حديث الغريبة 2

حديث الغريبة 2

  • الثريا رمضان

“ثمّة من يكتب الحياة بوجهه، فيصير

 خارطة لطرائق الفرح والتّرح. ثمّة ضحكة تفتح الجبين ثلاثا وما جانَبَ العينينِ ثلاثا، وثمّة وجع يفتح جنبي الفم اثنين أو لعلها ثلاثا، ويُسقط الذقن، ويكسر ما بين الحاجبين فيحفر الجلد عميقا، ولست أدري كم عمق الحفرة صدقا. لم أعد أستطيع لا العدّ ولا القياس يا صديقتي”، هكذا تكلّمت الغريبة وهي تتفرّس في وجهها أمام المرآة.

التفتت نحوي وقالت: “ما بعد الأربعين يخلق صمتا عقيما، تتوالى بعده الانزواءات وتكبر العزلة. ثمّة زمن نصير فيه أصناما يحرّكها العمر على مهل حتّى نصل حفرنا.” عاودت النظر إلى المرآة في قلق غريب، ثمّ تأوّهت، ثمّ ضحكت وهي تقول: “أنا لا أريد تغيير وجهي، بيد أنّي سأضاعف ما تفتّح على جنبيْ عينيّ. ثمّة حكايات تمرّ عبر هذه الشوارع، تأخذ بِيَدِ الأربعين وما تلاها، تبتسم في مداها. ثمّة جبين يحبّ ضحكاتي لتحفره، هذا الجبين الذي أرى الآن أمامي لي، وهذه التموّجات أنايَ. ثمّة أنا تشاهدني اللحظةَ أمرّ عبر المرآة أحمل قلمي ودواتي لأستكمل كتابة التاريخ على أزقّة وجهي الكثيرة.”

استقمت جنب الغريبة أتلمّس وجهي، فقالت: “مازال وجهك مشرقا، لم تمسسه الطبيعة ولا غسلته الأنواء. استمتعي باللنور يخرج من بين عينيك وانطلقي، فالحياة غفلة. لا تكوني مثلي فتضلّي الطريق، كوني بين بين”.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :