المفوضية العليا للمصالحة الوطنية

المفوضية العليا للمصالحة الوطنية

  • سالم الهمالي

أعلن ثلاثي المجلس الرئاسي في ليبيا عن نيتهم تأسيس كيان جديد تحت مسمى “المفوضية العليا للمصالحة الوطنية”، ويجزم عدد كبير من الليبيين ان هذه الخطوة تمثل ضرورة عاجلة للعودة بليبيا من حالة التيه التي تعيشها الآن. أوضاع اقترنت ليس فقط بالعشرة اعوام الماضية بل بمدة اطول، عقود من الزمن تراكمت فيها الانتهاكات والمظالم، بما أدى الى حالة مِن الانفلات والتردي التي يعرفها الجميع.ما حدث في ليبيا ليس بدعا من القول، فمثله عاشته شعوب اخرى بصور متعددة تتشارك في البعض من جوانبها وتختلف في آخر، لكن يظل الجانب الأهم فيها هو صراع واقتتال داخلي، تنتهك في الحرمات العامة والخاصة، بإسم سلطة الدولة او الجماعات او الافراد ضد الآخرين، أفرادا او جماعات كذلك.(لن) تخرج ليبيا من هذا النفق المظلم إلا بعبور مبرمج وآمن على طريق (المصالحة الوطنية)، مهما حاول البعض انكار ذلك، بعزيمة وإرادة ليبية لتجاوز الماضي البغيض للتوجه الى المستقبل الزاهر.قيادة المفوضية ليست لمن لديه طموح سياسي في المناصب والغنيمة، ولا للذين يرون وجه واحدٍ للحقيقة من ذوي الانتماءات الفكرية او الحزبية، بل هي لمن يعملون لصالح الوطن والمواطن، طمعا في مرضاة الله ورضوانه.هولاء لا ينبغي ان يكونوا من ذوي المواقف المتطرفة التي أججت الصراع بين ابناء الشعب الواحد، ولا ممن لا يمكنهم الجلوس ومحاورة (كل) اطراف الصراع والازمة الليبية، بلا تمييز او تردد.عمل سيستغرق أعوام طويلة، تحتاج الصبر والحنكة برؤية واضحة، تظهر الحقائق وتنصف المظلومين وترجع الحقوق الى اصحابها، حتى نطوي صفحة سوداء من تاريخ ليبيا الى غير رجعة. مراحل وخطوط عريضة لهذا العمل، منها:١- التهدئة انهاء حالة الاقتتال وإقناع الجميع ان السلاح لن يحسم الصراع، بل الحوار الحقيقي في كل انحاء البلاد، لنكسب المال والرجال، بحقن الدماء والمحافظة على ثروة الوطن من النهب والضياع. تطوير الخطاب الاعلامي بدعم جهود السلام والتصالح ونبذ لغة التهديد والتحريض التي تعبئ القلوب والصدور بالحقد والغل والضغينة وتولد نزعة الثأر والانتقام.٢- تقصي الحقائق لجان عمل في مختلف انحاء البلاد، لتسمع شكوى اهلها مما يرونه سببا فِي احتقانهم، تدوين مظالمهم ومطالبهم، والتحقق من تلك الوقائع والانتهاكات بأدلة وقرائن تصمد امام القضاء العادل.٣- تمييز السياسي من الاجتماعيخلال هذه العقود وقع الكثير من الاحداث، بعضها كان سياسة دولة، وآخر بين قبائل ومدن، والكثير مما يمكن تصنيفه عمل افراد ضد آخرين بدون إيعاز مباشر من جهات اخرى … هذه التفصيلات مهمة، لتحديد المسؤلية عن هذه الاعمال ومعرفة طريقة معالجتها. الكثير مما حدث سيجد حلول من هذه اللجان بطرق اجتماعية تراعي تلبية العدالة بالتراضي، تشمل الاعتراف والاعتذار والتعويض المعنوي والمادي.٤- العدالة الانتقالية وجبر الضررمن الكم الكبير لتلك الاحداث والقضايا، هناك ما يستدعي الفصل فيه القضاء العادل، اتهام محدد، قرائن وأدلة ثابتة، قاعات محاكمة امام قضاة عدل ومحامون يوفرون للجميع حقوقًا لا ينبغي تجاهلها. من ذلك يصدر حكم القضاء الناجز، الذي يحقق العدالة ولا يتجاهل معاناة المظلومين وطول انتظارهم للوصول الى حقوقهم.ينبغي ان ندرك ان هذه السنين الطويلة لم تفلح حتى الآن في تحقيق عدالة، لأن الفوضى هي اهم عوامل عدم إحقاق الحق!بناء الدولة هو ما يكفل قدرتها على معالجة الاضرار (المعنوية والمادية) ودفع التعويضات لكل الذين تأذوا من الظلم، سواًء كان ذلك اعاقة بدنية او تدمير ممتلكات او اغتصابها، ولا سبيل الى بناء الدولة دون الخروج من النفق المظلم عبر طريق المصالحة الوطنية

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :