- سراج الدين الورفلي
بدأت أرى أصدقائي القدامى على الطرقات
معالجتي النفسية تقول أني أتحسن
آخذ منها الأدوية وأذهب الى البحر للبكاء
املئ جيوبي بالفواتير والرويشتات لأوزعها على الأطفال ليرسموا..
أحدثها عن الملل حين تجري معي أحاديث مملة،
تقول لي بلكنة واثقة :
أنت تتحسن ، لاشك !
أهز رأسي موافقاً ..
أنظر الى ساعة الحائط ، وأفكر كم هو ثقيل هذا الزمن في هذه
الغرفة النظيفة، حيث لا جراثيم ولا أكسجين هنا..
كل الذين ماتوا يودعوني معها على باب العيادة..
تقول لي : أنت تتحسن ، لا تتأخر في المرة القادمة
كنت دائماً آتيها في الموعد ،و أنتظرها في صالة الاستقبال لساعات
كان الوقت يمر بسرعة وأنا انتظرها..
أتأمل وجوه المرضى الاخرين ،كانوا أشبه بأزهار مقطوعة
لم يكن أحد فيهم يشتكي من الصواعق ،كل كوابيسهم كانت أياد
جميلة ..
تستقبلني بنظرة بلاستيكية، محنطة في كل الاتجاهات ، وابتسامة
معدنية معقمة..
أجلس أمامها كرجل يرغب في الاعتراف عن شيء لايذكر ما هو
رجل ينفذ أوامر لا تصدر عن أحد..
أشبك يدي على صدري ،وأهز قدمي بتوتر مبالغ فيه
أقول لها أنا اتحسن ، أليس كذلك؟!
تهز رأسها بثقة
أشكرها على وقتها ، وأودعها على عجل..
أفكر أي صديق قديم سأراه اليوم على الطريق..
لم يكن هناك ساعة على الحائط ، كانت تلك المرآة التي تقابلني.














