(جَـارَتـنَـا عَمْتِي حَلِيمَة)

(جَـارَتـنَـا عَمْتِي حَلِيمَة)

كتب :: سليمة محمد حمادي 

رحمها الله ،تلك الشخصية والتي فتحت عليها عيناي الصغيرتان حين جمعتنا جيرة طيبة لها عبق المسك في ذاكرتي، كلما استذكرت تفاصيلها بيني و بين نفسي أو مع أحد الجيران كلما جمعتنا صدفة و صار حديث الجيرة التي اختلط فيها الأمر لدي ما بين الشعور بحميمية العلاقه لدرجة الإحساس( بذوي القربى) ما بين الجيران بالرغم أن العلاقة لا تتعدى سوى جيرة ولكنها جيرة طيبة فعلاً.. ولكن لما فيها من ود ونظيره من روابط مشتركة من احترام وتقدير ومحنة وإيثار كلها معانٍ مقدسة لمشاعر تأججت فينا إلى عمرنا هذا …ورغم ما فعلت بنا الأيام والأقدار بتشتيت شملنا ..وأخذتنا جميعاً الحياة كعادتها بمشاغلها وكلّ منا مارس حياته كما قُدر له من الله عز وجل ..إلا أنه كلما تقابلنا في أزقة الحياة ..تشع الفرحه في دواخلنا وتبتسم أعيننا بفرح واشتياق قبل مباسمنا لتلك الأيام الدافئة الجميلة .. حوشنا و حواشين الجيران وألعابنا الشعبية وعادات وتقاليد جبلنا عليها ..ورائحة أطعمتنا الشعبيه تملأ المكان عند الظهيرة ..و أطباقنا المتبادلة بين أيدي الصبية والبنات قبيل كل وجبة ورائحة خبزة التنور الدرناوية المتميزة (بالزهر والكمون والمستكة) تملأ المكان وأفراحنا وأتراحنا وأعيادنا ومناسباتنا الاجتماعية … واعدالة شاهي العشية الممتثلة بروعتها أمام أمي و طبق خبزة التنور المغطاة بمفرش النقيشة و الجبنة و فاكهة الموسم .و(عمتي حليمة ) ذات البشرة البيضاء ضعيفة البنية وحديثها الجميل بصوتها الهادئ و مجالستها اللطيفة (فعمتي حليمة كفيفة البصر) ولكنها بصيرة الفؤاد ..موسوعة في المعلومات العامة فهي حريصة كل الحرص على سماع بعض الإذاعات منها (مونتي كارلو و صوت العرب و لندن و الشرق الأوسط و القاهرة ) تقبل علينا في العشية تقودها حفيدتها (صديقتي الحبيبة ) أبتهج حين أفتح الباب وأجدهما قبالتي يا الله يا لها من فرحة …عمتي حليمة تستمتع بالحديث مع أمي وأحياناً والدي يكون له حظ وافر في تجاذب بعض أطراف الحديث معها حين يكون يتأهب لمغادرة المنزل أو حين مرواحه فيكون الحديث عن السياسة أو الثقافة أو سرد بعض تاريخ المدينة .. و يا الله إذا ذكرت أحداث وادي درنة وزنقة الصنداد وبعض التفاصيل عن جيرة غادروها رغماً عنهم ..يا الله ما هذا الجيل الذي يتجذر فيه الوفاء؟ عمتي حليمة أحسنت تربية أبناءها وحرصت كل الحرص على تعليمهم وحملوا جميعاً شهادات علمية. فلها من الأبناء خمسة أبناء و بنتان. عمتي حليمة وأمي رحمهما الله..تعلمت في مدرستهما.. أن الغيبة والنميمة و الكلام الزائد وحضور الصغار مجالس الكبار كلها عادات سيئة و(عيب) ما أحوجنا …لمثل أكاديمية عمتي حليمة لتعليم الكثير والكثير من الأمهات فن التربيه والسلوكيات ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :