- سلمى عداس
تمرد المرأة على العادات والتقاليد هو غالبًا انعكاس لوعيها بحقوقها ورغبتها في الحصول على مكانتها التي كفلها لها الإسلام. فالمرأة التي تعرف حقوقها الدينية والقانونية تمتلك القدرة على المطالبة بحقوقها بكل ثقة وثبات، مدركة أن الإسلام كرمها وأعطاها حقوقًا شاملة ومتوازنة. لكن، للأسف، هناك من يسيء استخدام الدين أو يستغله لتبرير سلوكيات تتعارض مع جوهر الإسلام وتعاليمه.
الإسلام لم يجعل المرأة أداة، بل رفع مكانتها منذ نزول الرسالة المحمدية، ومنحها حقوقًا لم تكن موجودة في كثير من الحضارات. أعطاها حق التعليم، وحق العمل، وحق اختيار الزوج، وحق الإرث، وحق التصرف في أموالها. الإسلام صان المرأة ورفعها إلى مكانة عالية، وحث على معاملتها برفق واحترام. بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيرية الرجل مرتبطة بحسن معاملته لأهله عندما قال: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.”
ومع ذلك، تعاني بعض النساء من استغلال ممن يدّعون الالتزام بالدين، في حين أن أفعالهم لا تمت لتعاليم الإسلام بصلة. هؤلاء قد يتظاهرون بأنهم يقدمون النصح أو المساعدة، لكن نواياهم تكون موجهة لتحقيق غايات دنيئة. بعضهم يستغل النساء الضعيفات، وخاصة من يعانين من ظروف صعبة، ليبتزوهن ماديًا أو نفسيًا لتحقيق مآرب شخصية، مستغلين جهل المرأة بحقوقها أو ضعفها أمام الضغوط المجتمعية.
إضافة إلى ذلك، هناك من الرجال ممن يمارسون الاستغلال المادي أو العاطفي تجاه المرأة، مستغلين ضعفها أو حاجتها. هؤلاء ليسوا ممثلين للقيم الإسلامية أو الإنسانية، بل هم ذئاب بشرية تعمل على الإضرار بالمجتمع ككل من خلال استغلال المرأة لتحقيق أغراضهم الأنانية.
من المهم أن تدرك المرأة أن الإسلام يحميها من كل هذه الممارسات. الإسلام أرسى قواعد العدالة وحرم الظلم بكل صوره، سواء كان ذلك من الأفراد أو من المجتمع. المرأة التي تتعلم دينها وتعتمد على العلم كوسيلة لفهم حقوقها ستكون قادرة على مواجهة كل أشكال الاستغلال أو الظلم. العلم هو السلاح الذي يجعل المرأة قوية، تمنع عنها الاستغلال وتحمي نفسها من الذئاب البشرية التي تستغل الجهل أو الحاجة.
كما أن للمجتمع دورًا كبيرًا في حماية المرأة وتمكينها. يجب أن يكون هناك وعي جماعي بحقوق المرأة في الإسلام، وأن تُقام حملات توعوية لتثقيف النساء بحقوقهن الشرعية والقانونية، إلى جانب توجيه المجتمع نحو حماية النساء من الاستغلال. كذلك، يجب أن تُفعل القوانين الرادعة التي تحمي المرأة من الابتزاز أو الاستغلال بكل أشكاله، سواء كان ذلك ماديًا أو نفسيًا.
في الختام، الإسلام كفل للمرأة حقوقها وأوصى بحمايتها ورعايتها، ولم يترك مجالًا لاستغلالها أو الانتقاص من شأنها. التمرد على العادات والتقاليد ليس بالضرورة تمردًا على المجتمع، بل هو بحث عن العدالة والتوازن الذي يدعو إليه الإسلام. على المرأة أن تسعى إلى التعلم وفهم دينها جيدًا، وعلى المجتمع أن يدعمها ويقف إلى جانبها لتكون عنصرًا قويًا وفاعلًا في بناء مستقبل مشرق ومتوازن. فالمرأة الواعية بحقوقها هي أساس المجتمع السليم، وحمايتها من الاستغلال هو مسؤولية جماعية يجب أن يشارك فيها الجميع.