جزء من رواية للمرضى فقط

جزء من رواية للمرضى فقط

معاذ جهاد

إن الألم -لمّا نعتاد عليه- بعد فترة طويلة، لا نشعر بوجعه، فلماذا يقلقني غيابك؟!

أتعرف ما أقسى ما تفعله بنا الطبيعة، التعود والتدرج والنسيان..

إن البشر لمّا تقسو عليهم الطبيعة يبكون، يوجعهم الأمر كثيرا في بدايته ثم تقل وطأته تدريجيا حتى يصبح الأمر معتادا غير مقلق للإنسان..

نخطئ في نطق كلمة، نضيع لعبة نحبها، نرسب في امتحان المدرسة، نفعل شيئا قد نهينا عنه، نقترف خطأ فادحا، تتشاجر مع أحدهم، نخسر من نحب، يموت شخص ما.. في كل تلك اللحظات نشعر في تلك اللحظة أن تلك هي النهاية، وأن حياتنا توقفت عند تلك اللحظة بالذات، وكأننا لن نتجاوز هذا الأمر مطلقا!إنها النهاية..

ثم..

يمر الوقت، سريعا أو بطيئا لكنه سيمر، سيخنقنا من الداخل بمروره، سيمر فوق رؤوسنا كمدرعة، سيتحسس أجسامنا كشوكة، سنرى أن الموت أهون.. لكنه سيمر على كل حال، وسنعتاد الخسارة والفقدان والحزن، سيصبح شيئا من الذاكرة، خلايا حية تتجدد فيما بعد ثم تموت لتموت معها الذاكرة..

والتعود على الفقدان أقسى من الفقدان بحد ذاته، إننا نشيب ونحن نحاول التمسك بذكرى بحدهم، إن الأبواب تئن لمّا لا يطرقها من نحب، وإن الأماكن خالية ولو امتلأت بغير الذين نحبهم

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :