محمود السوكني
ليس “الكريسماس” وحده الذي يمثل علامة صارخة لاندفاع البعض نحو تغريبنا وطمس هويتنا ، بل هو جزء من تلك الحملة الشرسة التي وجدت تربة صالحة تنمو فيها وتترعرع على هذه الأرض الطيبة .
استمعوا إلى حواراتنا وأحاديثنا وكيف نطعمها بتلك المفردات الأجنبية لزوم الوجاهة والتمظهر ، وإشعار الآخرين بسعة ثقافتنا وعميق معرفتنا باللغات الحية .
شاهدوا وتابعوا بكل أسف تلك اللافتات التي تغزو محلاتنا وأسواقنا وكيف استعاضت عن الأسماء العربية بأسماء وصفات أجنبية مسايرة “للموضة” وجذبا لانتباه المهووسين بكل ما هو أجنبي ! !
كثيرة هي تلك المظاهر التي تنتشر كالنار في الهشيم ، تسيء لموروثنا الحضاري ، وتعمل بدأب على طمس هويتنا وتغريب مجتمعنا بدعوى التقدم والتحضر ومجاراة العصر !!
فهل تشبتنا بماضينا التليد وحاضرنا الواعد بكل نقائه يُعد تخلُّفا عن الركب ؟!
وهل اعتزازنا بعروبتنا وتمسكنا بلغتنا التي وسعت كتاب المولى عز وجل يمنعنا من الانطلاق ويحرمنا من مجاراة العصر واستيعاب تقنياته وإدراك علومه ؟!
هل الانغماس في مستنقع الغرب بكل رذائله والارتماء في أحضان فسقه وفجوره شرطاً للرفعة وخطوة واجبة للحاق بركبه؟!
لم يكن التشبه بالغرب يوم قاعدة للانطلاق ، بل كان الاعتزاز بالهوية والحرص على القيم والاستفادة من تجارب الآخرين هي المقومات التي تدفع إلى الأمام وتنتج أسباب الرقي والتحضر .
إن الأذناب التي تقف وراء تشويه الوجه البديع والطاهر والنقي للمجتمع بتشجيعهم على استخدام مفردات اللغات الأجنبية واقحامها في سياق أحاديثنا السيارة بداع أو بدونه ، والذين يحاولون باستماتة بالغة على نقل مظاهر غربية لا تتفق مع عاداتنا ولا تنسجم وأعرافنا وتقاليدنا والذين يسهلون إجراءات تسجيل وترخيص الأسماء والصفات الأجنبية على المحلات والأسواق وحتى المواليد حباً في التباهي بالجديد والتميز عن الآخرين ، هؤلاء يحق فيهم الجهاد والردع والمواجهة حتى يعودوا إلى رشدهم ويفيقوا من غيهم !.