المشهد اللغوي في ليبيا (Libyan Linguistic Landscape)

المشهد اللغوي في ليبيا (Libyan Linguistic Landscape)

  • عاشور صالح عبدالعزيز

يشمل المشهد اللُغوي كل صُوَر اللغة التي تحيط بنا، سواءً كانت رموزاً أو إشارات في الشوارع أو في المباني الخاصة والعامة، علاوةً على اللهجات واللغات المتحدَّث بها في المجتمع أو تلك المعترَف بها من قبل الحكومة المحلية، فالمشهد اللُغوي في ليبيا متنوع تنوع الأعراق التي تعيش على اتساع رقعة البلد الشاسعة مترامية الأطراف، فمن الناحية السكانية فإن ليبيا تضم أربع مجموعات عِرقية رئيسة، وهي: العرب والأمازيغ والطوارق والتبو، وبالتأكيد هناك مجموعات ليبية أخرى تتداخل سكناهم هنا وهناك بين سائر المناطق. وأما بالنسبة لانتشار لغات تلك المكونات العِرقية فتتركز أساساً في أماكن تجمع هذه المكونات، فمثلاً نجد بروز اللغة الأمازيغية في مناطق جبل نفوسة وزوارة وأوجلة (الواحات) أكثر، كما نلاحظ أن اللغة التارقية متحدَّث بها على الأغلب في مناطق تواجد الطوارق مثل: مناطق غات وبعض مناطق أوباري، وبعض مناطق وادي عتبة، و أوال ناحية غدامس، إضافةً لمنطقة إدري الشاطئ وغيرها، وكذلك الأمر بالنسبة للغة التباوية حيث يتحدث بها جزء من سكان القطرون والكفرة ومناطق أخرى. الكتابات التي نراها على الجدران في شوارعنا، والتي يُقصَد من ورائها إرسال رسائل مباشرة وغير مباشرة ـ سياسية في غالبها ـ، مع أنها قد تتضمن بعض الرسائل الدينية والاجتماعية والعاطفية والأيديولوجية وغيرها، وفي نفس الوقت لا يعلم معظم أصحابها ماهية الرسالة التي يبعثون بها ومدى خطورتها حين يكتبون ما يكتبون وخاصة المؤدلجين دون علمهم، ولكن بلا شك أنها تعطينا الكثير من المؤشرات عن الأحداث التي تجري في البلد في فترة زمنية معينة؛ لأنها تمثل نبض الشارع حول ما يدور داخل المجتمع المحلي و حتى على المستوى الوطني وكذلك المستوى الدولي. وخير مثال لما ذكرناه هو ما حدث في العام 2011، ومع الأحداث والتغيرات التي شهدتها بلادنا ظهرت الكثير من الكتابات والرسومات التي تدعم وجهة نظر هذا الطرف أو ذاك، فنرى عبارات من قبيل: “نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت” على الجدران وفي الشوارع، فهذه العبارة يوظفها كل طرف لصالحه؛ لأن ذلك الطرف يرى أنها تعبر عن وجهة نظره وتدعمها، في حين نرى انتشار العبارات الإنجليزية عندما تكون الرسالة موجهة للمجتمع الدولي، ومن ناحية أخرى توفر تلك الكتابات مادة خصبة لدراسة الظواهر والمسائل اللُغوية، مثل: الضعف الشائع في الإملاء، والأخطاء النحوية وغيرها من مما يندى له الجبين ـ للأسف الشديد ـ. خلاصة الحديث أن ما نراه من صور مختلفة للغة ونقرأه في محيطنا ليس فقط كلمات وعبارات وجمل كَتَبها أحدهم لغرض إعطاء معلومة أو تحذير أو إعلان، بل يتخطى كل ذلك إلى إمكانية تحديد اتجاهات المجتمع وتوجهاته وثقافته وما يرتبط به عاطفياً ووجدانياً. يتبع….

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :