- قصة قصيرة / عوض الشاعري
اليوم قررت أن أتخلص من قلقي نهائيا . . لم يعد يليق بي أن أخشاه بعد الآن … وأنا الذي تحملت كل هذا الألم الذي سببه لي طوال الأشهر الماضية . . وكل هذا الصبر والمناكفات التي نغصت علي حياتي . .لازلت أذكر رفقتنا الجميلة على مدى أربعين عاما ونيف وأنا أتعامل معه بحذر وأحاول إرضائه باستمرار . . .كنت أدلله كطفل صغير . . وأربأ بنفسي عن كل ما يثيره أو يستفز أعصابه . . لدرجة أنني كنت لا أتناول أي طعام لا يروقه أو أي نوع من العصائر التي لا يستسيغها . . حتى أنني خصصت جزءا من مرتبي البسيط للعناية به أكثر من أي شيء آخر . . تعودت خلال رفقتنا ومن بداية ظهوره في حياتي أن ألاطفه وأن لا أشاكسه أبدا وأن أحافظ عليه ناعما ومصقولا وأكثر بياضا . . . لكنه على ما يبدو لم تعد تروقه تلك الرفقة ولا حتى أسلوبي الروتيني في خصوصية العلاقة الحميمة بيننا . . فدأب منذ شهور يشاكسني ويتركني للسهاد . . أقضي الليالي وحيدا مع الكمد . . أفكر في وسيلة ناجعة تمكننا من العيش سويا في تآلف وانسجام كسابق عهدنا . . أيام كانت للحياة لذة الاندهاش الأول . . حين كنت أشعر معه بطعم كل شيء على طبيعته . . فحلاوة السكر كانت معه شهدا خالصا لا تزال ذاكرتي تختزن رحيقه الأسطوري حتى الآن . . وعذوبة الفواكه كأن نسغها لم يزل تحت لساني . . ونكهة كل الأطعمة وكأنني أستدعيها الآن من خلف جدار ذاكرتي وأتلمس خواصها بحلمات التذوق في مقدمة لساني . . . ياااااااااه : مضى زمن طويل وأنا أفكر في ذلك حتى كدت أن أنسى كل ذلك بعد أن داهمني بمناوشاته فقررت الذهاب إلى أقرب عيادة من بيتي قبل أن يلكزني الطبيب بلهجة صادمة :
– لم يعد يصلح فيه الحشو . . . لا مفر من خلعه يا صديقي