الغبار

الغبار

قصة قصيرة ـ المهدي جاتو

نهض العمال في الصباح بجد إلى أعمالهم ، حملوا الطوب في طابور طويل بنشاط النمل ، انتظم الطوب ، تكون البنيان الهائل من أنجاز هذا العالم الغريب الساعي إلى التطور والنمو الجنوني .

الغبار ذرة تكوّن كثلة ، تسبح الكتلة في الهواء ، كالريشة هي هذه الأرض .. الغبار لا مسكن لديه ، تائهاً هو في دنيا الضياع ، ترك المسكن الذي كان يؤويه خرج وبدأت الرياح تصفعه ، تارة تصدمه بسيارة وتارة أخرى بجدار منزل وهكذا الدواليك

الرياح شراسة الماضي وألد أعداء الغبار تثيره وتفككه وتجعله يتشتت وينتشر في كل بقاع الأرض لذا نجده ضائع في عالم التيه ، على الأسطح .. وفي الغرف .. وعلى الكتب .. وفي أنفاسنا .. وفي الشوارع ، يسارع دائما إلى احتلال الأماكن التي نتركها حتى ولو لثانية .

على صوت صفير صادر من مشرف العمال ، إيذاناً بموعد الإفطار والراحة ، اتكأ أحد العمال على عمود من الخرسانة ، ينفث دخان سيجارته ، طارداً بذلك هموم كما يدعي أهل التدخين .

بشرود ذهن نظر إلى سبيل الغبار مع أحزمة أشعة الشمس وكأنها بذلك تعلن رفضها لهذا المعمار عجب لحركتها ، شده الخيال إلى أعماق التفكير ، جعل لها مسكن دعاها إلى التجمع .

تجمعت كبرادة الحديد نحو المغناطيس اقتربت من بعضها والتحمت ذابت كونت طوبة تلتها أخرى وأخرى أحست بالأمان داخل هذا المسكن ، أصبح العالم بلا غبار لمع كل شيء كالبريق وفي لمح البصر طارت الفكرة مع رنين صفارة المشرف .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :