المهدي يوسف كاجيجي.
الحكاية قديمة وسبق نشرها. بعث بها لي الصديق السيد عدنان بن ناجي، مرفقة بتعليق يقول: ( وجدت المرفق ضمن أوراق قديمة أعتقد أنها لا تحتاج لأي تعليق ). والرسالة كتبها السيد محمد إدريس السنوسي رحمه الله، عندما كان أميرا لبرقة، أي قبل عامين من تتويجة ملكا على ليبيا. يأمر فيها بإيقاف صرف مرتب صهره، وابن عمه، ومدير تشريفاته، السيد أحمد محي الدين ” الظاهر معه في الصورة “. والسبب أخذ سيارة الجيب الخاصة بالحرس من “منزلنا ” بمدينة البيضاء بدون إذن وقادها بنفسه، فصدمت وتحطمت مقدمتها، واضطررنا لإرسالها مع سائقها إلى الورشة ببني غازي للتصليح. وكان العقاب [ الحجز ” بأمرنا ” على المرتب، ولا يسلم له حتى يتم تقدير قيمة مصاريف التصليح لتدفع منه ] وفي حالة عدم الوفاء بالمبلغ المطلوب [ يحجز على مرتبه للشهر التالي، حتي يوفي قضية المصاريف ] وفي حالة تغيب المعني بالأمر [ أعلمو الجماعة المختصة وأطلعوها على خطابي لتتوقف عن الصرف، إلا بعد أمرٍ منا آخر. والسلام، التوقيع ” محمد إدريس السنوسي ” ]
العائلة المظلومة
ما عُرف عن الملك إدريس السنوسي، ما قبل وما بعد تتويجه ملكا على ليبيا، تعامله بشفافية مطلقة بعيدا عن أية شبهات، بخصوص أي أمر يتعلق بعلاقة أفراد العائلة السنوسية بالدوائر الرسمية في الدولة الليبية. إلى درجة- أن البعض وصفها بالظالمة وخاصة عندما أصدر أمرا ملكيا بإقصاء أفرادها، ومنعهم من تولي المناصب العامة. وهو حرمان ظالم لحق من حقوقهم كمواطنين. ويذكر الجميع، أنه وعندما قام واحد من أفراد العائلة السنوسية، وبدافع فردي، بقتل ناظر الخاصة الملكية السيد إبراهيم الشلحي رحمه الله، لم تشفع للقاتل كل التوسلات والاتصالات، التي جرت مع الملك إدريس، من قبل العائلة وحتى من قبل زوجته وابنة عمه الملكة فاطمة، على اعتبارها عمة القاتل. إضافة إلى الوساطات الدولية، وعلى رأسها ملكة بريطانيا، التي كانت بلادها تتمتع بنفوذ كبير في ليبيا. وبالرغم من كل ذلك تم تنفيذ الحكم بالإعدام شنقا. وتبع ذلك صدور أوامر ملكية بفرض الإقامة الجبرية على أفراد العائلة السنوسية .
جئنا لنخنبكم !!
في بداية الستينات من القرن الماضي، كلّف الملك السيد محمد عثمان الصيد، بتشكيل الحكومة الليبية. وكان أول شخصية سياسية تنتمي إلى الجنوب الليبي، يصل لمنصب الرئيس. ولقد رفعت حكومته وقتها شعار : [ لقد جئنا لنخدمكم لا لنحكمكم ] فاستبدل الشارع الليبي وقتها كلمة ( نخدمكم ) بكلمة ( نخنبكم ) من باب الدعابة فقط. فلقد عرف عن الرجل، طهارة اليد وحكمة أهل الجنوب. نحن نعتقد الآن وبعد صدور تقرير ديوان المحاسبة للعام 2017، وأرقامه المفزعة عن حجم الفساد، الذي يسيطر على كل نواحي الحياة في ليبيا. نقترح على كل الحكومات والهيئات والأجهزة التي ذكرها وشملها التقرير، أن ترفع شعار : ( جئنا لنخنبكم ونحكمكم ) حتي تثبت لنا عكس ذلك. ورحم الله الآباء المؤسسين، ورحمنا مما هو قادم.