الغرف الأمنية سبها — شباب يقف في وجه الخوف

الغرف الأمنية سبها — شباب يقف في وجه الخوف

  • فسانيا : زهرة موسى – علي قرين

. لعلّ أبرز مشاكل مدينة سبها منذ أعوام هي التخبط الأمني في غياب دور المؤسسات الأمنية ، مما سبب ارتفاع معدل الجرائم و انتشار العصابات و تفشي مالا يحصى من الظواهر السلبية في شوارع المدينة .

في ظل تأزم الوضع الأمني ، وغياب دور الجهات الأمنية الرسمية ، لم يكن أمام سكان المدينة إلا البحث عن حلول بديلة ، فتجسدت فكرة إنشاء الغرف الأمنية كحل مؤقت لمحاربة ظواهر الجريمة التي تؤرق المواطنين .

ولكن.. هل استطاعت الغرف الأمنية فعلاً تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله ؟ وهل كانت بديلا عن مديرية أمن سبها أم لعبت دوراً مسانداً لها ؟ وما أبرز ما قدمته الغرف الأمنية لسبها منذ إنشائها حتى الآن ؟ .. هذه التساؤلات سنحاول رصد إجاباتها من خلال الحوار الذي أجرته فسانيا مع المندوب والمنسق الأمني والإعلامي للغرف الأمنية السيد/ علي مختار عبدالله الطرشاني .

الْغُرَفُ الْأمْنِيّةُ ثَمْرَةُ الْوَاعِزِ الوَطَنِيّ فِي ظِلّ الْخَوْفِ.

يقول مندوب الغرف الأمنية المكلف بالمنطقة والمنسق الأمني و الإعلامي ” عن نشوء هذه الغرف : تأسست أول غرفة أمنية في حي المهدية بتاريخ 1/7/2017 ، بدأت العمل بشكل تطوعي ، ولم تنضم لأي تيار سياسي ، أو قبلي ، حيث انطلقت من واعز وطني صرف بعد انتشار ظواهر الإجرام في المدينة وتفاقم النزاعات القبلية ، فتنادى بعض شباب المدينة وكوّنوا غرفا أمنية مناطقية داخل الأحياء، وظيفتها حماية الشوارع والعمل التطوعي الأمني ، واستمر عملنا لأكثر من عام ، حيث وثّقنا خلال هذه الفترة عددا كبيرا من الجرائم في السجلات الأمنية مثل قضايا المخدرات والقتل والحرابة والسطو . لقد بلغت حصيلة الجرائم التي وثّقناها 420 قضية سطو وسرقة سيارات ، تم القبض عليها عن طريق العلاقات الشخصية ، وغالباً ماتحل هذه القضايا بطرق اجتماعية أكثر من كونها قانونية .

في بداية عمل الغرف الأمنية توقعنا أن نشاطنا مؤقت وسيخفف العبء الملقى على كاهل الأجهزة الأمنية ،لنكتشف فيما بعد أن الغرف الأمنية أصبحت تقوم بدور الشرطة والأجهزة الأمنية التي تخلت عن دورها لنا ،لنترأس المشهد الأمني .

شَبَابُ غُرْفَةِ الْمَنْشِيّة .. تَطَوّعٌ أمْنِيّ بِلَا مَقَرّ رَسْمِيّ!

ورداً على سؤالنا عن مقرات الغرف الأمنية وكيفية الحصول عليها قال الطرشاني مجيباً “حاليا نتخذ البريد مقراً للغرفة الأمنية المهدية ، حيث تمت مراسلتنا رسميا برسالة موجهةً من إدارة البريد ، وذلك بعد أن تعرض مبناه للتخريب والنهب عدة مرات من قبل العصابات ، لذا طلبت منا إدارة البريد اتخاذ المبنى كمقر ، وتمت مخاطبتنا وتسليم المقر بشكل قانوني و رسمي،ففي الوضع الحالي لا تتوفر موارد مالية كافية لإعادة إعمار البريد ، واستخدامه كمقر أمني أفضل بكثير من تركه نهباً ميسوراً للعصابات والمليشيات ،وقمنا على إثر ذلك بربط إدارة البريد مع المنطقة العسكرية. أما غرفة الجديد الأمنية فاتخذت من أحد المنازل القديمة في ” حي النزيلة ” مقراً ، بينما ظلت غرفة المنشية الأمنية إلى الآن بلا مكتب .

أما غرفة حي الكرامة الأمنية فلديهم غرفة متنقلة ” تريلا ” في وسط الحي . ولدى غرفة القرضة الأمنية مكتب بالبلدية ، ومقر مكتب غرفة سكرة يقع خلف الهلال الأحمر التابع للمنطقة العسكرية . وبالنسبة لغرفة الأربعين فاستقروا بمكتب في موقع شركة بناء في وسط الحي ، ومقر غرفة التبو “المثلث ” مكتب في مقر السجون .

طُمُوحُ تَوْحِيدِ الغُرَفِ الْأمْنِيّة بِخُطّة غُرْفَة سَبْهَا الْمُشْتَرَكَة 2019

أشار المنسق الأمني والمتحدث الإعلامي باسم الغرف الأمنية سبها إلى أن ” لكل غرفة أقسامها المستقلة ، ونسعى في خطتنا الأمنية للعام 2019 لوضع خطة توحيد الغرف الأمنية تحت مسمى ” الغرفة الأمنية سبها المشتركة” .

و تتكون الغرف الأمنية بشكل عام من عدة أقسام ، أهمها :” قسم هيئة التوثيق والمعلومات المختص بجمع الأدلة والمعلومات وتدوين المحاضر الصغيرة والشكاوى ، وباقي الأقسام تشمل : قسم التحقيق في الواقعة ، قسم الشؤون الإدارية ، قسم التسليح ، قسم الإعاشة ، قسم الدوريات والتحري الذي تم إنشاؤه حديثاً ، وأخيراً قسم المخابرة الذي يرتبط بعمليات المنطقة العسكرية”

 . رُبّ مُجْرِمٍ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ كَمِينٍ أمْنِيّ

وعن طبيعة العمل في المجال الأمني يوضح الطرشاني ” أن العمل مع مرتكبي الجرائم ذو طبيعة خاصة فنحن كرجال أمن نحاول أن نستقطب المجرم بعد إلقاء القبض عليه ، ونسعى لأن نخرجه من مستنقع الجريمة ، ونساهم في إصلاحه . فأثناء العمل الأمني نضطر أحيانا إلى الاستعانة بالمجرم لأنه الأدرى برفاق مهنته وشعاب السوء ، ومن السهل أن يدل رجال الأمن على المجرمين الآخرين . وعن مدى التجهيزات الموجودة بالغرف الأمنية من العتاد والسيارات والأسلحة

يذكر محدثنا : أن ” غرفة الأربعين الأمنية تمتلك ثلاث سيارات غير مجهزة ، وغرفة المهدية لديها 15 سيارة تتبع “إحدى القبائل ” ونحن نستعيرها منهم في الحالات الطارئة . كما استطعنا إنشاء عيادة صغيرة للإسعافات السريعة ، و تم توفير سيارة إسعاف تبرع بها أحد المواطنين . وأكد الطرشاني في مجمل حديثه أن ” ليست هناك أي جهة تقوم بدعم وتسليح الغرف الأمنية ، حيث قمنا بالجهود الذاتية بتأمين مجموعة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ” بندقيات ” ، أما الأسلحة الثقيلة فلا نحتاجها خلال الدوريات .

مُجْرِمُو الْقَبَائِلِ الْمُتَنَاحِرَةِ إخْوَةٌ يَتَحَالَفُونَ عَلَى الضّلَالِ!

وفي خضم ما نشهده من عجائب الإجرام في مدينة سبها ذكر الطرشاني مايلي : ” أن المجرمين متّحدون في عملهم الإجرامي ومتحالفون مع بعضهم البعض ، وحتى تلك القبائل التي تتناحر تجد مجرميها يتحالفون من أجل مصالحهم. وتابع ” لقد أصبح الحمل ثقيلا علينا ، فعندما يقدم المواطن شكوى في أحد المراكز الأمنية ، يطلب منه موظفو المركز أن يتوجه بشكواه للغرفة الأمنية ، مما اضطرنا إلى توسيع دائرة العمل ،فأنشأنا غرفا في الأحياء التي لم تكن بها فروع للغرف الأمنية مثل أحياء ” سكرة، المهدية، الجديد ، الأربعين ، حيّ الكرامة ، القرضة ، عبد الكافي ، المنشية ” . ولم تكن هذه الغرف الأمنية المنتشرة تستطيع تنسيق العمل مع بعضها البعض حتى تاريخ 27/7/2018 ، ، عندما وصلتنا رسالة من آمر المنطقة العسكرية مبروك الغزوي ، وطلب منا الاجتماع معه ، وقدم اقتراحه بأن تكون الغرف الأمنية حالياً جهة مساندة لأجهزة الشرطة ، لأن الدولة تحارب المليشيات ، وبقاء الغرف الأمنية دون تنسيق قد يساهم مع الوقت في تأسيس ميلشيات جديدة ، فأصررْنا على بقاء الغرف الأمنية المشتركة ، وأصبح آمر الغرف الأمنية هو نفسه آمر المنطقة العسكرية ، وعند قيام الدولة و تعافي الأجهزة الأمنية ستُحَل الغرف وتقود الجهات الأمنية الرسمية المشهد من جديد .

الشّبَابُ المَدَنِيّونَ هُم الْقُوّة الضّارِبَة لِلْغُرَفِ الْأمْنِيّة !

أفاد الطرشاني “أن الشباب الموجودَ في الغرف الأمنية من المدنيين يشكلون نسبة 90% ،يخالطهم القادة العسكريون وضباط التحقيق. وعن الخطة المستقبلية لتدريب و تجهيز هؤلاء الشباب كرجال أمن و عسكريين رسميين صرح الطرشاني : ” حاليا ليس هناك في مدينة سبها من لا يستطيع التعامل مع السلاح ، فالأحداث التي مررنا بها منذ عام 2011 تمرس الناس فيها على التعامل مع الأسلحة بشتى أنواعها . ولكننا نسقنا مع آمر المنطقة العسكرية بشأن تدريب هؤلاء الشباب ، وليس كل العاملين مدنيون فقادة الأقسام جلهم عسكريون ذوو خبرة .

القَطْرُونِي يَدُ العَوْنِ الوَحِيدَة المُمْتَدّة مِنْ مُدِيرِيّة سَبْهَا لِلْغُرَفِ الأمْنِيّة :

ورداً على استفسار فسانيا عن مدى التعاون بين الغرف الأمنية و مديرية أمن سبها نفى الطرشاني قائلاً : ” للأسف لا ، ليست هناك علاقة تعاونية مع المديرية بشكل مباشر ، باستثناء ” العقيد يونس القطروني “فهو الوحيد الذي يتعاون معنا. وبالنسبة للمراكز فهناك مركزان متعاونان ” مركز القرضة وآمره علي عبدالله ، ومركز الجديد “، ونحن لا نرفض التعاون مع رجال الشرطة ، و لكن بعض رجال الأمن ينظرون إلينا كمدنيين ، ولا يريدون التعامل معنا بناءً على هذا الأساس، ولكن مصلحة المدينة ومتطلبات المنطقة الأمنية في الوضع الحالي تفرض علينا التعاون مع الجميع

سُكّانُ حَيّ المَهْدِيّة دَعَمُونَا لِلْقَضَاءِ عَلَى مُجْرِمِي “الوِرَشِ” هُنَاكَ !

وفي خضم الحوار وجهت فسانيا السؤال التالي للطرشاني : – رغم الدور الكبير الذي لعبته الغرفة الأمنية في تنظيف منطقة ” ورش المهدية ” ، إلا أن عملية التقصي و القضاء على باقي أوكار الفساد في سبها لم تدم .. لماذا ؟

فكان رده : ” السبب في توقف عمليات القضاء على هذه الأوكار وجود القبلية التي تحمي مجرميها ، فالنسيج الاجتماعي في بعض الأحياء يساند نمو أوكار الجرائم . على سبيل المثال إذا اتجهنا من غرفة المهدية إلى المنشية ، سيتم احتسابنا على قبيلة معينة ، أو تيار سياسي معين ، و أهم عامل في نجاحنا عند القضاء على المجرمين في “ورش حي المهدية” أن أغلب سكان المنطقة كانوا مستائين من الوضع وراغبين في محاربة ظوهر الإجرام المنتشرة في الحي ، نحن لانغفل عن الأحياء الأخرى، بل نضعها ضمن خطة عملنا القادمة بإذن الله . وعن أهم إنجازات الغرف الأمنية يتحدث السيد الطرشاني قائلاً : ” نجحنا عبر علاقاتنا الشخصية بتوفير منظومة أمنية للغرفة من إدارة البحث الجنائي طرابلس، تحتوي هذه المنظومة على أرشيف لجميع السيارات المسروقة ، وتتضمن سجلا جنائيا لبعض المجرمين والمتهمين ببعض القضايا . كما أضفنا قسما جديدا للغرفة الأمنية، وهو قسم رفع البصمات والأدلة الجنائية والطاقم العامل بهذا الفريق من المتخصصين في تجميع الأدلة الجنائية.

طُرُقَاتُ سَبْهَا تَنُوحُ مِنْ جَرَائِمِ السّطْوِ المُسَلّحِ !

وعن الجرائم الأكثر تسجيلا في وثائق الغرف الأمنية يقول المتحدث الإعلامي للغرف الأمنية ” لدينا إحصائية موثقة بالأرقام عن الجرائم التي شهدناها، وأكثرها حدوثا هي جرائم السطو المسلح ، و سرقة السيارات ، فهي تحدث بشكل شبه يومي . بعد انتشار الغرف الأمنية ، بدأ المجرمون يهربون من الأحياء التي ينتشر فيها أفرادنا ، و انتقلوا إلى وسط المدينة ، مثل الشارع الواسع ، شارع جمال ، الشوارع بالقرب من الكليات ” ، مما دعانا للتنسيق مع القوة الثانية والسيد” عبد الجليل خضري” لتأمين تلك الأماكن ، ولكن لا زالت تواجهنا مشاكل ببعض الطرقات مثل تقاطع ” دبر رأسك ” ، والخط الزراعي ،حيث سيتم إنشاء بوابة رسمية في تلك المنطقة، ومن المقرر أن تؤمن بداية الخط غرفة القرضة ، ومنتصفه سيؤمن بواسطة كتيبة الكرامة التابعة للطوارق ،وغرفة التبو ستقوم بتأمين نهاية الخط ، هذا حسب ما نسقنا له في الخطة القادمة .

ونحن كمسؤولي غرف أمنية لانعد المواطنين بالقضاء على الإجرام بشكل نهائي ، ولكننا سنحاول تخفيف معدل حدوثه .

سُجُونُ سَبْهَا الْجَاهِزَة لَا تَعْتَقِلُ إلاّ الهَوَاءَ !

وعن سجون الغرف الأمنية ومقراتها في مدينة سبها يوضح الطرشاني : ” لكل غرفة سجن خاص ، ولدينا في غرفة المهدية الأمنية سجن كبير ، ويتم تحويل الجرائم الكبيرة مثل ” الجنح ” التي تتطلب أربعة أو خمسة أيام للتحقيق إلى منطقة سبها العسكرية مع الأدلة التي جمعناها ، وهناك لديهم ضباط تحقيق يكملون عملية التحقيق، وتتسلسل الإجراءات الروتينية، والمعضلة المعلقة هي استكمال باقي التحقيقات من جهة النيابة فهي غير مفعلة .

وعن مقترحات تفعيل السجون في سبها خصوصا السجن الجاهز في منطقة المهدية وسجن طريق أوباري أدلى الطرشاني : ” لقد طرحنا هذه الفكرة و اقترحنا أن يتولى هذا الأمر ” السلفية ” لأنهم أناس منصفون ، وهم الأنسب للعمل في بيئة قبلية متشددة كسبها ، و رغم وجود سجن جاهز في المهدية وفي طريق أوباري إلا أن هذا السجن لا تزال في حدوده الإدارية مليشيات لم تخرج بعد ، ومن الضروري تأمين المنطقة قبل افتتاح أي السجن .

