سالم أبوظهير
الحوارات بين الناس ، حالة من الحالات الإنسانية ، التي أنتجها العقل البشري ، واكتسبها تدريجيا من المحيط الاجتماعي، وغالبا ما تكون هذه الحوارات متنفس صحي يتم عبره تواصل الفرد أو مجموعة الافراد فيما بينهم ، ووسيلة مهمة ومتينة لتوصيل الأفكار وتنميتها وتطويرها ، والوصول لنتيجة مرضية بين المتحاورين.
والحوارات متعددة ومتنوعة أهمها الحوارات الفكرية و السياسية والثقافية والاجتماعية، و تختلف باختلاف الاشخاص او الموضوع المتحاور فيه ، وكما فيه الحوار الهادي الوقور ، الصادر من مثقف متمتع بخلق حسن ، يهتم بتوصيل فكرته بهدوء وبساطة ، فيه نقيضه الحوار المتشنج الانفعالي ، الذي يسوده الغضب السريع والصراخ ، وقد تسمع فيه الألفاظ النابية، وإصرار أصحابه لفرض آرائهم بقوة الصراخ ، وربما ينتهي بتبادل اللعنات واللكمات.
فيه الحوار المتفتح وأصحابه على قدر كبير من الثقة بالنفس والوعي واحترام الرأي الأخر والمتفتح فكرياً ، يناقضه الحوار المتزمت من مجموعة أفراد أو فرد متعصب فکریا ، المنغلق على عقيدته الخاصة ، وأفكاره متزمتة ضيقة المدى لا تساير ولا تتعايش مع سنة التطور والتغير. ولا يملك مفاهيم ومعايير سوى المفاهيم المنبثقة من عقيدته . والحوار المتزمت حبله قصير ومداه ضيق وأهدافه لا تتفق مع روح العصر.
كما تختلف الحوارات في الهدف ، فثمة حوارات يهدف المتحاورين فيها الى الاستزادة من المعلومات ، وإثراء الثقافة والاستفادة من خبرات الغير وتبادل الأفكار والمعلومات وتحليلها بموضوعية ، وغالبا مانتج عن هذه الحوارات ، اكتشاف جوانب متميزة وفتح آفاق جديدة واستنتاج أراء بناءة يمكن تطويرها . ومثل هذا الحوار تستند غالباً لأسس سليمة وقواعد محددة وواضحة .
ونقيضهم ذوو، الذين النفوس الصغيرة و العقول الضحلة لا يتحاورون إلا رغبة في المهاترة وقلب الحقائق وحب الظهور والمناكفة بغير علم لتحقيق هوى في النفس أو منفعة شخصية ضيقة . وقلما ان تنتج هذه الحوارات فائدة او تضيف جديد لأنها عقيمة منغلقة سطحية وغير منتجة . ترفض أي فكرة جديدة تستند على منطق ، و تتشبث بفكرة أو أفكار قديمة ، و غير ذات جدوى مخزنة في ذهن المتزمت لا يمكنه التسليم بأي حقائق اخرى غيرها.
وهذه الحوارات الهادئة ، شأنها شأن أي نشاط تفاعلي اجتماعي بين الأفراد ، تحتاج لمران وخبرة عند ممارستها ، ويتطلب الالتزام بمهارات يكتسبها و يطورها وينميها الفرد بشكل تدريجي، منها أن اتفاق المتحاورين ، على أن يكون اهتمامهم منصبا على مضمون او موضوع الفكرة في حد ذاتها ، دون الانجرار للشكليات و شخصنة الحوار. وأن يكون المتحاورين على علم كاف بموضوع الحوار. ولديهم الاستعداد للاستماع وتقبل الاخر والاعتراف بالخطأ واختيار الألفاظ السهلة لتوصيل الفكرة بكل هدوء وبلا أي انفعال .