الافتتاحية تكتبها رئيس التحرير
الأمل جنوباً
وليبيا ترمي ثلثها خارج حساباتها في صحرائها الشاسعة حيث كان يُقتل أبناؤها ويساقون معصوبي الأعين، مكتوفي الأيدي إلى مصير ليس بمجهول، مقابل دفع فدية مالية قبل عام ونيّف ، ما كانت ليبيا تملك حيلة حيالهم هذا إن افترضنا حسن الظن.
وإن استخدمنا افتراضات أخرى فإن الجنوبيين الذين لا يملكون من أمرهم شيئا، وجثام المركزية يشل مفاصل الدولة ويرميهم خارج دائرة الضوء، من هم حتى ترسل لهم الدولة الحماية التي يستحقونها؟
كان ذلك قبل عدة شهور . أما اليوم ومنتسبو كافة الأجهزة الشرطية والأمنية الجنوبية يجتمعون في المسرح الشعبي سبها في عاصمة فزان قادمين من قرى وأرياف ومدن الجنوب القصية، دون أن يعترضهم الوجع الذي كان ، يتحاورون تحت شعار واحد ” أمن وأمل ليبيا من جنوبها ” يتحدثون بشفافية بعد إنجاز الأمان الذي تحقق وصار واقعاً وليس وهما. حدودنا التي ضبطت وإن كانت تشوبها بعض الاختراقات الجزئية ، القضايا التي لم تعد تقيُد ضد مجهول كالسابق، بل إن الكثير من المطلوبين للعدالة صاروا في قبضتها ، عادت للدولة هيبتها المنهوبة .
وجدنا الأمان الذي نسير تحت ظلاله بلا وجل ، الخوف الذي غادرنا بلا رجعة حتى هذه اللحظة معطيات ثمينة ، كانت تحتاج لهمم عالية ، ولشجاعة كبيرة حتى تلامسها أرواح الجنوبيين .
كل هذا والإمكانيات لازالت محدودة، والحكومة تعاملنا كنشاز، ترمي لنا فتاتها إن وجد تزدرينا لأننا لم نفرط في ترابها وقاتلنا عليه حتى آخر لحظة فالبقاء في أرض تفقد فيها كل يوم حبيب هو قتال ، البقاء فوق تراب أجرد يفتقر لأقل الإمكانيات الحياتية قتال، بينما ينعم غيرنا في نعيم ليبيا الباذخ ، خيراتنا التي نراها ولا نطالها ولا تقسيم عادل للثروات بينما نحن مصدر الموارد، قتال ولازال الحديث في هذا الشأن يطول ولا يقصر!