الفنان التشكيلي الليبي معتوق أبوراوي.. لفسانيا :الشعر والأدب والفن التشكيلي مرتبط كل منهما باﻵخر ويكمل كل منهما اﻵخر

الفنان التشكيلي الليبي معتوق أبوراوي.. لفسانيا :الشعر والأدب والفن التشكيلي مرتبط كل منهما باﻵخر ويكمل كل منهما اﻵخر

حاورته :: حنين عمر

ولدت كفنان تشكيلي مرتين، الأولى في ليبيا والثانية في غرناطة

هاجسه البحر، يرسم قوارب الموت ويتعذب لأجل المفقودين، يحمل بدخيلته حِسا إنسانياً مرهفا فليس فنانا ذلك الذي لا يتفاعل بقلبه وكل حواسه مع من حوله ، الاختزال والجرأة تميز أغلب لوحاته ، يواجه قبح العالم بجمال بفرشاة وألوان، ماضيه ومستقبله مرهون للفن هكذا تحدث، لم يلتزم بالإجابة عن أسئلتي بل حدثني عن أعماله ومعارضه ومذكراته اليومية التي بدأ العمل عليها منذ 1995، وتقبل ذلك بطيب خاطر فتلك هي روح الفنان المتمردة .. حوار شيق مع الفنان معتوق بوراوي يستحق المتابعة..

 اعترف بأني فنان تعبيري مباشر حيث أرسم بإيحاء وإلهام وقتي، أرسم اللحظة


هل يمكن أن يصف لنا الفنان اللحظات الأولى لميلاد فنه؟كنت في المدرسة الابتدائية والإعدادية دائما في ورشة العمل الفني مع معلمي التربية الفنية، بعد ذلك بفترة وجدت اهتماماً من معلم التربية الفنية الذي اختار لي عملين عُلقا على حائط المدرسة فكان هذا دافعا كبيرا لاستمراري ووقتها بالذات اكتشفت موهبتي فاستمررت في الرسم للمرحلة الثانوية، وكان جل اهتمامي فيما بعد في الفنون التشكيلية مع أن دراستي كانت علمية، ومن بعدها التحقت بالمعهد لكني فشلت بسبب تعلقي وبحثي عن الفن التشكيلي، فصادف أن فتحت أبواب كلية الفنون الجميلة بطرابلس، قرجي، 1989م، فالتحقت بها وكنت من الدفعة الأولى شعبة الرسم والتصوير التي تخرجت منها، وكان من خريجي الدفعة الكثير من الأصدقاء أذكر منهم عبدالرزاق الرياني، عبدالناصر بوصوة، صلاح بالحاج، عفاف الصومالي، يوسف فطيس، وأقمنا معارض رائعة داخلية وأخرى خارجية من خلالها استطعنا أن نترك أثراً مهما مَهد الطريق لمن بعدنا..
وفي الحقيقة يعود الفضل في بروز مواهبنا للأساتذة الذين تعاقدت معهم الدولة الليبية في ذلك الوقت من دول عربية مختلفة، والحقيقة أن الخطوة الأكثر تأثيراً في حياتي الفنية هي التحاقي بالدراسة العليا في إسبانيا، ووقع اختياري على أسبانيا لوجود علاقة روحية بيني وبين الفن الأسباني، حيث تأثرت ببيكاسو وغويا، وبكبار الفنانين الأسبانيين، فمن المعروف عراقة الدولة الأسبانية في الفن التشكيلي والمعرفة البصرية لذلك أعادت بنائي من جديد.

أنا متأثر بالمدرسة التعبيرية التي أسسها “قويا” في المرحلة السوداء.

متى ولدت كفنان تشكيلي؟

ولدت كفنان تشكيلي مرتين، الأولى في ليبيا والثانية في غرناطة .
أرى أنك عاشق للأدب والشعر وهذا جلي من خلال تدويناتك عبر صفحتك الشخصية على الفيس بوك، فلماذا ذهبت خلف الفرشاة والألوان ولم تذهب خلف الكتابة مثلا؟
بالنسبة لسؤالك، لماذا أنا لديّ ميول للفن والأدب وعلاقة هذا يمكن أن يلاحظ جلياً في طريقة دمجي للأدب في العمل التشكيلي، ففي عام 2005..حتى 2007 أنا كنت طالبا في الدكتوراه في جامعة غرناطة، وعلاقتي كانت جيدة بشعراء من أسبانيا ودمشق، لذلك قمت بعملين الأول في “كازا بلانكا” واﻵخر في “دمشق” في خان أسعد باشا، في العمل الأول تأثرت كثيرا بالفنانيين الأسبان، فقمنا بتجهيز “خيمة” بملابس المهاجرين التي كانت منتشرة في البحر، وعلى إثرها تدخل شعراء من المغرب وأسبانيا كملحمة شعرية وتشكيلية مشتركة ومن هنا اتضح لي بأن الشعر والأدب والفن التشكيلي مرتبط كل منهما باﻵخر ويكمل كل منهما اﻵخر، وقد لاحظت أيضاً أن الشعراء والأدباء متعطشون لمعرفة واكتشاف العمل التشكيلي ربما أحيانا يفوق رغبة التشكيليين في حد ذاتهم، وأنا شخصيا لديّ علاقة قوية تربطني بشعراء ليبيين وأسبان وحتى بأمريكا اللاتينية.
والعمل الثاني الذي أثر فيّ بشكل أساسي وكبير، حينما كنت مدير القسم العربي في دمشق، وكان العمل يحمل اسم “أصوات البازلت الأسود” حينها كنت ألقي بيت شعر لكل من نزار قباني، أدونيس، محمد الماغوط، والخطابي من المغرب، بدر شاكر، وترجمت للعربية أبياتا شعرية لشعراء من أسبانيا مثل “خوسيه فالينتي” وشعراء آخرين لم تحضرني أسماؤهم الآن، فأخذت من كل واحد بيت شعر أو أكثر، وطبعنا هذه الأبيات على أرضية خان أسعد باشا بمادة البازلت الأسود على خلفية بيضاء وكان هذا العمل مميزاً وشيقا وقد شارك فيه طلبة من غرناطة ودمشق، وعلى إثر هذا العمل صارت لي علاقة جيدة بالشعر فطالما كان الشعراء يصطادونني ومن جانبي تأثرت بالشعر وجسدت هذا في أعمال فنية تشكيلية.

معرضي الفردي الأهم كان باسم “أحلامي في غرناطة” احتوى عديد اللوحات التي رسمتها دون التفكير

 

أعتقد بأن المدارس الفنية لم تعد كما السابق واستجاب أغلبها للتغيير والتطور، فلأي مدرسة فنية تنتمي ؟وكيف تنفذ الفكرة للوحة، وهل تبحث وتدرس وتنقب عن الفكرة أم أنها تأتيِ تلقائية؟
_ أنا أعتقد أني كما كتب عني كتاب أسبان أو عرب أو ليبيون بأني فنان تعبيري مباشر حيث أرسم بإيحاء وإلهام وقتي، أرسم اللحظة، ولا أستغرق وقتاً في التفكير وعملي لا يأخذ وقتاً طويلا ربما من ساعة الى ساعتين، وأنوع في أدواتي أينما وُجدت، فقد أرسم بالقهوة أو بألوان الكريلك والألوان الزيتية وكما أرسم على القماش.كما أني متأثر بالمدرسة التعبيرية التي أسسها “قويا” في المرحلة السوداء.

حدثني عن مذكراتك اليومية؟
_ أنا لجأت إلى فكرة المذكرات اليومية التي هي عبارة عن مذكرة دائمه في يدي، فتجدي فيها تدوينا لكل الدول التي زرتها ، فكنت أخط كل ما أشعر به في لحظتها رسماً، واكتشفت بعد ذلك بزمن أن بيكاسو كان يقول:” إن الرسامين قد يكتبون مذكراتهم الشخصية بالرسم” ، وهذا كان دافعا لي لأدون أكثر.
 كيف أثرَ المكان على الفنان معتوق بوراوي؟
في خلال سفري لأسبانيا انبهرت بالفن الأسباني حيث كان ضخماً ومدهشا، وباعتبار أن تاريخ الفن الأسباني مليء بالفنانين الكبار الذين استقت منهم بعض التيارات الفنية أسلوبها الفني مثل الفنان قويا ويعتبر من أهم مؤسسي المدرسة التعبيرية في المرحلة السوداء، لذلك فمن الطبيعي أن أتأثر بالفن الأسباني كثيرا ومن أساتذته تعلمت.
 أفضل لوحة فنية قريبة لقلبك من بين لوحاتك الكثيرة؟
حقاً لا تحضرني لوحة دون سواها اﻵن، فعادةً ما كنت أرسم وأترك، وحين تقع عيني على إحدى الأعمال التي رسمتها فيما مضى يخالجني شعور الأبوة اتجاه تلك اللوحات.
هل سبق للفنان إقامة معرض فني تشكيلي في ليبيا أو خارجها؟
اشتركت في كثير المعارض الجماعية، أما المعارض الفردية فكانت تعد على الأصابع، وكل معرض فردي نظمته بمثابة منعطف مهم في حياتي الفنية.
والمعرض الفردي الأهم كان باسم “أحلامي في غرناطة” وهذا المعرض احتوى عديد اللوحات التي رسمتها دون التفكير في عرضها، فنالت إعجاب النقاد اﻷسبان، فقمت بتنظيم معرض شخصي بهذه اللوحات في صالة بورخس في الأرجنتين، كما أني اشتغلت مع أشهر الفنانين العالميين مثل الكوبي “خوسيه بيبيا” وكذلك الفنان اﻷسباني الكبير “باكو بنيوس” والأخير كان مشرف رسالة الدكتوراة التي كنت أنجزها حينها.

جمعت لوحاتي في أربعة كتب، تحت اسم” تأبين المفقودين بقوارب الموت،و” الجنوب والحلم” و” بتأبين المفقودين بالربيع العربي” و”أحلامي بغرناطة”

حدثني عن الكتب التي جمعت فيها لوحاتك؟ وأين نفذت؟ وهل صاحبت اللوحات نصوص شعرية؟

جمعت لوحاتي في أربعة كتب، معنونه تحت اسم” تأبين المفقودين بقوارب الموت،و” الجنوب والحلم” والآخر” بتأبين المفقودين بالربيع العربي” والأخير”أحلامي بغرناطة”
وتلك الكتب هي عرف متداول بين التشكيليين في كل معرض يجب نشر مايسمي “بالكاتالوج” أي الكتيب المصاحب للمعرض، لأن كل الزوار ليس بوسعهم اقتناء لوحة قدتعجبهم من المعرض، .أضف على ذلك هو رصيد للفنان ويسهم في التعريف به في نطاق أوسع من المعرض ونُفذت جميع الكتب بأسبانيا عدا كتيب واحد وهو “أحلامي في غرناطه ” صدر في العاصمة الأرجنتينيه وجاء على خلفية المعرض الذي أقمته في القاعة المعروفة واسمها ” خورخي لويس بورخص” من أشهر القاعات في الأرجنتين على الإطلاق..
وهناك بعض اللوحات فقط كانت تحمل نصوصا شعريه من شعراء أسبان أو عرب.

الخطوة الأكثر تأثيراً في حياتي الفنية هي التحاقي بالدراسة العليا في إسبانيا

 ماذا ينقص الفن التشكيلي الليبي للظهور عربيا وعالميا؟

أعتقد أن الفن الليبي يحتاج للدعم، كما ينقصه الانفتاح،وأتمنى للفن التشكيلي في ليبيا أن يكون أكثر انفتاحاً على الدول الكبرى ويتعلم منها كأسبانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا

عراقة الدولة الأسبانية في الفن التشكيلي والمعرفة البصرية أعادت بنائي من جديد.
طموحك المستقبلي؟
طموحي أن أقيم معارض في ليبيا وخارجها ولكن الوضع في ليبيا لا يسمح بإقامة معارض حالياً.
كلمة أخيرة للفنان معتوق بوراوي؟
_الفن يجب أن يعيش، والفنان ليس بتاجر

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :