تأليه الزعيم

تأليه الزعيم

  • د / سالم الهمالي

بالاضافة الى (بعض) الشعوب العربية هناك كوريا الشمالية في التنافس على “تأليه الزعيم”، عندما تراهم راكعين امام تلك التماثيل الضخمة يتهيأ لك انهم يعبدونها، اما اذا رأيت عويلهم والنحيب الذي يصاحب موت أحدهم لما عرفت الفارق بين الحقيقة ودرجات البراعة في التقمص والتمثيل من فيض المشاعر الحزينة التي تبدو على وجوههم وحركة أبدانهم.يعجز الانسان عن تفسير تلك “الظاهرة”، بشر يخطب بلسانه وكل عضلة في جسدة بكلمات تقطر بالنفاق والكذب والكفر في وصف من يقف امامه، وسط نوبة من التصفيق والهتاف ترتفع نبرات صوته وسرعة تنفسه حتى تضطرب المركبات الكميائية في دمه، يخر بعدها صريعا على الارض بملابسه المبلولة والعرق يتصبب من جبينه!الزعيم الكوري يحكم بلد عنده ترسانه من الاسلحة الفتاكة، بشعب يعاني الجوع والفاقة، منبوذين من جيرانهم واغلب دول العالم، يستعرض تلك الأرتال المدججة والصواريخ العملاقة وعشرات الآلاف يصفقون بحرارة واعينهم تذرف الدموع (فرحا) بالنظر الى وجه المعجزة الكونية الخارقة، الذي لولاه (استغفر الله) لما أكلوا وشربوا وولدوا وعاشوا … فكل شيء في كوريا هو من فكر وصناعة وذكاء (كيم جونغ اون) واسلافه.الانجليز يعترفون لونستون تشرشل بالزعامة، بقيادته لهم خلال الحرب العالمية الثانية التي انتصروا فيها على النازية، حظي بعدها بتكريم كبير، تمثال امام البرلمان، جنازة ملكية، واشياء اخرى كثيرة، …، من بينها ذكرهم لإدمانه على معاقرة الخمر، وخسارته للانتخابات وخروجه من سدة الحكم. اعتراف وتكريم لم يغفل الحقائق الاخرى في شخصيته بكل ما فيها من قصور وضعف!النقيض هو ما نراه في بعض البلدان العربية، فمن خسر خسارة فادحة تصر الجماهير على استمراره في الحكم، بدون مسائلة على أسباب الهزيمة ومسؤليته عنها .. تتآلف أبواق النفاق والتزمير في اختلاق البطولة والنصر الخيالي، تنصب له الصور والتماثيل وكأنه افلح في تحرير القدس او بناء نهضة. ليس هذا فقط، بل حتى بعد ان يتوفاه الله كغيره من الخلق، تجد من يدافع عن أوهام النصر والبطولات الزائفة، التي ليس لها حسم ولا رسم على ارض الواقع.الأنسان يُخطئ ويصيب، هذه سنة الله في خلقه التي يعجز (بعضنا) عن إدراكها، اذ يرى أن أي ذكر للاخطاء هو طعن واهانه لا يمكن قبولها، اما ان تمجد وتطبل او لا أقل من السكوت.ذلك السكوت الذي جعل الشعوب العربية مقهورة متخلفة، تعيش اوضاع سيئة للغاية، لكن يبرزها الاعلام المنافق عكس ذلك تماما.كيف يمكن ان تتقدم بدون أعتراف بالاخطاء، ثم معالجتها؟! .. كيف يمكن ان نتطور وهناك من يظن ان الحاكم هو مصدر الثروة والزرق والحياة؟! …

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :