المجنون

المجنون

  • زكريا مصطفى

لمْ يكنْ أعمى ولكنْ لا يَرى

من زحام المنتمى غيرَ الظلالِ

ليس تعنيه الإجابات وإنْ

أسرفَ المنسيُّ في طرح السؤالِ

قايضَ الغابةَ بالغصن ارتدى

ريشَه المغبرَّ عصفورُ الأعالِي

وأبَى أن يمضغَ الأفراح هلْ

أبصرَ الدمع على خدِّ الغزالِ

باع ضيق الواقع الحادِّ اشترى

في المدى الشاسع من أرض الخيال

خرَّبتْ بنيانَه الريحُ ابتنى

منزلاً من أذرع الشكِّ الطوال

وتمشى في حبال الوهم كيْ

يصلحَ المحنيَّ من ظهر الحبالِ

كلما صوَّب نحو الحلم لمْ

يرْمه خانته أعوادُ النِّبالِ

هو كالماء الذي يغلي من الغيظ

وكالثلج الذي في الاحتمالِ

أترى يبكي لحزنٍ فادحٍ

أم ترى يضحك من قرب المنالِ

أفرغ العمر بثقبٍ غامض

واكتفى منه بأيام خوالِ

ورأى العقل مخيفا فاحتمى

بكوابيسَ كأعناق الجبالِ

هو والأشياء لم يستأنسا

هو واللاشيء دوماً في سجالِ

تارة مرقدُه طين الأسى

تارة يصعد أدراج المثالِ

تارة أسرع من أوجاعه

تارة أبطأ من وخز الليالي   

تارة يوجز في وصف الدمى

تارة يطنب في عد النمالِ

عابرٌ حدَّقَ حتى راعه

ثائرٌ ردَّدَ.. أثارُ النضالِ

لم يقل شيئا وقد أوحى لنا

بالذي يعلو على عجز المقال

ربما ألقى به المنفى غداً

وارتوى من أنهر العيش الزُّلال

وأرانا كلَّ معنى غامضٍ

عن ثراء كامنٍ في الانتقال

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :