حروف
لا شيء يبعثرني أكثر من حروف أحاول لملمتها وهي تتراقص في شوارع التراب وقد علاها الغبار وهي تشتهي قطرات من مطر تهطل على المكان وكل المحاولات تفشل في تأطير الاسئلة التي تجتاحني في أطارها وأطلاق العنان لها وكل التمني أن أكتب عما يكابده المواطن الغلبان الذي يحاول في كل مرة الفكاك من تلك الشبكة العنكبوتية من الازمات التي لها أول وليس لها آخر هل أكتب عن حكومة هي حتى الآن على الورق وتجابه الكثير من الاعتراض فيما حلم ساكن المكان أن يرى بعينيه قبل موته حكومة قادرة على إعادة لملمة هذا الشتات وتوفير بيئة مناسبة لمشاريع قادمة ترسم وجه آخر نشتهي رؤيته أم أكتب عن معلم لا يملك شئ من حطام الدنيا وتحاصره كراسات الديون المركونة في محال بيع المواد الغذائية ومدارس محطمة تحتاج الى صيانة يسرق عن طريقها الحذاق الملايين من ميزانية لا أثر لها حتى الآن أم عن طوابير الخبز وكيف تبيع المخابز القديمة الدقيق للمخابز الجديدة وتكتفي بالربح دون بذل أي مجهود سوء اخراج الدقيق المدعوم من قوت الفقراء وبيعه والحرس البلدي غير قادر على فعل شئ مخافة أن يطول الرصاص الذي يسكن براح الأمكنة أم أكتب عن البنزين الذي يباع بسعر زهيد كي يتم إعادة بيعه للمراكب التي تساوت عندها المياه الدولية بالمياه الليبية وصارت تعمل ليل نهار على شراء الوقود من تجار الازمات وكله طبعا مدفوع الثمن من جيب المواطن الحالم بدولة القانون أم أكتب عن من يبقى طريح الفراش أمام مستشفيات عملاقة في البناء خاوية من الدواء ومن تشخيص سليم ولا يملك إلا أن تتلقفه مستشفيات دول الجوار كي تمارس تقطيعه ونسف آخر درهم من جيبه المثقوب كثيرة هي المطبات في حياة الناس والكتابة عنها واجبة وإلقاء الضوء عليها من مهام الصحافة التي فقدت كل بريقها في مواجهة رصاص لا يرحم مجبر أنا كل يوم أحد على الوفاء الى فسانيا الجميلة التي تحاول بكل الطرق رسم خطوط المعرفة في دروب أنهكها الوجع والقتل والخطف