الغش في الامتحانات: ظاهرة تهدد النظام التعليمي والمجتمعي

الغش في الامتحانات: ظاهرة تهدد النظام التعليمي والمجتمعي

تقرير : منى توكاشها

الغش في البيئة التعليمية هو ظاهرة تثير الجدل والانتقادات، ولكن ما هي الأسباب التي تجعل الطلاب يلجؤون إلى هذا السلوك؟

للإجابة على هذا السؤال، أجرينا مقابلات مع عدد من الطلاب الذين اختاروا الغش كوسيلة للتعلم.

كما استمعنا إلى آراء بعض الأهل والمعلمين حول هذه الظاهرة وكيفية مواجهتها.

محمد إسماعيل مدير الشؤون الإدارية بتعليم سبها

الطلاب يتحدثون عن دوافعهم للغش

إبراهيم، طالب في الصف الأول من المرحلة الثانوية، اعترف بأنه لجأ إلى الغش بسبب الضغط الزمني والعبء الدراسي.

أضاف: “كنت مشغولًا جدًا ولم أجد الوقت الكافي للتحضير الجيد. فاخترت الغش كحل سريع للحصول على نتائج جيدة.”

مريم، طالبة في الشهادة الثانوية، أبدت تفاؤلها رغم استخدامها للغش. قالت: “كنت أشعر بضغط الأقران وتوقعاتهم العالية.

فلم يكن لدي خيار آخر سوى الغش للتأكد من أني في المستوى.”

رياض، طالب في الصف التاسع، عبر عن تأنيب ضميره لاستخدامه للغش.

ذكر: “كنت غير مستعد جيدًا للامتحانات بسبب الضغوط العائلية والمشاكل الشخصية. فوجدت الغش الخيار السهل لتجاوز ضعفي.”

رنا، طالبة في الصف الثالث من التعليم الثانوي، اعترفت بأنها استخدمت الغش لتحقيق طموحها الكبير.

أوضحت: “كنت أرغب في الحصول على درجات عالية والظهور بمظهر جيد أمام الآخرين. فاستخدمت الغش كطريقة للنجاح السريع.”

أحمد حسين، طالب بالصف الثامن شرح أنه استخدم الغش لأنه كان مرهقًا جدًا من ضغوط الحياة.

قال: “لم أكن قادرًا على التركيز على الدروس والاستعداد بشكل جيد. فلجأت إلى الغش لتخطي هذه الصعوبات الشخصية.”

نورا، طالبة جامعية، صرحت بأنها استخدمت الغش في الشهادة الثانوية بسبب القلق من الفشل.

زادت: “كان القلق يلازمني طوال فترة الدراسة، وأردت الحصول على درجات جيدة لإثبات قدراتي والوفاء بتوقعات الآخرين. فرأيت الغش الحل لتجاوز هذا الضغط النفسي.”

ليلى طالبة في الثاني ثانوي حكت عن شعورها بالإحباط واليأس من صعوبة المواد الدراسية وتعقيد المنهج.

قالت: “رغم محاولاتي الجادة في التعلم، كنت أتخلف عن زملائي. فاخترت الغش كطريقة للتعويض والابتعاد عن الشعور بالفشل المستمر.”

محمد عبدالله، طالب جامعي، بين أنه استخدم الغش بسبب الملل وقلة التحفيز في الدروس.

قال: “بدأت أشعر بأن المنهج مكرر وممل، ولم يكن هناك تحفيز كافٍ للتفوق. فاستخدمت الغش كطريقة للخروج من هذا الجو التعليمي الممل والحصول على بعض المتعة المحظورة.”

 آراء الأهل والمعلمين حول ظاهرة الغش.

مبروكة محمد، معلمة ، روت تجربتها المؤلمة مع الغش في الشهادة الثانوية.

قالت: “كنت مسؤولة عن مراقبة الامتحانات وكانت مهمة صعبة بالنسبة لي. فالغش يخالف قيمي ومبادئي. لكنني تفاجأت باتصال من معلمتي السابقة التي كنت أحترمها وأقدرها، وطلبت مني مساعدة ابنها في الغش. فشعرت بالصدمة والانهيار والخيبة.”

بلقاسم محمد، أب لثلاثة أطفال، رأى أن الضغط الزمني هو سبب رئيسي للغش.

قال: “الطلاب يواجهون جدولًا مكثفًا من الامتحانات والواجبات الدراسية، وعندما يشعرون بأن الوقت محدود، يصبح الغش الخيار الوحيد لهم للحصول على درجات عالية.”

خديجة عادل أم لخمسة أطفال توقعت أن الرغبة في الحصول على علامة عالية تدفع البعض للغش.