أوْكَارُ الفَسَادِ بِحَيّ عَبْد الْكَافِي خَارِج نِطَاقِ السّيْطَرَة

ذكر الطرشاني في مجمل حديثه عن نشاط الغرف الأمنية و ثأثيرها في الشارع قائلا : ” بدأنا العمل في أول غرفة أمنية من داخل منطقتنا “حي المهدية” لكسب الرأي العام ،مما منحنا المصداقية والقبول لدى الناس في الشارع ، و أنشأنا فرعا آخر تابع للغرفة بمقر ” مركز الأمل للصم وضعاف السمع ، وذلك لأن منطقة المهدية مترامية الأطراف و تضم مجموعة مختلفة من المكونات و القبائل ، من ضمنها القبائل المتنازعة مماجعلنا نقوم بتقسيم مناطق الغرفة ، ليعمل كل في منطقته . إن إنشاء الغرف الأمنية كان له أثر كبير على الشارع السبهاوي ، ولنغدوا منصفين ،فإن الغرف الأمنية ليست وحدها من أثرت على الوضع الأمني، بل مشاركة واندفاع جهات أمنية أخرى للعمل بعد أن رأت ما تقوم به الغرف الأمنية من عمل حقيقي ،وخلق ذلك نوعا من التنافس وتحفيز الأداء . وعن عمل الغرفة الأمني و على ملف أوكار الذعارة و الفساد بحي عبد الكافي أكد الطرشاني قائلاً : ” نعم تناولنا هذا الملف ، بالتنسيق و العمل مع غرفة عبد الكافي ، لكن هذه الأوكار أصبحت متفشية و كارثية وليس من السهل القضاء عليها ، حيث يستلزم هذا العمل تجهيز قوة أمنية قوية جداً ،و”يد دولة ” طائلة بأجهزتها الأمنية ليتم القضاء على هذه الأوكار .

ما مصير الترامادول المداهم بالدوريات الأمنية؟!!

أما عن دور الغرف الأمنية في محاربة البؤر العلنية لبيع المخدرات تحدث الطرشاني قائلاً: ” قمنا بهدم بعض الأوكار ، وداهمنا البعض الآخر ، وخلال تلك العمليات جمعنا كميات كبيرة من حبوب ” الترامادول ” المخدرة ولازالت الكميات موجودة في المقر حتى الآن . وبعد عمليات المداهمة هذه، انتشرت شائعات في الشارع السبهاوي مفادها أننا نبيع ما نقوم بجمعه في الدوريات كنوع من الحرب النفسية ، لكننا لم نلتفت لتلك الشائعات ، واستمر عملنا لنتمكن خلال دورياتنا من القبض على بعض رؤوس عصابات تجارة المخدرات في سبها . وعلى الجانب الآخر تظل هناك بعض الأوكار التي لم نستطع القضاء عليها ، لأنها تحظى بحماية اجتماعية و تقع داخل أحياء قبلية يصعب مداهمتها لما تملكه من حصانة اجتماعية ونفوذ .

حَادِثَةُ أمّ الْأرَانِبِ وَ “التّارِقِيّ” عَامٌ بِلَا أثَرٍ بَعْدَ حَادِثَةِ أمّ الْأرَانِب. يروي الطرشاني ماحدث : ”

في يوم التاسع من فبراير العام 2018 ، بسبب تراخي بعض الضباط في المنطقة ، انتشر المرتزقة على الحدود الإدارية لمنطقة سبها ، فقمنا بالتنسيق مع جميع الغرف الأمنية للقيام بدورية داخل البلاد ، “باستثناء غرفة التبو في ذلك الوقت بسبب المشكلة التي لازالت قائمة بينهم و بين قبيلة أولاد سليمان ، فلم نرغب باحتدام الصراع و إشعال جذوته لأي سبب ،ورغم انزعاج شباب غرفة التبو في بداية الأمر من استثنائهم إلا أنهم تفهموا الأمر لاحقاً . قمنا بهذه الدورية التي حملت رسالتنا ومفادها : نحن المدنيون الذين شكلنا 90% من الغرف الأمنية، تطوعنا ولم نخشَ القيام بتلك الجولة على حدود سبها في وقت تخلف العاملون في الجهات الأمنية عن القيام بواجبهم هذا ” .

وتابع ” خرجنا في دورية بناءً على إحداثيات معينة ، وافتنا بوجود المرتزقة في موقع بعينه ، وقبل وصولنا لتلك المنطقة ب5كم ، تفاجأنا بخروج المرتزقة المسلحين ، و حدث اصطدام بيننا و إطلاق رصاص وحدث الصدام فجأة ، وأربكنا وجود عسكريين ومدنيين في دوريتنا، ودام الاشتباك لساعات، حيث أصيب بعض المرتزقة،بينما خسرنا في هذا القتال ( يونس عبد السلام ابوصبع)، وجرح كل من ( نزار الرقيعي من غرفة المهدية ، إبراهيم عبد الغني من غرفة الجديد ، مالك محمد من غرفة سكرة ) كما فقدنا ( موسى التارقي ) الذي لم نعثر عليه حتى الآن رغم حصولنا على أدلة وخيوط أثناء البحث و التقصي عنه.

وبالرغم من كل الخسائر التي تكبدناها، فإننا سعيدون بهذه الخطوة، لأن ماحدث كسر حاجز الخوف، ويكفينا تذكر استقبال قبائل سبها التي كانت تنتظرنا بحفاوة ، وهذا يدل على أنه بالرغم مما يبدو على الكثيرين من تحجر العقول والعناد إلا أن القلوب لاتزال مليئة بالحب اتجاه الآخرين . ونوه الطرشاني بخصوص التأمين الطبي للمنطوين تحت الغرف الأمنية ” في السابق لم يكن لدينا تأمين صحي للتابعين للغرف ، وليس هناك أي جهة قدمت الدعم لنا . ولكن منذ يوليو 2018 التحقنا بالمنطقة العسكرية بقيادة ( اللواء مبروك الغزوي ). وهناك اتفاق مبدئي بشأن التأمين الصحي لأي فرد من الغرفة الأمنية يصاب أثناء العمل، حيث تتم معاملته كعسكري تحت إمرة المنطقة العسكرية . حُلْمُ سَبْهَا السّلَامِ -2019 فِي عُيُونِ الغُرَفِ الأمْنِيّة

أفاد الطرشاني ” نحن نطمح إلى أن يكون العام 2019 عام الأمن والسلام في مدينة سبها ، و نحن بصدد إعداد خطة أمنية كبيرة ، سنتعاون لتنفيذها مع جميع الجهات الأمنية بالمدينة ،خاصةً مع تقبل الشارع لعمل الغرف الأمنية و تعاونه الفعال معها ،فقد أصبحت هناك أرضية أمنية يمكن العمل عليها لتحقيق الأمان ، ونأمل بإذن الله أن تكون الفترة القادمة بداية استتباب السلام في سبها .

لحل المشاكل الأمنية في المدينة يقترح الطرشاني ” إن الحل لمشكلة سبها الأمنية ليست الضرب بيد من حديد ، بل هي تنوير العقول ، و تنظيم ورش تدريبية توعوية ، لأن سبب المشكلة الأمنية هي التخلف، وعدم التعلم من التجارب السابقة ، فبالرغم من مرورنا بالكثير من الحروب و الأزمات إلا أننا لمْ نَعِ الدرس بعد ، ولازلنا نفكر بنفس العقلية المدمرة. وأكد ” نحن على أتم الاستعداد لتبني أي نشاطات توعوية في سبها ، فقد شاركنا سابقاً في تنظيم عدد من الورش والمؤتمرات. ونحن جاهزون لتبني أي عمل في صالح المدينة.

لقد شاركت الغرف الأمنية في حراك غضب فزان ، و أصررنا على تأمين وحفظ سلامة وفد الأعيان والمشائخ الذين جاؤوا لحل المشكلة التي حدثت بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو . أشار” إن وسائل الإعلام كانت ذات دور ضعيف ،لذا لم نعتمد عليه، فمازال هناك الكثير من الخوف و قلة الثقة بين الإعلام والشارع، إضافة لتعرض الإعلامين للتهديدات والقتل، كل هذا تسبب في غياب دعم وسائل الإعلام للجانب الأمني .

وختاما قال السيد الطرشاني لفسانيا : ‘أتمنى من المواطنين التخلي عن النعرات القبلية ، لأن المجرمين يكوّنون لحمة اجتماعية كبيرة جدا في ظل مصالحهم مهما اختلفت قبائلهم و انتماءاتهم ، فلا يجب أن ينخدع المواطن البسيط بستار المشكلات القبلية التي أثرت على علاقات المواطنين العاديين فقط ، أما أفراد العصابات فلم يتأثروا بذلك ولازالوا يعملون مع بعضهم البعض لجني الثروات. أتمنى من المواطنين أن يفصلوا بين حياتهم المهنية والقبلية ، تَقْدِيمُ الدّعْمِ لِلْغُرَفِ الْأمْنِيّة حيث يكون ذلك بالإبلاغ السريع عن أي تحركات أو عمليات إجرامية ، لأن سرعة الإبلاغ عن الجريمة تسهل عملية القبض على المجرمين . وأرجو من الإعلاميين التعاون معنا لبث روح السلام و المصالحة وتوعية المواطنين من خلال توحيد خطابهم الإعلامي الجاد و الوطني الداعم للجهات الأمنية .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :