلاقيات وضبط السلوك وهذا لما قالة الرسول الكريم (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).
والظلم معناه في اللغة هو وضع الشيء في غير موضعه السليم، ومعناه الشرعي هو التعدي عن الحق بالباطل، والظلم ثلاثة أنواع، وهم-: * ظلم بين الإنسان والله سبحانه وتعالى: ويتمثل هذا الظلم في كفر الإنسان بوجود ربنا سبحانه وتعالى أو شرك الإنسان بالله، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (. * ظلم الإنسان للإنسان: ويتمثل هذا الظلم في تعدي الإنسان على حق إنسان غيره بالباطل. * ظلم الإنسان لنفسه: وفيه قال سبحانه وتعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(. ومن أحاديث الرسول عن الظلم والظلمات وصوره ، تؤكد حرمته وتبين أثرة السيئ على المظلوم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال-: (يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظلموا، يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديتُه، فاستهدوني أَهْدِكم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمتُه، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوتُه، فاستكسوني أكْسُكُم، يا عبادي إنَّكم تُخطئون بالليلِ والنَّهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا، فاستغفروني أغفرُ لكم، يا عبادي إنَّكم لن تبلغوا ضُرِّي فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفَعوني، يا عبادي لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإِنْسَكم وجِنَّكم، كانوا على أتقى قلبِ رجلِ واحدٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخركم وإنْسَكم وجِنَّكم كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجِنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيتُ كل إنسانٍ مسألتَه، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ البحرَ، يا عبادي إنَّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثمَّ أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمدِ اللهَ، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه)
وهذا الحديث قدسي بين فيه أن ربنا سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه ونهى وحذر العباد عن الظلم لغيرهم وأكد فيه شد قبح ارتكاب الظلم ) . اتَّقوا الظُّلمَ، فإنَّ الظُّلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقوا الشُّحَّ فإنَّ الشُّحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءَهم واستحلُّوا محارمَهم(
وفي هذا الحديث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالابتعاد عن الظلم وشبهه بالظلام الذي يحيط بالظالم يوم القيامة يوم لا ينفعه إلا أعماله.
روى أبو هريرة في حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- أتدرون ما المفلِسُ ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه ثمَّ طُرِح في النَّارِ… وفي هذا الحديث تحدث رسولنا الكريم عن بعض الصور الظلم، ومنها الاعتداء على الغير بالشتم أو السب أو القذف أو الضرب أو الضرر، وأكد أن الشخص الظالم سيكون يوم القيامة “مفلس” وتعني أنه سوف يفلس بعد توزيع حسناته على الأشخاص اللذين ظلمهم في الدنيا كرد لحقهم منه، وعندما يفلس قبل أن يرد حق الغير سوف يأخذ هو من سيئاتهم وهنا تفيض كفة سيئاته عن حسناته ويدخل النار كعقاب على ظلمه للغير . قال الرسول صلى الله عليه وسلم:- قال اللهُ تعالي :- ثلاثةٌ أنا خصمهم يومَ القيامةِ:- (رجلٌ أعطى بي ثم غدرَ، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنَه، ورجلٌ استأجرَ أجيرًا فاستوفى منهُ ولم يُعْطِه أجرَه(.