قالت: “نحن مجتمع محصَّلي الأعداد في المدارس والجامعات، ويبدو أن الإنجازات والعلامات العالية هي الشيء الأهم. فالطلاب يستعينون بالغش للحصول على تلك العلامة المرغوبة.”

مريم شها، معلمة لغة عربية، استنكرت ضغوط الأقران التي قد تؤدي إلى الغش.

قالت: “عندما يرون زملاءهم يلجؤون إلى الغش ويحصلون على درجات عالية بسهولة، يشعرون بأنهم مضطرون للقيام بنفس الشيء لعدم التأخر عن زملائهم في الدرجات.

كيفية مواجهة ظاهرة الغش

جميلة موسى، مدرسة سابقة، اقترحت أن الغش يمكن تجاوزه بتعزيز ثقافة النزاهة الأكاديمية.

قالت: “يجب تعزيز القيم الأخلاقية وتحفيز الطلاب على العمل الجاد والاستعداد الجيد للامتحانات. يمكننا أن نساهم في خلق بيئة تعليمية تحث على النزاهة.”

ملاك محمد ناشطة مدنية ، دعت إلى تحميل المؤسسات التعليمية مسؤوليتها في مواجهة ظاهرة الغش.

قالت: “يجب توفير بيئة منصفة ودعم الطلاب للتعلم والتقدم بصورة أفضل.

فالغش ينشأ عندما يشعر الطلاب بالظلم أو الإهمال أو الإحباط.”

عبدالله يوسف ، أستاذ في اللغة العربية، شدد على أهمية التعاون بين الطلاب والمعلمين في مكافحة الغش.

قال: “يجب تعزيز دور المعلمين في تشجيع الطلاب على طرح الأسئلة والمساعدة في تفهم المواد الدراسية بشكل أفضل، وبالتالي تقليل الحاجة للغش.”

عائشة مختار، معلمة رياضيات، اعتبرت أنه من الصعب تحقيق عالم خالٍ من الغش بالكامل، حيث يعتمد الغش أيضًا على الثقة والنزاهة الشخصية للطلاب.

قالت: “رغم الجهود المبذولة، قد تستمر هذه المشكلة بسبب تحديات عديدة مثل التقنية والضغوط النفسية.”

خديجة عبدالله، مدرسة لغة إنجليزية، طالبت بتعاون شامل بين المدرسة والأهل والطلاب لمكافحة الغش.

أضافت : “يجب أن يتم توعية الجميع بأخلاقيات النزاهة الأكاديمية وأثر الغش على الفرد والمجتمع. إذا لم تكن هناك مشاركة فعالة من جميع الأطراف، فإن الغش قد يظل قائمًا كمشكلة يتعذر حلها.

مصري محمد، أستاذ مدرسي أكد على أن الغش في الامتحانات هو ظاهرة سلبية تؤثر على العملية التعليمية والمجتمعية، وهو محرم في الدين الإسلامي.

قال: “لمكافحة هذه الظاهرة، أصدرت ليبيا قانوناً رقم 205 لسنة 2020 في شأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات والذي ينص على عقوبات مختلفة تتراوح بين الحرمان من الامتحان والطرد من المؤسسة التعليمية والسجن والغرامة، حسب نوع وخطورة الغش.”

و قال محمد اسماعيل، مدير إدارة الشؤون الإدارية والمالية بمكتب مراقبة التعليم سبها، إن ظاهرة الغش مرتبطة بقوانين عامة ومتعارف عليها في وزارة التعليم الليبية.

وأكد أن هذه القوانين ليست حديثة ولا هي وليدة الوقت الراهن.

وأشار أيضًا إلى أن عقوبة الغش يتم من خلال إرفاق ورقة الغش مع ورقة الامتحان من قبل مراقب لجنة الامتحانات وإلغاء المادة التي ضُبط فيها الطالب وهو يمارس الغش.

وأضاف إسماعيل أن الغش يرتبط بالدرجة الأولى بوعي المسؤول واستيعابه للمسؤولية الوطنية والدينية والأخلاقية المرتبطة بهذه القضية التي استفحلت خلال سنوات مضت.

كما أوضح أن ظاهرة الغش في الامتحانات تراجعت كثيراً عن السابق وأعتقد أن وعي الأهل والطلاب زاد عن السابق، ولم يعد أولياء الأمور يتجمهرون أمام المدارس لتسريب الإجابات لأبنائهم.

وأشار إلى أن هذا مؤشر على وعي الأهل والأبناء الطلاب أيضًا، وعلى هذا الوعي نعول كثيراً.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :