تاورغاء .. شتات النزوح يتلفحه الوجع

تاورغاء .. شتات النزوح يتلفحه الوجع

حالة من الألم والحسرة  وحياة بؤس و ضنك  يعيشها منذقرابةالخمسةاعواممعظم نازحي تاورغاء،تجرعوا خلالها علقم  النزوح،فمنهم من  سكن  المخيمات والمدارسومنهم من اقام عند الاقارب ومنهم من افترش الطرقات  ومنهم من فارق الحياةودفنت احلام العودةإلى بيته معه .. كثرت شكواهم  وتعالت أصواتهم  وبُحت حناجرهم  وهم ينادوا بمطالبهم سُمعت آهاتهم دون مجيب وقُطعت لهم الوعود دون تنفيذ .. فسانيا التقت ببعض النازحات  في مدينة بنغازيو اللاتي  اضناهن  التعب واعياهن  الشتات

عائشة عبد اللطيف : وضعنا المادي والمعنوي مزري

منداخل  احدى المدارس تحدثت عائشة عبداللطيفبتأوه شديد:كم نتمنىالرجوعإلىمدينتنا تاورغاء وإلى منازلنا وأعمالنا ، فحياتنا هنا لا تطاق ،فعندما قامت الثورة كنا نتمنى الاصلاح ولكن ما عشناه هو العكس ما نعيشه دمار شامل وكأننا في عصر الجاهلية.

متسائلة عائشة: هل من المعقول أن تعيش أسرة عدد أفرادها ثلاثة عشر مكونة من الاب والام والابناء في فصل دراسي  ينامون فيه ويطبخون وينشرون ملابسهم ويستقبلون ضيوفهم فيه؟

نريد العودةإلىتاورغاء فقد سئمناهذهالحياةالتياصبحتلاتطاق فوضعنا النفسي والمادي أصبح مزري للغاية ، هل لكِ أن تتخيلي حالنا  في فصل الشتاءحيث  نقوم بنشرالملابسداخلالفصل وننتظر جفافها بعدثلاثة أو أربعة ايام او نقوم بنشرها في ساحة المدرسة   ضيفي على ذلك حينما لا تتوفر اسطوانة الغاز نقوم بالطهو على المدفأة  .

مسترسلة  في الحديث:نحن نعلم بأن مدينتنا وبيوتنا قد دمرت  وأن حلمنا للعودة  محفو بالمخاطر ولكن لابد من العودة وعودتنا لن تتحقق إلا إذا توفرت فيهابعضالشروطأولهاتوفير الأمنوالأمانلناوهذا لن يكون  إلا بعد أن  يستقر وضع البلاد ويستثب الأمن  .

من جانبها تحدثت جارتها و شريكتها في المعاناة الحاجة محظية مفتاح بصوت خانق: لقد مللنا من هذا الوضع المتردي والمزري فنحن  نعيش مشردين  اطفالنا بدون تعليم وأبنائنا بدون عمل تشابهت  أفراحنا واتراحنا ،لم يعد للحياة طعم أو لون بعد رحيلنا عن مدينتنا.

منذُ  عدة أشهر وفي فصل الشتاء  البارد كانت هناك حالة وفاة وأقيم سُرادق  العزاء بالنسبة للرجال   في ساحة المدرسة والنساء في  ردهات الفصول ولكم أن تتخيلوا الوضع الذي عشناه وحالة  حزن فقد الاحباء و الوطن  ناهيك  عن حالة الارباك   التي تسببنا بها للمدرسة   حيث تعالى صوت البكاء والعويل والطلبة كانوا يدرسون، تفاصيل كثيرة نمر بها ونعايشها  تُألمنا وتوجعنا ولا يشعر بها سوانا.

كفاح

وعلي صعيد آخر تتحدث بشجن  الحاجة عائشة:الحمدلله على كل حال ولكن الحياة التي نعيشها داخل المدرسة صعبة للغاية وأصبحنا نتلمس وسائل العيش بشتى الطرق فقد قمنا ببناء افران من الطين ( التنور ) في الفناء الخلفي للمدرسة لنصنع  الخبز ونبيعه حتى نتمكن من توفير بعض المال لقضاء احتياجاتنا مع نقص السيولة ،و ربما تعبنا وكدنا وجدنا  لا يتساوي ابداً مع مانجنيه من مال ولكن هذا مانستطيع تقديمه لأبناءنا لكي نوفر لهم حتى وجبة الافطار أو الغداء  .

 

عزيزة ابريك : زيارات بعض المؤسسات الخيرية وقعها سلبي علينا

انين وحنين

لايختلف وضع قاطنين الفصول الدراسية عن النازحين مستأجرين المنازل فكلاهما  لهم نفس المعاناة  والوجع  إحدى المستأجرات والتي فضلت عدم ذكر اسمها قالت : كل عام وأنتم بخير سأتحدث معكم بلسان حال معظم  نازحي تاورغاء منذً مجيئنا لبنغازي بعد ثورة 17 فبراير ونحن نعيش وضع مآساوي ، كثير من ابنائنا لم يرتاد المدارس ومنهم من التحق بالدراسةو تعثر مستواه الدراسي بسبب حالة  الفقر التي أجبرنا عليها ويعيشها معظمنا  .

تسترجع ذكرياتها لمدينتها تاورغاء  بحنين جارف : كنا نعيش حياة كريمة  وكان لي منزلاً كبيراً وجميلاً  لم يخطر ببالي يوماً بأنني سأترك بيتي ومدينتي وافارق جيراني  ، وفي  بداية نزوحنا اظطر زوجي   لاستئجار شقة مفروشة بقيمة ألف دينارولكن كان ذلك لمدة شهرين بعد ذلك بحثنا عن سكن اجاره منخفض  واستأجرنا شقة بأربعمئة دينار لاتتوفر فها أي شروط  صحية  ومنذ ذلك الوقت ونحن ننتقل من سكن لآخر بسبب طمع مالكي العقار فما أن  نستأجر منزلا  حتى يقوم  مالك العقار  برفع قيمة الايجار ولا اخفيك سراً  اتمنى الموت  على ان أعيش حياة ذل ومهانة غابت فيها آدمية البشر .

تشاطرها الوجع الحاجة عاشورة وتتحدث بنبرة حزن عميقة :   وجع نزوحي يزداد يوماً بعد يوم خاصة في شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالخير ،  فالشهر الفضيل يذكرني  بمنزلي واجتماع الاسرة التي تفرقت اشعر بالغربة كل رمضان ، عمري خمسة وسبعون عاماً لم اتوقع يوماً أن اترك منزلي ومدينتي التي لم اخرج منها يوماً قط  حتى لزيارة مدينة أخرى لأجد نفسي دون مسكن يؤيني ودون أهل وجيران فرقتني الحياة عن ابنائي منهم من يقيم في طرابلس وابنتي وزوجها تقيم في مدينة الخمس وانا وولدي واحفادي نقيم في بنغازي وبفضل الله اولاً ومن ثم فاعلي الخير  وفروا لنا سكناً  دون مقابل ومع ذلك نعاني مرارة العيش فالحياة تحتاج إلى المال وفي هذا الشهر الفضيل رغم بعض المساعدات التي نتحصل عليها الا أن مصاريف ومتطلبات  الاحفاد كثيرة..

محظيةمفتاح : الحياة لاطعم لها وتشابهتأفراحناواتراحنا

احباط

في حين تُحمل  سالمة ابراهيم مسؤولية وضعهم المعيشي لكل المسؤولين اللذين قطعوا لهم الوعود  بالرجوع قائلة :إن مشكلتنا يجب أن تُحل وبشكل جذري  فوضعنا أصبح لا يطاق  والحياة التي نعيشها لا تليق حتى بالدواب وإن الوعود بإيجاد الحلول لم تعد تجدي نفعاً معنا فقد بتنا  لانصدق أحداً بسبب عدم الوفاء  بالوعود السابقة  التي قطعت لنا .

تشاركها الرأي عزيزة ابريك قائلة :اُصبنا  بالإحباط والملل من الزيارات المتكررة للمنظمات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني التي كانت تزورنا من حين لآخر دون أي حلول والتي اعتبرها نوعاُ من جبر الخواطر والمواساة الوقتية  بل بالعكس فبغض الزيارات  كان لها وقع سلبي على انفسنا  في كثير من الاحيان للشعور الذي ينتابنا  وكأننا لسنا ليبيون وليبيا ليست وطننا  .

بارقة أمل

لم تيأس  سلطانة من أمل العودة لتاورغاء وتحسن الوضع قائلة :لدي يقين وأمل بالله سبحانه وتعالى بأننا سنعود لمدينتنا مرفوعين الهامة  فمن أسماء الله  سبحانه وتعالى (العدل ) وكلي ثقة في  الله لا أريد اجترار الماضي وليس الوقت   معرضاً للحديث عن خصوماتنا مع مصراتة ولكن  لا أنكر مافعلهبعض ابناء تاورغاء اثناء ثورة 17 فبراير  وكذلك مافعلهبعض ابناء مصراتة ففي كل مدينة وفي كل مكان يوجد الصالح والطالح ، وأتمنى من الله العلي القدير وفي هذا الشهر الفضيل أن يجزينا خيراً على صبرنا وأن يتقبل دعاءنا ودعاء امهاتنا واباءنا وكل عام والجميع بخير .

ورغم  الجهودالمبذولةلوضعالحلول من الجهات المعنية وأنكانتتسيربخطىبطيئة إلا هناك أملا يُلوح في الافق بأن أزمة تاورغاء سوف تفرج يوماً..كانت تلك بعض الهموم التي اثقلت كاهل نازحات تاورغاء لعل صدى أصواتهن يُسمع فيُجاب .

 استطلاع ريما اجويلي

 

 

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :