سالم الهمالي
يرى الكثير من أنصار فلاديمير بوتين أنه على أبواب انتصار عظيم، اعتمادًا على قناعة تامة عندهم بأنه (يتكتك) وعمل حسابا لكل أطوار الحرب وتبعاتها. لا أشارك هولاء في اعتقادهم الجازم، بل أرى أنه وقع بالأربعة (يدين ورجلين) في مصيدة لن يستطيع الفكاك منها بسهولة. لنفترض أقصى احتمال يمكن أن يحققه: وهو السيطرة التامة على الأراضي الأوكرانية وخضوع شعبها لقيادته. ذلك لوحده لن يرفع عنه حتى جزءا بسيطا من منظومة العقوبات الاقتصادية الخانقة التي فرضت عليه، مع الوقت سيجد أن الطاقة (النفط والغاز) الذي تنتجه بلاده لا يجد زبونا يشتريه، لأن ذلك الزبون سيخسر أمام تحالف رهيب تقوده أمريكا، رافعة عصاها الطويلة لتأديب كل عاصٍ! أضف إلى ذلك معاملة روسيا كدولة مارقة، في العلاقات الدولية، الرياضية، والثقافية وغيرها، ناهيك عن حظر تصدير التكنولوجيا. يمكن أن تكون دولة غنية بالنفط ومع ذلك شعبها فقير جدا جدا …
لا أحتاج لعرض أمثلة على ذلك فيما أظن! دون ذلك … سيغرق بوتين في المستنقع الأوكراني، فإن كان جزءا قليلا من الشعب معه، فالغالبية دون شك ضده، وبذلك هم ليسوا في حاجة لتأجيج مشاعرهم، دعمهم بالسلاح الذي يدمر الدبابات والمركبات سيصبح نزيفا دائما لروسيا، التي تواجه تناقصا فِي مواردها (٤٠٪ من الطاقة). أمريكا تعول على الوقت، أي إرهاق روسيا ومحاولة زعزعتها من الداخل، ذلك ليس مضمون النجاح (١٠٠٪)، لكن من المرجح أن طول التعبئة والخسائر الميدانية تفعل فعلها مع الزمن. روسيا ستحافظ على كيانها، لأنها تمتلك سلاح ردع لا جدال فيه، لكن دورها العالمي سيشهد انحسارًا كبيرا، لانشغالها بهمومها الكبيرة. الدول الكبرى الأخرى مع أمريكا قلبا وقالبا (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) والباقي على نفس المنوال. تبقى الصين، التي لا ترغب في خسارة روسيا، في ذات الوقت لا تستطيع أن تعادي الغرب دفاعا عنها … لذلك تسير على حبل رفيع، لترضي الطرفين، بما يحقق مصالحها. صحيح بوتين يتكتك، والزمن كفيل بإظهار نهاية (التتَكتيك)؟