أنيس البرعصي
إلى صديقي علي
الواقف في منتصف الطريق كجلطة،
بين قوافل الإغاثة التي تحاول عبور الطريق المغلق كقلب راهبة
تزامنا مع خروج الشاحنات المكدسة بالجثث مجهولة الهوية، لرضع فطمهم الغرق
وأمهات ظنن بأن الحياة أطول
من الطريق المؤدي إلى منازلهن المهدومة في الوادي الكئيب ..
أشاهد ماخلفه الموت المبلل بقلب مهترئ
وادعو أن تتناسل المعجزات أمام فرق الانقاذ وشبان الهلال الأحمر والغطاسين وكلاب تقفي الأثر و”أصحاب الفزعة” لإنتشال المدينة الغارقة في دموعها .
قنوات وصفحات صائدي الترندات ونسور الحزن الذين جعلوا من المحنة محتوى ومسرحا للاستعراض وانعاش حساباتهم يقولون بأن الوضع سيئ جدا،
لكن على التلفاز الشائعات تتناطح بالحقائق !
فرغم ارتفاع احصائيات الناجين لكن عداد المفقودين لم يتناقص يمين المذيع الشاحب ..
مما يعني ذبح الآمال الهزيلة بعلامات الاستفهام واسأل الله عكس ذلك ..
ادعو لكم كل ليلة أن ينتشلكم من حزنكم
كما انتشل الأنبياء من النيران والغرق والتصليب
وأعلم أننا نشاطركم الحزن بل أنه يمضغنا ويوشك أن يبتلع ماتبقى فينا من صبر، الذي صار كصبر
ذاك العجوز الجالس عند حافة الجرف
العجوز الذي صار بيته معبر وحديقته مقبرة جماعية ولم ينصب خيم العزاء بعد،
كان ينتظر مساعدة فرق الانقاذ
لانتشال كلمات الوداع العالقة
أسفل انقاض صدره المهدوم.