دبلوماسية الشعوب

دبلوماسية الشعوب

كتبه :: حسن منصور الوافي

شاركت يوم الاثنين 27 نوفمبر 2017 في لقاء أخوي مع ممثلي الجالية الأفريقية والطلبة الأفارقة في ليبيا، وكانت سعادتي غامرة بالحوار البناء والعفوي من القلب إلى القلب الذي دار في هذه الجلسة ولمسنا فيه محبة وتقدير عميقين من الأفارقة الذين عاشروا الشعب الليبي إلى ليبيا وأهلها.

شعر كل من حضر اللقاء عمق العلاقات الأخوية التي تجمع الشعب الليبي مع الشعوب الأفريقية والتي لا يمكن أن تنال منها إدعاءات مغرضة ومشينة، وعبر الأفارقة عن وقوفهم إلى جانب ليبيا في مواجهة الحملة الإعلامية التي قادتها ما وصفوها “بالدول الاستعمارية” في محاولة لزرع الفتنة بين أبناء الجسد الواحد #أفريقيا.

وكان تأثرنا نحن الليبيين كبير جداً لما لمسناه عند الجالية الأفريقية من وعي وإدراك لحجم وحقيقة المؤامرة ليس فقط على ليبيا ولكن على كل القارة الأفريقية، وتفاجئنا بمدى الحرص على سمعة ليبيا عند الأفارقة ونفيهم القاطع لكل الإدعاءات التي ساقتها المذيعة السودانية الأصل في شبكة CNN الأمريكية من وجود أسواق لبيع البشر في ليبيا بالمزاد العلني.

وقد علقت زميلة شاركت في اللقاء بأن ما ذكره ممثلي الجالية الأفريقية لو نُقل إلى العالم لكان كفيل بالرد على هذه الإدعاءات وتفنيدها بالكامل (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا).

فقررت أن أتكفل بنقل ولو جزء مما ذكره أشقائنا الأفارقة إلى أبناء الشعب الليبي ليطمئنوا على أن الخير الذي فعلته ليبيا في الشعوب الأفريقية منذ إستقلالها ودفاعها المستميت عن حقوقهم ودعمها لنضالهم من أجل نيل حريتهم واستضافتها للملايين على أرضها من عمالة أفريقية وافدة وكذلك المليارات من الاستثمارات التي ضختها ليبيا في الدول الأفريقية وجهود الدعوة الإسلامية لم تذهب هباء، وأن الإنسان الأفريقي من شيمته الوفاء ويملك الحس السليم للتفريق بين الأصدقاء والأعداء، وصدق الشاعر العربي حين قال:

(مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ, لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ.)

–     أدريس – السنغال:

“الغرب يستخدم سياسة (فرق تسُد) وهناك خشية من إنتشار الإسلام في أفريقيا خصوصاً في منطقة غرب أفريقيا والتي تُعتبر منطقة نفوذ تقليدية لفرنسا، ولسد الطريق أمام هذه المحاولات علينا أن نتكاثف كجالية أفريقية مع الشعب الليبي لفضح زيف إدعاءاتهم”

–     محمد ناصر – بوركينا فاسو:

الإعلام يضاعف الشيء الواحد إلى مائة وخصوصاً الغرب، وليبيا عضو في الإتحاد الأفريقي وعليها أن تطلب منه مساعدتها في حل أزمتها لأن الغرب لا يريد الخير لنا. الإعلام الأمريكي مسخر لخدمة السياسة الأمريكية، ونحن نعيش الواقع ولا ننكر وجود بعض الإنتهاكات الفردية ولكن المواطن الليبي أيضاً معرض لها”

–     ماما سودا – التوجو:

“نستغرب أن نتلقى من أهالينا في دولنا فيديوات عن ما يحصل في ليبيا ونحن نعرف بها”

–     سواري – غامبيا (المنسق السابق للجالية الأفريقية في ليبيا):

“المشاكل التي تحصل للسود في أمريكيا لا تنقلها CNN، ونحن نعاني من مطامع الدول الاستعمارية حتى الآن. نجد الأفارقة يعيشون في طرابلس بشكل طبيعي، ويجب أن ندافع عن أنفسنا وليس عن ليبيا فالمستهدف كل الأفارقة ”

هذا غيض من فيض دفاع الأفارقة عن ليبيا – الأمر الذي يجعلنا نتأكد أن الحملة التي أطلقتها قناة CNN وتلقفها بعض ساسة الغرب قد فشلت في مآربها بتأليب الأفارقة على ليبيا وحرف الأنظار عن جدار الفصل الحديدي الذي تقيمه أوروبا في المتوسط لإيقاف تدفق المهاجرين إلى أراضيها وتحويل القضية إلى جريمة الاتجار بالبشر وتحميل ليبيا المسئولية عنها في محاولة للضغط عليها للقبول بحل مشكلة المهاجرين على حساب أمنها واستغلالا لظروفها السياسية المضطربة لتوطينهم في أراضيها.

الدرس الأهم الذي خرجت به من مشاركتي في هذا اللقاء هو أن العلاقات بين الشعوب هي الأعمق والأصدق والأكثر تأثيراً، ولدى فإن “الدبلوماسية الشعبية” أو المباشرة والموازية للدبلوماسية الرسمية، تكتسب أهمية مضاعفة خصوصاً في ظل إنتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتي أصبحت أكثر تأثيراً وانتشاراً من القنوات والصحف العالمية التي تخضع سياستها التحريرية لأجندات الدول التي تتبعها ومن يمولها وتستخدم لتنفيذ سياسات خارجية تخرج بها عن المهنية والمصداقية التي يفترض فيها أن تلتزم بها عند تغطية قضايا ذات حساسية وتمس العلاقات الإنسانية بين الشعوب.

وأيضاً نبهتني إلى ضرورة أن نستمر بالالتزام بأخلاقياتنا وديننا وإنسانيتنا في التعامل مع ضيوفنا الأفارقة وأن نحسن وفادتهم وأن لا نسمح بحصول أي انتهاكات في حقهم من ضعاف النفوس الذين يحاولون إستغلال معاناتهم خلال رحلات الهجرة إلى أوروبا فهم عابرون لأراضينا وعلينا دائماً أن نعلي القيم الإنسانية على مخاوفنا الأمنية والسياسية

قال الشاعر عبد قيس بن خفاف:

“والضَّيْفَ أَكْرمْهُ فإِنَّ مَبِيتَهُ

حَقٌّ، ولا تَكُ لُعْنَةً لِلنُّزَّلِ

واعلمْ بأَنَّ الضيفَ مُخْبِرُ أَهْلِهِ

بِمَبيتِ لَيلتِهِ وإِنْ لم يُسْأَلِ ”


 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :