- خليل حسن الزينى
يلعب العجز دورًا مهمًا في الحياة وتتعدد أشكاله وأدواره أصعبها العجز عن مواجهة النفس والوقوف أمامها بثبات.
فهذا ما يلوح أمامى حين يُطرح اسمي أمام الأمهات وأبرز في مخيلة الشباب والرجال.
يتقدم معظمهم بكل ثقة بل وشموخ أحيانًا لأنه تنازل وأقدم علي الارتباط بي ولماذا يطاردني هذا الشعور؟ أمام نظراتهم المترددة.
هل لأنهم يظنون أنني ضالة ورخيصة سهلة المنال؟ وأنني سأرضى بالحياة على الهامش أو على حد الكفاف؟
هذا الشعور يراودني على فترات ويخطر على بالى غفلةً ولا أجد مبررًا له.
وأصرفه بأن أنظر لنفسي في المرآة وأتساءل بماذا تفوقني سميحة أو جارتنا زينات؟ أنا مثلهن: فأنا موظفة في مكان مرموق، ولى راتب مميز ـ زميلاتي يقترن بأصحاب القامات من العلم والمكانة… ليس بي ما يسوؤني ويجعلني أرضى بالخامل معدوم العزم والطموح؛ لمجرد أن أتزوج فمن حقي أن أختار ولن يدخل محرابي ويساكن شعابي إلا من وافق شروطي؛ فجسدي لي وإن تنازلت فهذا من عندي، لن أخضع لقول أمي
” ضل راجل ولا ضل حيطة “
هذا المنطق ولى وعفا عليه الزمان.
كانت أمي تقارن بيني وبين فتحية ـ أرملة الشهيد ـ حين تزوجت
(طب هو إيه آخر العلام (التعليم) وهد الحيل والمصاريف ما هو الجواز يا خايبة نوفر مالنا ونستر حالنا من بدري وتخلفي عيل يكون أخوكِ في عجزك)
لم تكن أمي حينها تعلم إنها سوف تفقد الابن الأخ رغما عنها ـ كنتُ أسمع لها فيبعث ردعة حانية في جسدي ابتسم لها…ولا أدرى لماذا؟ كلامها يزلزلني …أهذا من أثر الشوق واللهفة للحياة في أحضان رجل؟
أهذا لحبي للمتعة الجسدية والاستقرار فمنذ أن تفتح وعيي ولاحظت بالمقارنة أني ذات كسم أنثوي مختلف يلفت الانتباه أو لأني يلازمني هاجس ـ غير مبرر ـ بأن وضعي الاجتماعي لا يرشحني للتقدم كثيرًا فأنا أبحث عن ملّاح أطفو معه على سطح الحياة.
كثرة الأفكار تمزق رأسي كالمنشار لا يكف عن الدوران وطنينه الصاخب يدمرني،
أنا كأغلب البنات أحب بكل كياني أن أصير أنثى كاملة وأصبح امرأة لها بيت وزوج كريم سمح عطوف غده مشرق واعد بمركز مرموق فيدفعني في الحياة حتى أجالس نجوم السماء.
أمي حينها أججت أحلامي المتوهجة من حيث لا تدرى، فجعلتني أقف على عتبة الحياة ـ في هذا الوقت ـ أتلفت حولي وأرقبُ عيون الرجال وأفسر نظراتهم لي كما يحلو لي فهذا شغوف وذاك مغرم والأخير متيم وأمي تستمر في صب كلماتها على أحاسيسي البكر المتفتحة فازداد انتشاءً وانتعاشا، خصوصاً حين قالت:ــ
(يا سلام يا بت يا فادية ده خراط البنات وقف على بابك اصطبح واتمسى وبكِ استكفى وأعطاكِ نصيبك وبكِ أتوصى ورمى في حجركِ من منابات غـِيرك ما استخسر ونادى على النصيب يحضر لبابك لا يتأخر ويتقل جيبه ولا يـتّـعذر)
كنتُ أبتسم وأزهو بنفسي خجلًا وأتيه عُجبا مع وصف أمي التي تزيد من نشوى الحلم في وجداني وتؤكد على أن رجائي في الحياة رفاء رخاء لكنى كنتُ أعي؛ إن كل هذا أحلام وآمال لأن للحياة شروط وقيود ولا أدرى كيف نبت هذا التنازع بداخلي؟
(سبايا النصيب والأمل)













