نظرتي

نظرتي

  • أ / سالم ابوخزام

كنا نتحلق بعيد المغرب حول حلقة الضوء الخافت التي تصدر من “الفنار “. نتسامر حول ضوءه المنبعث بهدوء ونخط رسومات واشكال هندسية غاية في الروعة والجمال فوق رمال صفراء ، هي كل ما نملك لنفترشها بقناعة في بدايات الحياة الصعبة والمدهشة . تتوقف الحياة حين يحتاج أيا منا ليأخذ “الفنار” للقيام بجولة في ردهات البيت العامر ، فهو مصدر الضوء الوحيد !! ولعله من محاسن الصدف تلك العائلات التي تمتلك “فنار” آخر ليبقي البيت يشع نورا وضياء في كل مكان . ..تتحلق العائلة حوله لتقضي الليل الطويل في مارثون طويل من الحكايات وقد يبلغ مداه ان طال العاشرة مساء ليخلد الجميع الي النوم ، وتنتهي الليلة الريفية باطفاء الانوار في كل ليلة ويبقي الراديو مصدر الأنس الوحيد . ومع الفجر وساعات الصباح الاولى ننطلق في يوم جديد ، واكثر الجمال فيه شعورنا بالضياء الربانية التي تأتي مع أشراقة الشمس التي تشع للجميع !! .. هذا موجز لحياة ريفية في جانب منها فقط وهو (الضوء). هذه ليست حكاية ، أنها الحقيقة في ستينيات القرن الماضي وفي ريفه الذي يعج بألف حكاية واخرى . .. يجب الا نستغرب عودة لتلك الحياة ، مع تعطل كل ادواتها ورفاهيتها الي الوراء !! تخيلوا انقطاع الكهرباء نهائيا ، وضياع ابراجها وانعدامها وتهديم كل ماله علاقة بالحضارة والتقدم ، على ان نعود طواعية ورغبة منا الي الماضى !! .. بالطبع بكامل الرضا والاستحسان ، طالما نحن لا نملك ان نقول لمن اسقط برج الكهرباء وفكك ادواتها وباشر بيعها في وضح النهار ، ونحن لا نقاوم ، فالوطن مملوك لغيرنا ولا شأن لنا به !! ..علينا ان نبدأ التفكير في عودة جمال الحياة وأبهتها بلا هاتف نقال وبدون كمبيوتر وبدون اعمدة النور ، وانني أتوقع اننا قادرون ان نعيش في عالم يكتنفه أشواق السنين الخالية التي مضت ، بلا ثلاجات ومبردات الهواء البارد الذي افسد علينا حياتنا . لنجرب عدة سنوات دونما شاشات وسيارات ومكاوي ، ومكانس فحتما تبدو الحياة أجمل ولقد خبرناها عندما حدثونا فكم كان الزمن جميل ونحن راغبون في العودة اليه !! .. وقد قيل ان الكهرباء مؤشر على تقدم الشعوب والحضارات ، وقد أزف التوقيت الذي نستطيع ان نثبت فيه خطأ هذه الفكرة ، وهذه أنسب الاوقات الأن لدحض هذه الخرافة !! لتدور العجلة بنا نحو الوراء والخلف ، فقد بات أكثرنا يتوق شوقا الي ذلك ، وماذا سيحصل لنا لو اقدمنا على تجربة مثيرة كتلك !! أظن ان الينابيع ستتفجر ويعود الماء للجريان كما كان ، ونعود الي حياة الدواب لعلها اجمل وأكثر بساطة وسمعنا عنها وحولها حكاية واخرى . ..لنعود فقط ، فقديما قيل من ليبيا يأتي الجديد !! أ.سالم أبوخزام ،،

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :