تحذيرات من أزمة اقتصادية كبري تضرب ليبيا في حال استمرار النزاع

تحذيرات من أزمة اقتصادية كبري تضرب ليبيا في حال استمرار النزاع

قال محافظ مصرف ليبيا المركزي بالبيضاء (شرق)، على الحبري، إن احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي تكفي حتى عام 2018، وإنها حاليا تبلغ 80 مليار دولار.

ودعا الحبري، خلال حديثه أمام مجلس النواب في شرق البلاد، إلى ضرورة وضع خطة اقتصادية عاجلة للوضع الاقتصادي في البلاد، مشيرًا إلى أن غطاء العملة المحلية يشمل 30% من الذهب إضافة إلى حقوق السحب الخاصة وإلى أذونات خزانة تصدرها وزارة المالية.

وأضاف أن الملاءة المالية للبلاد من الأعلى بين الدول على مستوى المخاطر، بناء على مؤشرات الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، ومع ذلك، اعتبر أن الشهور المقبلة ستشهد تحسنًا تدريجيًا في الأزمة النقدية الراهنة، منوهًا بوجود مقترحات للبدء بالمشروعات المتوسطة والصغرى لتخفيف أزمة البطالة.

وتصاعد الانقسام المالي في البلاد رغم التوصل إلى اتفاق حكومة والوفاق الوطني، التي تسلمت مهامها العام الماضي، وما زال المصرف المركزي الليبي في العاصمة طرابلس المعترف به دوليًا والذي يترأسه الصديق الكبير، يمارس عمله بالإشراف على الإنفاق والموازنة وكل صلاحياته، وفي أرقام متناقضة أكد ديوان المحاسبة (حكومي) في طرابلس، تراجع احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي إلى 39 مليار دولار حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي بمعدل 66%، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

إضافة إلى أموال مجنية من إيرادات النفط تقدّر بنحو 5 مليارات دولار و5 مليارات يورو، وكانت احتياطيات ليبيا قبل 5 سنوات 105 مليارات دولار، حسب الإحصائيات الرسمية، وعن الحصول على قروض أجنبية، قال الحبري، إن المصرف لا يريد أن تتحمل الأجيال المقبلة أي أعباء، لافتًا إلى أن الملاءة المالية لليبيا وصلت إلى أخطر الدرجات الحالية وهي الدرجة السابعة، مطالبًا بضرورة إلغاء الإصدارين السادس والسابع من العملة المحلية، ما يوفر 5 مليارات دينار لمصرف ليبيا المركزي.

ومنذ العام 2014 توجد في ليبيا حكومتان متناحرتان واحدة في طرابلس والأخرى في مدينة طبرق شرقي البلاد، وهما مدعومان من تحالفات فضفاضة لفصائل مسلحة ظهرت وسط اضطرابات أعقبت اندلاع الثورة التي أطاحت معمر القذافي قبل 5 سنوات.

وأضر استمرار الانقسام السياسي مع انخفاض أسعار النفط العالمية بالمالية العامة الليبية، وانخفضت إيرادات الميزانية العامة للدولة من القطاع النفطي إلى خمس مستواها قبل الثورة، ولكن ظل مستوى الإنفاق مرتفعا.

وفي مقال له بعنوان «حقائق مؤلمة يكشف عنها تقرير البنك الدولي حول الاقتصاد الليبي»، أكد مدير «المركز الليبي للبحوث والتنمية»، السنوسي بسيكري، أنّ الاقتصاد الليبي يمر بأزمة مطبقة من أبرز مظاهرها تراجع الإيرادات العامة وانخفاض الاحتياطي، والنقص الشديد في السيولة، وتدني سعر صرف الدينار الليبي في مقابل العملات الصعبة، وما صاحب ذلك من ارتفاع في معدلات التضخم والنقص في العديد من السلع.

وأضاف أن الأزمة تتعاظم أكثر بالنظر إلى هيكل الاقتصاد الليبي الذي تتقلص فيه القاعدة الإنتاجية لتنحصر في نشاط اقتصادي أساسي هو استخراج وتصنيع الخام الأسود بحيث يشكل المصدر الرئيسي للدخل وللعملات الصعبة، في مقابل ضعف كبير في إنتاجية القطاعات الأخرى وصغر حجم القطاع الخاص الذي لا تتعدى أصوله ملياري دينار ليبي في أحسن التقديرات من أجمالي ناتج قومي يقترب من 60 مليار، وذلك حتى العام 2014.

وتابع أن الخلل في القاعدة الإنتاجية وفي النشاط الاقتصادي راكم تحديات تتمحور حول ضخامة الإنفاق التسييري على حساب الإنفاق التنموي، إذ تشكل مخصصات المرتبات والدعم السلعي ما نسبته 65% من الميزانيات العامة، فعدد موظفي الدولة الذين يتقاضون مرتبات من الخزينة العامة تخطى 1.7 مليون، وهم جيش جرار متدني الإنتاجية، يتأكد ذلك بالمقارنة بأعداد موظفي القطاع العام في دولة مثل تونس التي يبلغ عدد سكانها ضعف سكان ليبيا بينما القوة العاملة العمومية في حدود 600 ألف فقط.

 

وقدّر البنك الدولي، في تقرير صدر في فبراير قبل الماضي، الإيرادات العامة شاملة مبيعات النفط والضرائب والرسوم المختلفة وفوائض الوزارات بنحو 17 مليار دينار ليبي تقريبا خلال العام 2015. التقرير الذي اعتمد على بيانات وأرقام صادرة عن المصرف المركزي الليبي، وعلى تقديرات خاصة بالبنك أظهر التراجع الكبير في عوائد النفط والإيرادات السيادية من ضرائب ورسوم، فكانت عائدات النفط في حدود 10 مليارات دينار، والإيرادات الضريب والرسوم الجمركية أقل من 700 مليون دينار، فيما شكلت فوائض المخصصات السابقة للوزارات ما يزيد عن 5 مليار دينار.

ما سبق يتعلق بالإيرادات العامة لحكومة الإنقاذ بطرابلس، أما إيرادات الحكومة المؤقتة في البيضاء فقد سجل التقرير مصروفات تخطت 7 مليارات دينار ليبي دون أن تتضح مصادر التمويل، وهو الأمر الذي يثير استغراب أهل الاختصاص.

وأضاف البسكيري، أنه وبغض النظر عن الميزانيات التي أقرها كل من البرلمان والمؤتمر الوطني العام والتي تجاوز كل منها 40 مليار دينار ليبي، فقد قدر تقرير البنك الدولي النفقات العامة للحكومتين المؤقتة والإنقاذ خلال العام 2015 بما يزيد عن 43 مليار دينار ليبي “7 مليارات نفقات المؤقتة، و36 مليارًا نفقات الإنقاذ”، ويعود الفارق الكبير بين إنفاق الحكومتين إلى المرتبات العامة والدعم يصرفها المصرف المركزي في طرابلس؛ ليتخطى العجز المالي سقف 26 مليار دينار ليبي، مع التنويه أن أوجه الصرف تركزت في الإنفاق على المرتبات والدعم فيما لم يتعد الإنفاق التنموي 5 مليارات دينار.

وتابع: «الأرقام السابقة تطرح أسئلة مهمة وحيوية من أهمها قدرة الخزانة العامة على الاستمرار في تمويل الإنفاق الكبير في ظل التدني في الإيرادات، فالاحتياطيات تراجعت خلال الأعوام الأربعة المنصرمة بنسية تتجاوز 50% الأمر الذي يهدد باستنفاد المتبقي منه خلال عامين على الأكثر. وفي حل استمر الجدل والعبث على المسار السياسي والأمني، وفي ظل توقعات بمزيد من التراجع في أسعار النفط في الأسواق العالمية فإن الأزمة يمكن أن تأخذ منحى أشد حدة».

وأوضح أن السؤال الثاني المتعلق بأوجه إنفاق الحكومة المؤقتة، فالتقرير أظهر أن بند المرتبات بلغ قرابة 4 مليار دينار ليبي، ولأن البنك المركزي طرابلس مستمر في تغطية الباب الأول من الميزانية وفق الإجراءات المعمول بها قبل الانقسام السياسي دون تمييز بين الغرب والشرق والجنوب، فأي المرتبات التي بلغ إجماليها خُمْس إجمالي مرتبات الدولة الليبية بما في ذلك موظفي المنطقة الشرقية؟!.

وأنهى المقال قائلًا: «الخلاصة أن الوضع الاقتصادي ينحدر بشكل كبير وتتراكم آثاره الخطيرة على المواطن بشكل مباشر الأمر الذي ينذر بتأزيم مضاعف على الصعيد الاجتماعي والسياسي والأمني، ينبغي أن يؤخذ في الحسبان من قبل أطراف الصراع المتهمون من قبل قطاع واسع من الرأي العام أنهم لا يدركون حجم المعاناة المعيشية لليبيين ولا يجعلونها ضمن معايير تقديرهم للأزمة وتداعياتها والحاجة الملحة لحلها».

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :