تقرير/ زهرة موسى
تكابد شريحة واسعة من العاملين في القطاع الخاص من ممارسات استغلالية من قبل بعض مديريهم ، حيث يُفرض عليهم العمل لساعات طويلة دون تعويض عادل أو توفير بيئة عمل مناسبة.
ورغم وجود تشريعات تحمي حقوق العمال، إلا أن البعض يجد نفسه مضطرا للقبول بشروط عمل غير عادلة بسبب ضغوطات اقتصادية أو خوفًا من فقدان وظائفهم.
و في ذات السياق أكدت بيانات رسمية صادرة عن مدير إدارة الدراسات والبحوث بمصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى أن عدد العاملين بالقطاع الخاص يبلغ 300 ألف موظف حيث أوضح خلال مشاركته في اجتماع حكومة الوحدة الذي عقد في العام المنصرم في 17 مايو 2023، أن حجم القوى العاملة في ليبيا يبلغ 2.6 مليون نسمة، بواقع 2.3 مليون في القطاع العام، و300 ألف في القطاع الخاص، لافتًا إلى أن عدد العاملين بالشركات والمصانع يبلغ 96 ألف موظف، بالإضافة إلى 230 ألفًا يعملون بالأنشطة الفردية.
وتابع أن نسبة البطالة التي تسجلها وزارة العمل تبلغ 12% وهي تمثل جميع الباحثين عن العمل، بمن فيهم العاملون في أعمال فردية أو خاصة.
الصحة و المطبوعات أكثر قطاعين يتم استغلال العاملين فيهما.
تقول ” رابحة عبد القادر “مكتب طباعة” أحد أهم الأسباب التي تدفع بالشباب للعمل بالقطاع الخاص هو الوضع المادي الصعب ، و كذلك من مميزاته أن معظمه قد لا يحتاج إلى ضرورة وجود شهادة تخصص للعمل به ، و أيضا من مساوئه أنك قد تكون بمستوى تعليمي معين و لحاجاتك تضطر للعمل في مجال أقل مما تستحق.
و تضيف ” يتعرض العديد للاستغلال من قبل مديريهم بالقطاع الخاص خاصة في قطاعي ( الصحة و المطبوعات ) من ناحية قلة المرتبات ، حيث تبدأ المرتبات من 150 دينارا و لا تتعدى 400 دينار شهريا ، و من يكسر القاعدة يحارب .
توضح ” يضع أرباب العمل في القطاعين السابق ذكرهما سقفا معينا للمرتبات و لا يمكن لأي منهم أن يخالف ذلك بزيادة مرتبات موظفيه ، تجد بأن الرواتب في المنطقة الشرقية و الغربية أفضل بكثير من المنطقة الجنوبية بحيث تصل إلى 800 و أكثر ، فلهذا تجد أن أكثر الشباب و الفتيات ينتقلون للعيش بتلك المناطق بحثا عن فرص أفضل للعمل و تحسين مصادر دخلهم .
لا ضمان لحقوق الموظفين.
و ذكرت “زينب أبوبكر فنية مختبرات ” في القطاع الخاص لا يوجد ضمان لحقوق الموظف ، بحيث يستطيع المدير في أي لحظة أن يطردك بدون أن تتحصل على حقوقك كاملة ، أتمنى أن يتم وضع قانون يفرض عليهم توقيع عقود عمل في القطاع الخاص حتى يضمن العاملون حقوقهم و لا يتم ظلمهم.
و تقول ” كنت أعمل بأحد مختبرات المدينة واضطررت لترك العمل بسبب الأسلوب الفظّ للمدير ، وبقيت بدون عمل لفترة حتى وجدت غيره ، و لكن عديد العاملين في هذا القطاع يعانون بشكل كبير جدا و يجب العمل على تنظيم هذا القطاع.
مرتبات ضعيفة و ساعات عمل طويلة.
تروي ” زينب المبروك ” ممرضة ” عملت لسنوات طويلة بقطاع الصحة ، هذا المجال فتح لي آفاقا للتعامل مع مختلف الشخصيات ، و كسبت معارف و كونت قاعدة اجتماعية جيدة ، لهذا القطاع عديد المحاسن كما أردفت ، وفي المقابل هناك مساوئ عدة ، كنت أتقاضى 250 دينارا شهريا ، و أدفع 100 دينار ثمن المواصلات فيتبقى 150 دينارا ما بين احتياجاتي الخاصة و احتياجات المنزل أفلس قبل نهاية الشهر ، تشعر و كأنك تعمل بالمجان ، و هذه أكبر معضلة قد تواجه العاملين بهذا القطاع ، أتمنى أن يتم رفع سقف المرتبات و لو قليلا ، تقديرا لهذه الجهود ، خاصة أن ساعات العمل طويلة و في المقابل الرواتب ضعيفة جدا .
شروط صعبة للتضييق على العاملين.
ترى ” عائشة محمد ” ممرضة ” العمل في القطاع الصحي أمر متعب و مرهق جدا ، و لكن بشكل عام لا يتم تقديرنا بالشكل الكافي ، فأنا عملت في إحدى العيادات لعدة أشهر و بسبب طبيبة جديدة حصل بيننا سوء تفاهم تم طردي من العيادة ، دون أن يتم إنصاف الحق ، أنا أصرف على أسرتي و بقيت بعد ذلك دون وظيفة.
و أشارت ” يضع العديد من المديرين شروطا صعبة للتضييق على العاملين بحيث لا يمكنك الغياب حتى في الحالات الطارئة عليك إيجاد بديل مكانك و على الرغم من ذلك يتم الخصم من راتبك .
طرد دون تعويض.
تقول ” منى إسماعيل ” مكتب طباعة ” لازلت حديثة في هذا المجال ، و لكن من وجهة نظري أن أكثر عوائق العمل في هذا المجال هو ، أنه بإمكان الإدارة طردك بدون أي وجه حق دون أن توفيك بحقوقك كاملة ، فأعرف زميلة كانت تعمل بأحد المكاتب و تم طردها لأن الإدارة شكت في نزاهتها و دون وجود أي دليل على إدانتها قاموا بطردها و هضم حقها .
تعرب ” زهرة محمد ” للاستغلال في القطاع الخاص أوجه عدة فقد يطلب رب العمل من الموظف العمل لساعات إضافية و لكن دون زيادة في الراتب ، ومع هذا يضع قيودا كثيرة تكبل الموظف ، و لكن لأن العديد من العاملين ليس لهم خيار آخر يرضخون لكل هذه القيود لتوفير لقمة عيش لهم و لأسرهم.
و ذكرت ” هبة أحمد ” مكتب طباعة ” نتعرض كثيرا للاستغلال من أصحاب المكاتب ، فأنا كنت أعمل ما يعادل عمل 3 موظفين ( طباعة و تصوير و إدارة المكتب ، محاسبة و جرد ) ، و كنت مسؤولة عن المكتب بكل ما فيه ، أعمل دوامين و أتقاضى 500 دينار فقط في الشهر ، و لا توجد إجازات و لا غياب ، وبالرغم من أنني أدير العمل ككل إلا أنه لم يكن يقدر كل ذلك ، و كان دائم الشكوى و التذمر ، و كنت أتحمل كل ذلك حتى لا أبقى دون عمل ، و في النهاية قام ببيع المكتب لشخص آخر دون أن يخبرني ، على الرغم من أننا اتفقنا على أن يبيعه لي ، خان الاتفاق و اضطررت لترك المكتب بعد ذلك.
أردفت “يستمر أصحاب القطاع الخاص في استغلال كل جهودنا لأنهم يعون تماما بأننا مستحقون للمال ، أطمح الآن أن أفتح مكتبا خاصا بي ، و قمت بتوفير بعض الأجهزة و مازلت أعمل على شراء الباقي ، حتى أفتتح عملي الخاص و لا أعمل عند شخص استغلالي .
ذكرت ” مريم محمد ناشطة مدنية ” يجب تعزيز دور وزارات العمل و الهيئات الرقابية للرقابة على تطبيق قوانين العمل وضمان عدم التلاعب بحقوق العاملين مثل الرواتب وساعات العمل وسلامة الموظفين. وتفعيل دور التفتيش العمالي بشكل أكبر.
و أردفت ” يجب على منظمات المجتمع المدني العمل على توعية العاملين في هذا القطاع، الإدارة و الموظفون بطريقة فعالة وبعيدة عن الاستغلال.
وسائل الإعلام تسلط الضوء على استغلال العمال.
ونوهت” لا ننسى وسائل الإعلام التي لها دور حاسم في تسليط الضوء على قضايا استغلال العمال فيمكن أن يدفع الضغط الإعلامي الجهات المعنية إلى التحرك بشكل أسرع وأكثر فعالية لمعالجة المشكلة.
تضيف ” وصال ” محامية و موظفة بالمجلس الوطني للحريات و حقوق الإنسان ” بالنسبة للقوانين التي تنظم الأجور بين الموظف و رب العمل سواء إن كان عملا عاما “حكوميا” أو خاصا هي قانون العمل الليبي رقم 12 الصادر في سنة 2010 ، و لكن تختلف في حال العمل في المجال القانوني ، لأنه توجد لوائح داخلية تنظم العمل وهي صادرة عن النقابة
ذكرت ” لا يمكن مقاضاة الإدارات بالجهات الخاصة إلا في حال وجود عقد عمل بينهم و بين الموظف ، و في حال وجود عقد يلزم بتعويض مادي عن الضرر الذي تعرض له الموظف.