السؤال منذ أيام الجامعة كنت لا أستطيع المذاكرة وأنا صائمة في رمضان فأفطرت في سنتين أيامًا عديدة، فهل علي القضاء أم الكفارة أم هما معا؟
الجواب … الحمد لله،
أولاً: صوم رمضان أحد الأركان التي بني عليها الإسلام،
روى البخاري ومسلم…. عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَان. فمن ترك الصوم فقد ترك ركنًا من أركان الإسلام، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض السلف إلى كفره وردته، عياذًا بالله من ذلك.
قال الذهبي في الكبائر …. (وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال”. انتهى.
ثانيًا: وأما الفطر لأجل الامتحان فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك فأجاب: “لا يجوز للمكلّف الإفطار في رمضان من أجل الامتحان، لأن ذلك ليس من الأعذار الشرعية، بل يجب عليه الصوم وجعل المذاكرة في الليل إذا شق عليه فعلها في النهار. وينبغي لولاة أمر الامتحان أن يرفقوا بالطلبة، وأن يجعلوا الامتحان في غير رمضان جمعًا بين مصلحتين، مصلحة الصيام، والتفرغ للإعداد للامتحان، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقق عليه، أخرجه مسلم في صحيحه .
فوصيتي للمسؤولين عن الامتحان أن يرفقوا بالطلبة والطالبات، وألا يجعلوه في رمضان بل قبله أو بعده ونسأل الله للجميع التوفيق”. انتهى
وكذلك سئلت اللجنة الدائمة:
سأختبر في رمضان لمدة 6 ساعات ونصف الساعة، متواصلة يتخللها فترة راحة لمدة 45 دقيقة. وكنت قد قدمت الاختبار ذاته العام الماضي، لكني لم أركز بسبب الصيام.
فهل يجوز لي أن أفطر في يوم الاختبار؟
فأجابت: “لا يجوز الإفطار لما ذكرت، بل يحرم ذلك؛ لعدم دخوله في الأعذار التي تبيح الإفطار في رمضان”.
ثالثًا : وأما وجوب القضاء، فالأمر يحتاج إلى تفصيل: فإن كنت أفطرت وأنت تظنين أن الفطر جائز بسبب الامتحانات فعليك القضاء؛ لأنك معذورة بهذا الظن الخاطئ، ولم تتعمدي ارتكاب المحرم.
أما إن كنت أفطرت وأنت تعلمين تحريم ذلك، فالواجب عليك التوبة والندم، والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب العظيم .
وأما القضاء، فإن كان إفطارك في أثناء اليوم بعد أن شرعت في صيامه، فعليك القضاء، وإن كنت لم تصومي من الأصل فلا قضاء عليك، وتكفيك التوبة النصوح إن شاء الله تعالى، وعليك الإكثار من الأعمال الصالحة من صيام التطوع غيره، فإن ذلك يسدد النقص الحاصل في الفريضة.
قال النبي ﷺ: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد؛ ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه)
قال الله تعالى: ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلظَّلِمُونَ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها –
أي: فعلها قبل دخول الوقت – لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذورًا …
رابعًا: عليك التوبة إلى الله من تأخير القضاء كل هذه السنوات، فإن الواجب على من عليه قضاء أيام من رمضان أن يقضيها قبل دخول رمضان التالي، فإن أخرها كان مرتكبًا محرمًا، وهل يجب عليه كفارة (إطعام مسكين عن كل يوم) بسبب هذا التأخير؟
فيه خلاف بين العلماء، والأقرب أنه لا يجب، ولو أخرجتيها احتياطًا كان ذلك حسنًا.
وخلاصة الجواب: أن عليك القضاء إن كنت ظننت أن الفطر جائز بسبب الاختبارات، أو كان فطرك في أثناء اليوم، ولا يلزمك مع القضاء كفارة. نسأل الله أن يتقبل توبتك. والله أعلم.